• رغم مرور السنوات، لكن تبقى ذكرى البدايات لها أثرها في النفس.

- كدأب جيلنا كان الاهتمام بالنشاط المدرسي السبب الرئيس في أن يتجه أغلبنا للعمل بالمجال الفني مدفوعا بالرغبة في إثبات الذات وتشجيع من حولنا، وكان التمثيل هو الهدف الأول بالنسبة إلي، وتسلل حبه إلى قلبي بدءا من المرحلة المتوسطة، ثم تشبعت به في الثانوية، وأخيرا اتجهت إلى معهد الدراسات المسرحية ومنه إلى العمل الوظيفي بوزارة الإرشاد والانباء، قبل أن تتحول إلى وزارة الإعلام، حينها كنت أعمل بمطبعة الحكومة بالتزامن مع دراسة التمثيل بالمعهد، واستمر عملي بالمطبعة طوال فترة الدراسة، الى أن حصلت على الشهادة، والتحقت بعد ذلك بتلفزيون الكويت بقسم التمثيليات الذي تفرعت عنه شعب عدة، منها الصوت والمؤثرات الصوتية، وكان يرأس هذا القسم الفنان القدير الراحل عثمان السيد.

Ad

مكانة المسرح

• لكن للمسرح مكانة كبيرة في قلبك.

- بالفعل، ولعل حب المسرح بدأ معي منذ المرحلة الابتدائية، عندما كنت أدرس بالفرقة الثالثة كان وزير المعارف آنذاك الشيخ عبدالله الجابر، رحمة الله عليه، وكان يولي الأنشطة والفنون دعما خاصا، وجاء ذلك وفق رؤية الدولة بشكل عام وحرصها على الاهتمام بالمسرح المدرسي والموسيقى والرياضة كذلك وفي وقت سابق لتلك الفترة، ورغم شغفي بالنشاط الفني بشكل عام، فإن وجهتي لم تكن واضحة إلى أن حضرت في احتفال نهاية العام خلال دراستي بالفرقة الثالثة، وكان والدي حاضرا في هذا الاحتفال بمدرسة الصباح الابتدائية بمنطقة شرق، وتضمن الحفل مسابقات على نمط اسئلة وأجوبة، وطرح أحد المعلين سؤال: "من الذي يبدأ في السير على أربع ثم اثنين ثم على ثلاث؟"، وتفتق ذهني عن الإجابة مباشرة، حيث أجبت هو الإنسان، وكان مبرري عفويا ومنطقيا، ومرت السنوات وعندما شرعت في دراسة المسرح اكتشفت أن أحد الأسئلة التي تطرح في المسرح القديم منها هذا السؤال، وأنا أجبت عليه بكل براءة في ذلك الوقت.

• كيف ترك هذا الحادث أثرا في نفسك؟

- في هذا المساء حصلت على جائزة على خلفية إجابتي لهذا السؤال، وكانت الجائزة عبارة عن "منبه"، حينها اعتليت المسرح لتسلم جائزتي، وسط تصفيق الزملاء والمدرسين والآباء، وكان وقوفي على هذه الخشبة ومواجهة هذا الجمع قد خلق بداخلي رغبة حقيقية في العودة مجددا إلى هذا المسرح والوقوف عليه مجددا.

الياسين في سطور

اسمه الكامل سليمان ياسين أحمد حسين بوكنان، من مواليد الكويت عام 1949. حصل على دبلوم معهد الدراسات المسرحية عام 1974، وليسانس في معهد بوليتكنيك للفنون السينمائية بجامعة باريس (1983).

كانت بدايته المسرحية في أنشطة المسرح المدرسي عام 1960، ثم التحق بتلفزيون الكويت عام 1968. وفي العام نفسه التحق بفرقة مسرح الخليج العربي، ثم تقلد منصب مراقب إدارة الدراما في تلفزيون الكويت، ثم تقاعد.

كتب الياسين عدة سيناريوهات تلفزيونية حققت نجاحا، ونصوصا إذاعية، وشارك في أشهر البرامج الإذاعية؛ من بينها "نجوم القمة"، و"نافذة على التاريخ".

وفي التليفزيون قدم "خروج عن المألوف"، و"الخروج من الهاوية"، و"بيت تسكنه سمرة"، و"بقدر ما تحمل النفوس"، و"يا خوي"، و"وبعد"، و"ويبقى".

كما شارك في مسرحيات عدة؛ من أبرزها "شياطين ليلة الجمعة"، و"بحمدون المحطة"، و"الدرجة الرابعة"، و"ضاع الديك"، و"حفلة على الخازوق"، و"احذروا"، و"رحلة حنظلة"، و"القضية خارج الملف"، و"الواوي"، و"ردوا السلام".

حاز جوائز محلية وعربية عن أدائه الدرامي المتميز؛ من بينها جائزة "مهرجان المسرح العربي"، وجائزة "مهرجان قرطاج للفنون المسرحية"، وجائزة "الدولة التشجيعية في التمثيل" عن أدائه المتميز في مسرحية "القضية خارج الملف" 1989، و"أفضل ممثل دور أول" في "مهرجان الكويت المسرحي الحادي عشر- 2009"، كما حصلت سهرة "العقد" التي كتبها عن قصة جي دي موبسان على الجائزة الفضية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون بتونس.

الفرقة المسرحية

• كيف كان السبيل لتشبّع هذه الرغبة؟

- من خلال الاشتراك في أحد هذه الفرق التي تتخذ من المسرح منبرا لتقدم من خلاله أعمالها، وكانت تلك الأنشطة منقسمة بين الموسيقى والمسرح، اخترت في البداية الموسيقى، ثم اعتليت المسرح مع فريق الموسيقى، وأيضا المسرح، خصوصا مع تقارب النشاطين، حيث كان يتم اختيار بعض الطلاب للمشاركة في الأعمال المسرحية الموسيقية، وبالفعل شاركت في عروض نهاية العام، وحصدت تكريم وتقدير بمعية زملائي، وبعدها بعام انتقلت للمرحلة المتوسطة بمدرسة الصديق، وهناك التحقت بفريق التمثيل، ومن بينهم كان الرائد المرحوم فؤاد الشطي الذي أصبح منذ ذلك الوقت صديق عمري.

كان الشطي، رحمة الله عليه، يميل إلى الإخراج والتأليف والإدارة، وأنا في التمثيل، وبدأنا نعمل معا وقدمنا أعمالا عدة من خلال النشاط المدرسي، وأيضا الأنشطة الصيفية، وسرنا على هذا الدرب بين الصداقة والعمل.

• وما الذي شجعك على دراسة السينما؟

- الرغبة في مواصة التعليم واكتساب خبرات أكبر والاطلاع على ثقافة ونهج مختلف تماما عن الذي نشتغل عليه في الخليج والوطن العربي، وكنت بين خيارين إما الدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية تخصص سينما أو السفر لدراسة السينما في القاهرة أو دولة أوروبية، ففضلت الخروج من نطاق العربية والمحلية إلى العالمية، واخترت باريس لأن السينما الإيطالية والفرنسية أقرب إلى طباعنا كشرقيين، ولتشابه ثقافة حوض البحر المتوسط، ولوجود احتكاك تاريخي مباشر بين الثقافتين العربية والأوروبية، وكانت السينما الفرنسية في السبعينيات تشهد نهضة جميلة، مما حفزني على السفر إلى باريس، إلى جانب شغفي باللغة الفرنسية، حيث حرصت على درسها في أحد فروع جامعة السوربون، ثم درست الأدب الفرنسي الحديث، وبعدها التحقت بكلية الآداب والفنون في جامعة باريس، وحصلت على ليسانس في معهد بوليتكنيك للفنون السينمائية، وكان تركيزي على السيناريو وبناء العمل الفني.

الخليج العربي

• وكيف جاء انضمامك لفرقة مسرح الخليج العربي؟

- سألت صديق الطفولة ورفيق الدرب المخرج فؤاد الشطي الذي كان عضواً في المسرح العربي، عن مسألة انضمامي إلى "فرقة مسرح الخليج العربي"، فأشاد الشطي بتلك الخطوة، مؤكدا أهمية "فرقة مسرح الخليج العربي" وخطها الملتزم، إذ كان يرى دوما أن المسرح الملتزم هو الذي يجب أن يكون سائداً لدوره الاجتماعي المهم، وبعد أن صورنا مسرحية "الوافد" في استديو 2000 بتلفزيون الكويت بناء على توصية من الفنان الراحل غانم الصالح، الذي كان ضمن فريق التحكيم الذي يمر على المدارس ويختار الأعمال المميزة.

• وما دور هذا العمل في وصولك إلى فرقة الخليج؟

- كان لتصوير هذه المسرحية أثرا في تعرفي على العناصر الفنية بالتلفزيون، ومنهم الفنان والمخرج كاظم القلاف، رحمة الله عليه، الذي أسند لي مساعد مخرج في عمل "جفت الكؤوس" للكاتب فواز الشعار، وشارك بالعمل مجموعة من النجوم منهم الراحل علي المفيدي، ونجحت هذه السهرة التلفزيونية، وكانت عن شخصية أبونواس، وهناك عمل آخر شاركت فيه مع الفنان القدير محمد المنصور الذي سبقني بالمجال الفني، والتقينا في هذا العمل الذي شاهده الرائد صقر الرشود، وقال للمنصور: "أبي هذا الشاب"، ومرت الأيام، وخلال زيارتي لجمعية الفنان التقيت المنصور في منطقة الدسمة، وكان حينها مشغولا ببروفات مسرحية "لمن القرار الأخير"، وقدمني للراحل صقر الرشود الذي عرفني بمحمد السريع، وهو الذي كتب لي طلب عضويتي بخط يده بفرقة مسرح الخليج، ومازلت أحتفظ بهذه الورقة حتى وقتنا هذا.

بصماته مع فرقة مسرح الخليج العربي

شارك الفنان الياسين في مسرحيات عدة مع "فرقة مسرح الخليج العربي"، من أبرزها:

"ثم غاب القمر"، تأليف الكاتب الأميركي جون شتاينبك، إعداد كمال حسين وإخراجه، عرضت في 31 مارس 1969 على خشبة مسرح كيفان، شارك في بطولتها محمد المنصور، ومحمد السريع، وعلي المفيدي، وسعاد حسين، وغافل فاضل، ونور الهدى صبري.

"رجال وبنات"، مقتبسة عن مسرحية "الغربان" لهنري بيك، تأليف وتكويت صقر الرشود، إخراج منصور المنصور، عرضت في 1 فبراير 1971 على خشبة مسرح كيفان، شارك في البطولة صقر الرشود، وليلى عبدالعزيز، وخالد العبيد، وسعاد عبدالله، ومبارك سويد، ومريم الغضبان، وأحمد الضرمان، وطيبة الفرج، وعايشة إبراهيم ومحمد المنصور.

"الدرجة الرابعة" تأليف عبدالعزيز السريع (إعادة كتابة لمسرحية "لمن القرار الأخير" للمؤلف نفسه)، إخراج صقر الرشود، عرضت في دمشق والقاهرة في أغسطس 1971، ثم عرضت في الكويت على مسرح كيفان في 25 يوليو 1972.

"بحمدون المحطة"، تأليف عبدالعزيز السريع وصقر الرشود، إخراج صقر الرشود، عرضت على خشبة مسرح المعاهد الخاصة في 18 ديسمبر 1974.

"حفلة على الخازوق" تأليف محفوظ عبدالرحمن، إخراج صقر الرشود، شارك في البطولة محمد المنصور، وسعاد عبدالله، وهيفاء عادل، ومحمد السريع، وإبراهيم الصلال، وعبدالله الحبيل، ومبارك سويد، وأحمد الضرمان، وخالد العبيد، ومنصور المنصور، وحسين المنصور وحميد السلمان.

مسرحية «الوافد» عام 1967

على غرار معظم الممثلين، بدأ الفنان سليمان الياسين خطوته الأولى في التمثيل على خشبة المسرح المدرسي في وزارة التربية.

في مرحلة الدراسة الابتدائية كان متابعاً للفن والتمثيل، ومشغوفا بأشكال الفنون والثقافة، فلاحظ أستاذ اللغة العربية أن مخارج الحروف لديه جيدة، وأنه متمكن من اللغة العربية، فوجهه إلى التمثيل، وتدرج في نشاط المسرح المدرسي، إلى أن شارك في مسرحية "الوافد" خلال المرحلة الثانوية عام 1967 كتابة محمد رضوان، أحد أساتذة النشاط المدرسي في وزارة التربية.

آنذاك كان الفنان غانم الصالح يشغل منصب نائب رئيس قسم التمثيل، ويقيّم الطلاب، فحازت "الوافد" لقب أفضل مسرحية في ذلك الموسم، واختارها الصالح لتصويرها لمصلحة تلفزيون الكويت، بالفعل صورت في استديو 200.

توالت بعد ذلك مشاركات الياسين في الأعمال الدرامية، وكانت أول تجربة تلفزيونية له مع المخرج كاظم القلاف في دراما "جفّت الكؤوس"، ثم عمل مع المخرج صلاح العوري في "ليلة عرس"، وصُنف آنذاك في الدرجة الثانية كممثل مبتدئ.