ذكر الإمام النووي، في «باب الصبر» في كتابه «رياض الصالحين»: روى الإمام مسلم، عن صهيب (رضي) أن رسول الله (ص) حكى عن غلام أرسله الملك ليتعلم السحر، وكان يمر خلال ذهابه للساحر براهب، فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه، وحينما وجد دابة عظيمة، قد حبست الناس، أخذ حجراً، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر، فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بُنَيَّ أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستُبْتَلَى، فإن ابتليت فلا تدل عليَّ، وكان الغلام يبرئ الأكمة والأبرص، فسمع جليس للملك كان قد عمي، فطلب من الغلام أن يشفيه، فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فآمن بالله تعالى فشفاه الله.فذهب الجليس للملك فسأله: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي، قال: أَوَ لكَ ربٌ غيري؟! قال ربي وربك الله، فعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمة والأبرص، فقال: إني لا أشفي أحداً، إنما يشفي الله تعالى، فعذبه حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب، ورفض هو وجليس الملك الرجوع عن دينهما، فقتلهما شقا بالمنشار.
ثم جيء بالغلام فأبى الرجوع عن دينه، فأمر جنوده برميه من فوق الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فُعل بأصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، فأمر جنوده بقذفه في البحر، ولما توسطوا به البحر، قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فانكفأت بهم السفينة، فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك، وقال له: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: ما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، وفعل كما قال، ثم رماه فوقع السهم في صُدغِهِ، فوضع يده في صدغه فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، فقيل للملك قد آمن الناس، فأمر بالأخدود بأفواه السِّكَكِ فخُدَّت، وأُضرم فيها النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأقحموه فيها، ففعلوا، حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق.
توابل - دين ودنيا
دماء الأولياء : الراهب والغلام وجليس الملك
25-05-2018