* هل اختلفت الأغنية الكويتية قديما عما هي عليه الآن؟

- بالتأكيد، واختلاف جذري من جميع الجوانب، فقديما كنت تستطيع تمييز اللون الكويتي من مطلع العزف، وقبل أن يبدأ المطرب في الغناء بالإيقاع واللحن ثم الكلمة، وهي الثالوث الذي ميز الأغنية ومنحها هوية وطابعا خاصا تفردت به، الأمر نفسه ينسحب على الأغنيات السعودية التي حملتها أصوات مازالت راسخة في الوجدان، مثل طلال مداح ومحمد عبده، وقس على ذلك جميع الاغنيات الخليجية. الآن تبدل الحال وأصبحت الأغنية هجينا لا تعرف لها هوية، والأمر نفسه ينطبق على جميع الدول العربية، فلم تسلم مصر كذلك ولا لبنان.

Ad

* تربطك بالعود علاقة خاصة؟

- نعم، أعزف على العود ومغرم به منذ الصغر، وتعلمت العزف عليه لأنني من عشاق أنغامه الشجية التي تترجم مشاعر وأحاسيس الفنان وتداعب القلوب، أستمتع عندما أتأبطه وأطلق ليدي العنان لتضرب الأوتار، فتخرج الأنغام محملة بعبق الماضي الجميل. الآن اختلف الوضع قليلا، بسبب انشغالي مع الأسرة والأبناء والأحفاد.

بعد خليجي

- ماذا عن تعاوناتك على المستوى الخليجي؟

- للبعد الخليجي أهمية كبيرة في مشوار أي فنان، لأننا مجتمع واحد تظلنا سماء واحدة، لذلك تجد تقاربا في الأهتمامات الفنية أيضا، وقد تعاونت مع عدد من الملحنين الخليجيين والعرب ومنهم خالد الشيخ في أغنية "محبة القلب" من كلمات علي الشرقاوي، وأيضا لحن لي من السعودية الفنان سراج عمر "سرى ليلي" من كلمات الشاعر الأمير بندر بن عبدالمحسن ونجحت نجاحا كبيرا في السعودية، وأيضا الملحن د. عبدالرب إدريس غنيت له من الامارات ومن كلمات ابراهيم جمعة، أي انني تنوعت ألحاني.

* متى وصلت الأغنية الكويتية إلى محيطها العربي؟

- في السابق كانت وسائل الإعلام تقتصر على الصحف والتلفزيون، والأخير لم يكن يصل إلى دول كثيرة، عكس الوضع الحالي، إذ ساهمت الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي في وصول الفن الكويتي والخليجي إلى مشارق الأرض ومغاربها، وأيضا تفتحت آفاق الجمهور على الوان غنائية جديدة من دول مختلفة، ورغم محدودية وسائل الإعلام وقوة تأثيرها في السابق فإن الشيخ جابر العلي وزير الإعلام، رحمة الله عليه، ساهم في تعزيز مكانة الأغنية الكويتية من خلال استقطاب كبار المطربين العرب ليقفوا على مسارح الكويت ويقدموا أعمالهم هنا مثل كوكب الشرق ام كلثوم وعبدالحليم حافظ الذي غنى "يا هلي" و"فرحة السمار" وفايزة أحمد التي شدت من اعمال عوض الدوخي "صوت السهارى"، لذلك كان لدى الشيخ جابر العلي بعد نظر ورغبة في تطوير الفن الكويتي وأن يضع الديرة على خريطة الفن العربي في وقت مبكر، لذلك كانت تعتبر تلك الحقبة هي العصر الذهبي للفن الكويتي.

200 أغنية إذاعية متنوعة

كشف الفنان مصطفى أحمد عن مجمل الأغنيات التي قدمها لإذاعة الكويت وبثت عبر الأثير، وذلك في مناسبات عدة، سواء كانت وطنية او عاطفية، وقال: «قدمت خلال مشواري الفني ما يقارب 200 أغنية للإذاعة، متنوعة، منها الوطني والعاطفي، او تلك التي تزامنت ومناسبات مختلفة، وأعتز بها جميعا، وأقربها والتي دائما تطلب مني حتى وقتنا هذا أغنية «ما دريت»، وسامرية «ترى الليل عودني على النوح والسهر»، رغم ان عمرهما تجاوز الـ 30 او الـ40 عاما، غير أن الجمهور مازال متعلقاً بهما، ويطلبهما في كل مناسبة، وهذا أبلغ دليل على أن مثل هذه الأغنيات تتحدى عنصر الزمان، ومازالت صامدة لانها نتاج قلوب محبة ومشاعر صادقة».

الكسل والإحباط

* الاعتزال شائعة طاردتك كثيراً؟

- مع الأسف، ولكن حقيقة الأمر أنني لم أعتزل الغناء، ولكن بعد التحرير تم الغاء الفرقة الموسيقية بالإذاعة، فأصابنا الكسل والإحباط، لاسيما خلال تلك الفترة العصيبة التي مرت بها الكويت، وأصبحت الشركات لا تنتج، وتغير الوضع كثيرا، واقتصر الأمر على تكليفات من وزارة الإعلام بتسجيل أغان وتنفيذها ما بين الكويت ومصر، أضف إلى ذلك أن الحياة تغيرت وجرفتنا مشاغل الحياة ومشكلاتها المختلفة.

* لماذا عزف كبار المطربين عن الغناء حاليا؟

- هناك أسباب عديدة، أولها إلغاء الفرقة الموسيقية بالاذاعة، وذلك بعد التحرير، وثانيها اثار الفتور والكسل لدى جيلي من المطربين لانه كان من المفروض ان توجد فرقة موسيقية يداوم اعضاؤها يوميا بالاذاعة، ومع الأسف انفرط عقدها، وعندما يكون هناك تسجيل لعدة اعمال يتم تكليف احدى الفرق الموسيقية من الخارج او يذهب الفنان إلى القاهرة.

* مازلت تنظر إلى الفن على أنه هواية؟

- نعم، ولن أغير قناعتي تلك، طرقت أبواب الساحة الفنية كهاوٍ ومضيت على هذا الدرب لسنوات وأنا على قناعة تامة بمبدأ الهواية، لأن لكل منا حياته الخاصة والعملية، كنت موظفا وإلى جانب عملي أغني في الإذاعة، بينما هناك مطربون احترفوا الغناء واصبحت حياتهم كلها تدور في هذا الفلك، ما بين إحياء حفلات وتسجيل اغنيات وسفر بين دول عدة للمشاركة في مناسبات، وأصبح الفن هو مصدر دخلهم الوحيد.

كلمات «محبة القلب»

محبة القلب

محبة القلب من صوبك محيناها

وبحور اللي خبرك بها نشف ماها

بان الجفا منّك واطباعك عرفناها

ياما سهرنا الليل نكتب أماني كبار

الكلمة ريحة هيل والهمسة لمسة نار

انت البحر لي سقى وانا الشقا بحار

مايك نشف بالحكي خل البكي للغير

طبعك رقود الضحى وطبعي غناوي الطير

ريّح سفينك زمن خلني ادش الخير

لما يحن الزهر يطلع من اوراقه

والطير لما يحن تتناثر اشواقه

والحب منهو مشى في خطوة حرّاقه

من حب قلبه كبر ضاقت عليه لنجوم

اللحظة عندي عمر والفرحة عندك يوم

أنا الهوى ما كبر اسقي المحبة دوم

وزارة الإعلام

* ولكنك انتسبت في مرحلة من حياتك إلى وزارة الإعلام؟

- قرر وزير الإعلام حينها الشيخ جابر العلي تشكيل لجنة وانتقاء بعض المطربين ونقلهم من مقار عملهم إلى وزارة الإعلام، التي كانت تسمى حينها وزارة الانباء والارشاد، وكنت ممن نقل إلى جانب سعود الراشد وعوض الدوخي، وذلك للتفرغ ولتيسير عملية تسجيل الأغنيات التي كانت صعبة جدا. وكانت للعلي رحمة الله عليه مواقف مشرفة مع المطربين والعازفين ايضا، وكل من يساهم في صناعة الأغنية الكويتية.

* كم المدة التي يستغرقها تسجيل الأغنية في ذلك الوقت؟

- الأمر لا يتوقف فقط على المدة الزمنية، وإنما أيضا على الصعوبة، لم يكن الأمر متيسرا كما تفعل التكنولوجيا الحديثة الآن، كان على المطرب أن يجالس العازفين والملحن والصوتيين على مدار اليوم، وفي حال وقع احدهم في الخطأ يجب علينا جميعا ان نعيد تسجيل العمل كاملاً، وقد يستغرق تسجيل الأغنية الواحدة يومين للخروج بـ 5 دقائق فقط، أما الآن فالأغنية تتكون من مجموع" تراكات" يتم تسجيل كل منها منفردا، كما يتم تعديل أصوات المطرب والمجموعة ولا يكون الصوت على حقيقته، كما في الماضي. تدخل الكمبيوتر في كل شاردة وواردة، وأحكم قبضته على صناعة الأغنية.

* تغيرت ملامح الحياة حالياً عما كانت عليه قديما؟

- في كل شيء، كانت المعاشات قديما بالروبية او 60 دينارا في الشهر. الآن الآلاف لا تكفي، التطور القى بظلاله على كل نواحي الحياة، وليس فقط في الكويت، ولكن في جميع انحاء الوطن العربي، وتلك سنة الكون: التطور والتغير، ويكفي نظرة في كتب التاريخ لنتعرف على واقع دول قد اندثرت واخرى تشكلت وما إلى ذلك.

الاحتفاء بالمبدعين

* ماذا يعني لك التكريم؟

- الكثير، وقد سعدت بتكريم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في ختام فعاليات مهرجان القرين الثقافي بدورته الرابعة عشرة، سررت جدا لهذه اللفتة الكريمة، وأيضا كرمني محافظ حولي الشيخ احمد النواف الذي اتوجه له بالشكر على هذا الاحتفاء والتقدير، وكانت لفتة طيبة أسعدت الاهل والأصدقاء، وأقدر هذا الاحتفاء بالمبدعين، وهو أفضل من تكريم الفنان بعد رحيله، لأن تقديره وهو على قيد الحياة بمثابة رد اعتبار له، ويختزل كل معاني الشكر والثناء على ما قدم خلال مشواره الفني. وأتمنى ان يعمم ويستمر هذا النهج.

* هل مازلت على تواصل مع وزارة الإعلام؟

- نعم، وأحصل حاليا على تكليف بتسجيل 4 او 5 أغنيات على مدار العام اسجلهم بين مصر والكويت، ولكن أصارحك بأنني أفتقد الشعراء والملحنين الذين كنت أتعاون معهم، خصوصا أنني وصلت لمرحلة عمرية من الصعب أن اغني اي شيء، ويجب ان اختار الموضوع المناسب.

«عمر الورد»... تعاونٌ ذو طابع خاص مع محمد الموجي

تعاون الفنان مصطفى أحمد مع الموسيقار المصري الراحل محمد الموجي في أغنية «عمر الورد»، وحول هذه المحطة في حياته يقول: «جمعتني مع الموجي صداقة خاصة، إذ تعرفنا في الكويت وتوطدت علاقتنا وكنا نتبادل الزيارات وسمعت منه على أوتار عوده ألحانا لكبار المطربين، قبل ان تطرح في الاذاعة والتلفزيون والحفلات المقامة لكبار المطربين الذين تعاون معهم، وعرض علي فكرة الغناء باللهجة المصرية كثيرا، ولكني كنت مترددا، وقلت له في مصر اسماء كبيرة مثل عبدالحليم حافظ وفايزة احمد وفريد الأطرش، أما أنا فلوني خليجي. وخلال أحد اللقاءات عرضت عليه فكرة أغنية «عمر الورد»، وبالفعل لحن العمل وهو من كلمات الشاعر مبارك الحديبي، ولعل ما ميز الأغنية أنه باللهجة البيضاء وانتشر عند قطاع كبير من الجمهور.