حتى بعد انهيار المحادثات بين "تي موبايل" (T-Mobile) و"سبرنت" (Sprint) في نوفمبر الماضي لم يفقد الرئيس التنفيذي لشركة "تي موبايل" جون ليغر الأمل في تحقيق هدفه المرجو، ويعتقد أن الجمع بين شركته اللاسلكية من الفئة الثالثة و"سبرنت" من الفئة الرابعة يمكن أن يحقق وفرا يصل الى عشرات المليارات من الدولارات، ويخلق شركة ذات ثقل، تستطيع مواجهة الشركتين الرائدتين في السوق وهما إيه تي آند تي وفيريزون.لكن ليغر لم يحصل إلا بعد عدة أشهر على فرصة جديدة لاستئناف محادثات الاتفاق، من خلال وثيقة مسربة من البيت الأبيض حول الجيل الخامس من نظام الاتصالات اللاسلكية المعروف باسم 5 جي (5G).
واقترحت هذه الوثيقة، وهي نتاج قلق جهاز مجلس الأمن القومي الأميركي من أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة في تطوير تقنيات 5G، تأسيس شبكة حكومية تدعى "نظام آيزنهاور الوطني لعصر المعلومات".
شبكة مؤممة
وليس لدى ليغر اهتمام بشبكة 5G مؤممة، لكنه أدرك أن البلاغة المقلقة في القضية يمكن أن تطرح، وكانت جهات التنظيم المقاومة للتجميع الضخم للرساميل عارضت منذ زمن طويل خفض عدد شركات اللاسلكي الرئيسية من أربع الى ثلاث. لكن الجمع بين "سبرنت" و"تي موبايل" سيوفر موارد أكبر لاقامة نظام 5G بسرعة تفوق قدرة واحدة على تحقيق ذلك بصورة مستقلة. وساعدت المجادلة ليغر على إقناع شركته الأم دويتش تليكوم وماسايوشي صن، وهو رئيس سوفت بنك المالك للأكثرية في شركة سبرنت لابرام اتفاق الاندماج.وأبلغ ليغر مجلة فورتشن بعد اعلان الاتفاق بقيمة 26.5 مليار دولار، والذي سيبقيه رئيساً تنفيذياً للشركة الجديدة، أن "ادراك الولايات المتحدة لدور دول متخلفة عنها مثل الصين وامكانية ما يمكن أن نحققه معا أصبح نقطة دفع لهذا التوجه اللافت".ورغم ذلك لم يقتنع البعض. ويقول بروفيسور الاقتصاد في جامعة نيويورك وخبير التليكوم نيكولاس ايكونوميدس: "بغض النظر عن طريقة صياغته ليس 5G مبررا مشروعا لهذا الاندماج"، كما يجادل في أن شبكات 5G الجديدة تبعد عدة سنوات، وأن المبرر الحقيقي للاتفاق هو الأسعار الأعلى. ومن الأفضل أن تكون مجادلة 5G مقنعة، لأن خبراء مقاومة التجمع الضخم للرساميل يرون أنه لم يتغير الكثير في سوق اللاسلكي منذ أن قضت إدارة أوباما على أول جهد من جانب تي موبايل وسبرنت للاندماج في سنة 2014، ومحاولة إيه تي آند تي في 2011 لشراء تي موبايل.ديناميكية التعاون
وعلى الرغم من قول الشركتين انهما ستنافسان بقوة أكبر اذا اتحدتا – ووعدتا بعدم رفع الأسعار – يقول خبراء الاقتصاد إن الحوافز تتوجه نحو مزيد من ديناميكية تعاون عندما يتقلص العدد في السوق من 4 الى 3 شركات رئيسية.ويقول موريس ستاك، الذي دافع في قضايا قانونية لمصلحة قسم مقاومة التجميع الضخم للرساميل في وزارة العدل الأميركية، ثم ساعد في الدفاع عن شركة مايكروسوفت عندما تعرضت لمقاضاة في تسعينيات القرن الماضي، يقول: "لقد سمعنا كل هذا من قبل. وما من شيء يشير الى أن القسم أخطأ في المرتين الأخيرتين".وعندما تسلم الرئيس دونالد ترامب السلطة مع أجندة مؤيدة للعمل التجاري ألمح الكثيرون الى لمسة أخف حول مراجعات الاندماج. ولكن حتى الآن على الأقل نشطت جهات التنظيم المقاومة للتجميع الضخم للرساميل في إدارة ترامب، من خلال السعي الى حجب اندماج إيه تي آند تي وتايم وارنر، ومنع الجمع بين درافت كنغز وفان ديول، وحتى الى التحرك لحماية المنافسة في السوق للركب الاصطناعية عبر منع أوتو بوك هيلث كير من الاستحواذ على شركة فريدوم انوفيشنز المنافسة.ويقول ديفيد توريتسكي، وهو نائب مساعد سابق لوزير العدل الأميركي لمحاربة التجميع الضخم للرساميل "من الخطر دائماً المراهنة على أن قسم محاربة التجميع الضخم للرساميل سينظر بصورة مختلفة الى قانون الاندماج نتيجة تغير الوجوه، ويبدو كبير محامي ترامب لشؤون محاربة التجميع الضخم للرساميل ماكان ديلراهيم مثل منفذ جدي يتمتع بخبرة".جهود ثنائية
وحاولت تي موبايل وسبرنت محاربة هذه الرواية من خلال الاشارة الى قلة من العناصر الجديدة وخاصة خدمات عمالقة كيبل التلفزيون كومكاست وتشارتر كوميونيكيشنز. ولكن اضافة الى الحصة السوقية الضعيفة التي تتمتع بها شركتا الكيبل في الوقت الراهن فإنهما تستأجران خدمات لاسلكية من فيريزون ولم تؤسسا شبكاتهما الخاصة، ما يحد من قدرتهما على خفض الأسعار.ويعني ذلك أن الأمور ستنتهي على الأرجح الى 5G، وقد نجحت كوالكوم في اقناع البيت الأبيض بحجب محاولة استحواذ برودكوم غير المرغوبة قائلة إن الاتفاق سيبطئ من اندفاعها نحو 5G. ويرى ليغر من "تي موبايل" أن مجادلة مماثلة تساعده على نيل الموافقة، مضيفا: "نحن نعلم كل الطرق التي سينظرون اليها ازاء هذه الأسئلة، والأجوبة كلها في مصلحة كل الأطراف المعنية".