عضو الديوان السني في العراق الشيخ باسم عبدالله لـ الجريدة.: الناس على دين فضائياتهم ويجب غلق القنوات المثيرة للفتن
«لابد من تكاتف المؤسسات الدينية لإزاحة المتطفلين عن منابر الإفتاء»
حذَّر عضو الديوان السني في العراق الشيخ باسم عبدالله، من خطورة وجود بعض الفضائيات الدينية التي يظهر بها مفتون وفقاً للهوى والغرض والتوجهات السياسية، داعياً في مقابلة مع «الجريدة» أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة، إلى ضرورة غلق تلك الفضائيات على الفور لما تسببه من دمار وإفساد للعقول ونشر للفتن، فالناس – حسب قوله - صاروا على دين فضائياتهم.. وإلى نص المقابلة:
● ما المطلوب حالياً لمواجهة الفكر المتطرف؟- لابد من تكاتف المؤسسات الدينية ووسائل الإعلام والتعليم والثقافة، لإزاحة المتطفلين عن منابر الإفتاء والدعوة التي تظهر في الفضائيات المدعومة والموجهة من بعض الجهات التي لا تريد الخير للإسلام والمسلمين.والإسلام والمسلمين أحرص الناس في قضايا جمع شمل المسلمين وعلى كلمة واحدة، وهذه الفتاوى الباطلة، التي يطلقها حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام لا ينتسبون إلى معهد علمي ولا جامعة عريقة ولا يمثلون أهل العلم ممن يقومون بمهمة الإفتاء.
● ما تقييمك للفضائيات الدينية؟- كثير من الفضائيات الدينية معتدلة ومنضبطة تنشر سماحة ووسطية الدين، ويقف وراءها أناس عقلاء، وفي الوقت نفسه توجد فضائيات دينية يقف وراءها رجال أعمال يأتون بمن يفتون وفقاً للهوى والغرض وتوجهات سياسية وتثير الفتن، وتلك القنوات يجب إغلاقها على الفور لما تسببه من دمار وإفساد للعقول، فالناس صاروا على دين فضائياتهم، وهناك من يظهر في تلك الفضائيات ممن يرتدون زياً دينياً وليسوا بعلماء أو أهل اختصاص.● ماذا بشأن الفتوى وأهميتها في حياتنا الآن؟- الفتوى في الدين مقامها عظيم وأثرها في الناس خطير، فإن المفتي موقع عن رب العالمين وقائم في الأمة مقام النبي الأمين (صلى الله عليه وسلم) وإذا كانت حاجة الأمة إلى الفتوى كبيرة فيما مضى، فإن الحاجة إليها في هذه الأيام أشد وأبقى لكثرة المستجدات وحوادث الأيام والليالي، وجاء الإسلام بأحكامه وتشريعاته الفقهية الخاصة بجميع أمور حياتنا وكل ما يتعلق بصغائر الأمور وكبيرها في الدنيا، ليسعد الإنسان في حياته وبعد مماته، والمرجع في ذلك القرآن الكريم، والسنة النبوية والتشاور بين أهل الرأي، ومن هنا ظهرت الفتوى، والفتوى فيها أجر عظيم، لكن خطرها عظيم. وقد كان أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) يبتعدون عن الفتوى ما استطاعوا إلا عند الحاجة والضرورة.● ما أحكام الفتوى من وجهة نظرك؟ - تجب الفتوى بأمور منها إذا كان المفتي أهل للإفتاء والحاجة إليها قائمة، ولا يوجد في البلد أو المكان مفتي سواه، فهذا تجب عليه الفتوى، وتستحب الفتوى إذا كان المفتي أهل للإفتاء وفي البلد غيره مؤهل والحاجة غير قائمة وفي الوقت متسع، كما تحرم الفتوى إذا كان المسؤول غير عالم بالحكم، أو أريد بها غرض من أغراض الدنيا، أو اتباع هوى أو تزلف لحاكم بإبطال حق أو تسويغ باطل.● كيف ترى شروط المفتي في زماننا الحالي؟- للأسف يتجرأ على الفتوى غير المتخصصين والمتطفلين، مما يجر البلاد إلى ويلات وكوارث لا يعلمها إلا الله، وحتى يستطيع أن يكون العالم مفتياً ويصدر أحكاماً شرعية يسير عليها الناس في حياتهم لابد أن يتمتع بصفات معينة وشروط مميزة، منها أن يكون محيطاً بمدارك الشرع وتقديم ما يجب تقديمه وتأخير ما يجب تأخيره، وأن يكون عدلاً مجتنباً للمعاصي، ومجتهداً وقادراً على استنباط الأحكام الشرعية والفهم السليم للقرآن والسنة وقادراً على فهم معاني وتفاسير وأسباب نزول الآيات القرآنية، وما يتعلق بذلك كالناسخ والمنسوخ والمجمل والمبين والعام والخاص، علاوة على ضرورة تمتع المفتي بالإلمام بعلوم اللغة العربية، وعلوم الحديث ولديه معرفة بكل الفتاوى السابقة التي تصدر في نفس الموضوع الذي ينظره.● متى يتحقق مفهوم التعايش بين المسلم والآخر على أرض الواقع؟- يأتي نموذج التعايش بين المسلمين والآخر بعد البعثة النبوية، فبعد نزول الوحي لم يترك الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولا أصحابه الأوائل ممن آمن بدعوته أشغالهم، كما لم يحبسوا أنفسهم عن الناس وعن التجارة والسفر رغم ما عانوه من اضطهاد قريش، ولم يرفض المسلمون التعايش مع الآخر، بل إن «الآخر» هم من قاموا بنبذ المسلمين ورفض التعامل معهم وفرضوا حصاراً على المسلمين في شِعب أبي طالب ثلاث سنوات حتى اشتد بهم البلاء ولجأ الصغار إلى أكل ورق الشجر ووصل الظلم مداه إلى أن كره عامة قريش ما أصاب المسلمين، وأظهروا كراهيتهم لصحيفتهم الظالمة، فنقضوها.والمجتمعات التي يعيش فيها المسلمون، بعضِهم مع بعض، أو مع من تجمعهم بهم رابطة الوطن مجتمعات تنعم بالأمنِ والاستقرار ويسود فيها السلام ولم تؤثر في التعايش السلمي فَوارق الدين ولا النعرات القبلية، فالمواطنة أساس التعامل في كل الحقوق والواجبات، وقد ضرب الإسلام أروع الأمثلة في التعايش السلمي مع الآخر.● كيف ترى الجماعات المتطرفة وأثرها على الدين؟- الإسلام يتعرض لموجة كبيرة من التشويه خصوصاً في الدول الغربية، بسبب الممارسات المتطرفة للجماعات الإرهابية التي تتحدث باسم الإسلام زوراً، بالتالي يجب وضع الآليات الفَعَالة والضوابط العلمية لمواجهة من يتصدون للفتوى من غير المتخصصين المؤهلين والذين عادة ما تثير فتاواهم البلبلة في المجتمع الإسلامي، وبالتالي سبيل الخروج من حالة الاضطراب والبلبلة الناجمة عن فتاوى غير المتأهلين هو الرجوع إلى الشروط والآداب التي حددها الفقهاء فيمن يتصدى لعملية الفتوى.
الإسلام يتعرض لموجة كبيرة من التشويه خصوصاً في الدول الغربية