مازالت الدراما الخليجية في أغلبها والمحلية خصوصاً، تدور في فلك العلاقات الاجتماعية ما بين زواج وطلاق وخبايا الأسر، وما يدور خلف الأبواب المغلقة من دسائس ومؤامرات، كلها في محيط أسرتين أو ثلاث على الأكثر، مع بعض الخطوط الدرامية الفرعية، التي قد تحمل حسّاً كوميدياً أو تتعرض لبعض الجاليات، التي تعيش في دول الخليج، ربما حاول بعض الكتاب التحايل على الطرح التقليدي من خلال خلق خط درامي مختلف، ولكن مردهم في النهاية كان لدائرة الصراع الأسري ذاتها.

Ad

كراهية وحقد

ومن أبرز العلاقات الاجتماعية، التي أثارت ضجة كبيرة بين جمهور الدراما الرمضانية عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، تلك العلاقات الزوجية غير السوية، التي تحمل بين طياتها كراهية وحقداً وغيرة، بل وخيانة أيضاً، ومن النماذج التي تحظى حالياً بنسبة متابعة عالية من الجمهور، وتقع بين رحى الانتقاد والاستحسان، هما الزوجان اللذان يؤدي دوريهما مشاري البلام وعبير أحمد، في "مع حصة قلم" تلك الأسرة الصغيرة المكونة من أب وأم وابنتين، ومنذ الحلقة الأولى استطاعت هذه الأسرة لفت الأنظار إليها، من خلال أداء متقن لشخصيات تحمل كماً كبيراً من المشاعر السلبية بعضها تجاه بعض، الأب البخيل الذي لا يبالي بأسرته ناقم على حياته معها، ودائم التعنيف للجميع، والأم لا تختلف عنه كثيراً، ولاشك كانت النتيجة أن يحمل الأبناء بعض تلك الصفات، وهذه الأسرة كانت محط انتقاد الكثيرين، لاسيما مع كم السباب المتبادل بين الزوجين والحوارات التي تحمل تجاوزاً من إحدى البنتين تجاه الأب والأم.

على الجانب الآخر، كانت علاقة سعاد وإبراهيم في مسلسل "الخطايا العشر" للفنانين عبدالله بوشهري وروان المهدي محط اهتمام الجمهور، أيضاً زواج قائم على الكره بكل ما تحمله الكلمة من معنى، زوجة لا تبالي بزوجها، تعامله بفوقية وتكيل له الاتهام تلو الآخر، بينما يبدو إبراهيم ضعيف الشخصية مغلوباً على أمره، إلى أن وصل الأمر لتقبله خيانة زوجته، التي اعترفت له بذلك، في نموذج غير سوي لرجل يقبل أن تداس كرامته من أجل المال، بينما الزوجة تعيث في الحياة فساداً غير مبالية بأي شيء.

المدينة الفاضلة

لن ندفن رؤوسنا في الرمال، وندعي أننا نعيش في المدينة الفاضلة فهذه النماذج موجودة بالفعل في المجتمع، والكاتب إذا لم يذهب إلى تلك الشخصيات المثيرة للجدل فلن يستطيع أن يخلق حالة درامية، بحيث تتصاعد الأحداث مع مرور الوقت، إلى أن تصل إلى ذروتها، لكن بعض الأفكار التي تحملها حوارات الفتاتين، هي التي تضعنا أمام أزمة حقيقة لاسيما أن الدراما إحدى الأدوات التي تساهم في تشكيل وعي المجتمع، وتلقى بآثارها في نفوس الأبناء، فإذا لم تكن مهمة صنّاع الدراما أن يقدموا مجتمعنا خالياً من المشكلات، فنتمنى على الأقل أن تحمل الأعمال رسائل إيجابية تساهم في تعزيز بعض الصفات الحميدة.

إن الحديث عن التمثيل في هاتين الحالتين، لاشك أن يتم بمعزل عما هو مكتوب لأن الممثلين اشتغلوا جميعاً على أدوارهم، مما أكسبها مصداقية كبيرة، عبير أحمد ومشاري البلام أجادا وبدا اشتغالهما على الشخصيتين، الأمر نفسه ينطبق على عبدالله بوشهري، وروان المهدي، كلاهما استطاع أن يقدم نفسه بصورة جديدة غير التي اعتدنا عليها من قبل.