● كيف يمكن التعامل مع الفتاوى الشاذة والمنفلتة؟- هذه الفتاوى لا تردعها القوانين، بل لابد من رادع أخلاقي وتربوي، والتأثير يبدأ من البيت والحي والمدرسة وعلماء الدين، فلا يمكن أن نلقي باللوم على قطاع واحد من المجتمع، ولا يمكن أن نتهم المؤسسات الدينية بأنها متخاذلة، أو أنها السبب الوحيد وراء انتشار تلك الفتاوى والأفكار الضالة، فالمشكلة عامة سواء من الثقافة أو وسائل إعلام أو البيت، ويجب تضافر الجهود لمكافحة هذه المخاطر التي أضرت بالإسلام.
● في ظل انتشار المعلومات الدينية المغلوطة على الـ "سوشيال ميديا"، ألا تستطيع المؤسسات الدينية مواجهتها تكنولوجياً؟- مع الأسف، مازالت المؤسسات الدينية غير قادرة على مواجهة ما ينشر على الـ "سوشيال ميديا"، أو التصدي للمعلومات المغلوطة التي تبث على شبكة الإنترنت عموماً، ولابد من وجود جيش إلكترونى لمواجهة تلك الحرب الفكرية، وعلى المؤسسات القيام بدور وجهد أكبر، والأمر يتطلب تكاتف الجهود وتضافرها بدلا من قيام كل جهة بدور منفرد لا يغني ولا يسمن من جوع.● هل ترى أن هناك غياباً للتنسيق بين المؤسسات الدينية؟- لا أقول ذلك، بل أرى أن هناك تشرذماً للجهود، وهذا يؤدي إلى ضعف الحركة العلمية، وعدم وجود ردود حاسمة وقوية وهزيمة أنصار الباطل، وتأكيد سماحة الدين واعتداله في مواجهة أي أفكار ضالة.● ماذا عن وضع الجالية الإسلامية في أميركا؟- الجالية الإسلامية في الخارج بخير، لكن اتساع هامش الحرية وانعدام الرادع الاجتماعي والأخلاقي يفتحان الباب في القضايا الدينية أمام كل واحد أن يقول ما يريد دون ضابط ولا رادع أو وازع ديني.● كيف يمكن مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا؟- يجب محاربة الإسلاموفوبيا ومعالجة أسبابها دفعة واحدة، لأنها أسباب متضافرة، ولا تكون منفردة في كثير من الأحيان، وينبغي أن تسارع الأمة إلى ذلك قبل أن يتسع الخرق على الراقع، فلابد من محاربة الإرهاب على شتى الصعد، لاسيما الفكرية منها، ووضع خطة منهجية للقضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه، مع ضرورة تعريف للإرهاب لمنع استغلال مسمى الإرهاب في محاربة الإسلام.● هل الأمن يسبق الإيمان؟- الأمن الاجتماعي يتطلب أن نرسخ لقاعدة مهمة، فهي تمثل أهم قواعد التعايش في المجتمع المعاصر، وهي أن "الأمن قبل الإيمان" المقصود من القاعدة أنه لا يجوز للإنسان تحت دعوى تحصيل الإيمان أو مقتضيات ذلك الإيمان، أن يخل بالأمن، لأنه إذا أخل بالأمن كان ذلك أولا: مخالفاً للإيمان، وثانيا: مضيعا للمؤمنين، وثالثا: مضيعا للحالة التي يتمكن فيها المؤمن من تأدية واجبات إيمانه.وقد يفهم بعض المتدينين هذه القاعدة على غير وجهها، فيفهم منها مثلا أننا نؤخر ما واجبه التقديم، حيث إن الإيمان هو سبب الأمن، فكيف نقدم الأمن عليه شرعا وهو مؤخر عنه طبعا باعتباره نتيجة للإيمان، والنتيجة تلي السبب، ولا تتقدم عليه؟ حتى قال محمد إقبال في حكمته: "إذا الإيمان ضاع فلا أمان... ولا دنيا لمن لم يحيِ ديناً"، والله تعالى يقول: "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُون".المقصود من القاعدة أنه لا يجوز للإنسان تحت دعوى تحصيل الإيمان أو مقتضيات ذلك الإيمان أن يخل بالأمن، لأنه إذا أخل بالأمن كان ذلك مخالفا للإيمان، ومضيعا للمؤمنين.● بمَ ترد على من يرفضون التعايش السلمي ويرفعون شعار اضطهاد الآخر وفق مبررات دينية؟- التعايش السلمي في الإسلام وصل إلى درجة إعطاء الكافر من الصدقات إذا كان محتاجا، بل ويثاب المسلم على ذلك، والتعايش السلمي هو صلب الدين، لكن هناك فارقا بين التعايش السلمي في العادات، والمفاصلة العقدية الكاملة في العقائد والعبادات، والمحافظة على العقائد لا تعني الاضطهاد أو ترك التعايش السلمي.● هل تهنئة الكافر في عيده حرام، كما تردد بعض التيارات؟- الإسلام لا يمنع مظاهر البر وتبادل الخير والمعروف مع الآخر كزيارة المريض وشهود الجنازة وتعزية أهل الميت، وحضور ولائم الطعام، وحضور الأفراح، والخروج للتنزه، والتهنئة بمولود أو التهنئة بقدوم غائب من سفر، أو التهنئة بالسلامة من حادث أو مرض أو مصيبة، وغير ذلك من صور التعايش، وذلك باتفاق علماء الإسلام.أما يتعلق بالمظاهر الدينية والاعتقاد، ففيه تباين تام، لأن الإسلام نسخ ما كان قبله، ولأنه رسالة الله الخاتمة للعالم، والإيمان بالله يقتضي الإيمان برسل الله كلهم، وليس الإيمان بمن نريد والكفر بمن لا نحب، فمن كذب رسل الله وأنكر نبوتهم فقد كذب الله الذي أرسلهم، كما هو أيضا نص القرآن.● التيارات التكفيرية تتخذ من الدين ذريعة للقيام بممارسات كلها تدعو إلى العنف والقتل، فما ردكم؟- التلاعب بالعقائد يعطي للتكفيريين ذريعة كي يفعلوا ما يشاؤون، وأنا أقول لهم اتقوا الله ولا تعبثوا بشرع الله.
توابل - دين ودنيا
عميد كلية المدينة للدراسات الإسلامية بأميركا محمد النينوي لـ الجريدة.: المؤسسات الدينية لا تواجه المعلومات المغلوطة عن الدين على الـ «سوشيال ميديا»
28-05-2018