«التعفيش»... اسألوا لبنان!
مُوجع حقاً ومرعب ذلك المنظر (الصورة)، الذي يظهر فيه صف من الجنود والضباط السوريين بثيابهم المرقطة وهم ينبطحون أرضاً وأيديهم فوق رؤوسهم، بينما الضباط الروس "يترفشونهم" بأحذيتهم العسكرية الثقيلة، وهذا جرى في إحدى مناطق دمشق، التي تم "تحريرها" من المعارضة، وهذا ما يؤكد أن الذي يحكم في سورية هو فلاديمير بوتين، بمساعدة سيرغي لافروف، وليس بشار الأسد، ولا وليد المعلم، وبالطبع ولا بثينة شعبان... ولا رئيس الوزراء.قال بيان لـ"قاعدة حميميم"، التي حلت منذ عام 2015 محل القصر الجمهوري في المهاجرين، ومحل وزارة الدفاع والمخابرات والاستخبارات السورية، ومحل "مجلس الشعب" وحزب البعث، الذي لم يبق منه إلا رايته المرفوعة على ركام مدن ومناطق أصبحت أكواماً من الأتربة والحجارة، إن الشرطة الروسية في جنوب دمشق تمكنت من إلقاء القبض على عدد من عناصر القوات الحكومية (السورية) بعد محاولتهم نهب وسرقة ممتلكات المدنيين.
وبالطبع، فإن بيان النفي كان جاهزاً، إذ كالعادة صرح مصدر عسكري سوري بأن من ظهروا في هذه الصور ليسوا جنوداً، وهذا مع أنهم يرتدون ألبسة المغاوير المرقطة، وأنهم مطلوبون للأجهزة الأمنية، وأن أسماءهم معممة على جميع الحواجز منذ فترة، لكن ما أكد هذه الحقيقة هو أن "موالين" لهذا النظام السوري ردوا باتهام موسكو بصناعة الإرهاب في سورية، وبإهانة اللباس العسكري السوري، وردت قاعدة "حميميم" بالقول: "بكل تأكيد... القوات الروسية لا تسمح بحدوث انتهاكات في المناطق التي تم تحريرها، كما تلتزم الشرطة الروسية بإعادة الأمن والأمان لمناطق جنوب دمشق، وسيتم التعامل بالقوة مع أي تمرد من قبل الأفراد المتورطين في انتهاك القانون ومن يساندهم في المناطق التي تم تحريرها!".ومن قبيل الرد على الرد فقد توعد ملازم أول سوري الجانب الروسي بأنه "لن تمر إهانته للباس العسكري السوري"... واتهم قاعدة حميميم بصناعة الإرهاب، والسعي لكسب ود المعارضة والأصوات المؤيدة لتواجد روسيا في سورية، وهذا يدل أولاً على أن عمليات "التعفيش" هذه قام بها ضباط وجنود سوريون بالفعل، وثانياً على أن شهر العسل بين دمشق وموسكو قد اقترب من نهايته، فهذا الملازم قال: "لا تنسوا أنه لولا (سورية) لما كان لكم موقع في الشرق الأوسط، ولو أننا وقفنا مع أميركا لكانت بلادي أفضل حالاً ولم نخسر شيئاً".والمهم أن "التعفيش" باللهجة السورية يعني سرقة المنازل وتنظيفها من أثاثها ومن موجوداتها، والحقيقة أنه في عهد هذا النظام تحول هذا الجيش من مهمة تحرير هضبة الجولان إلى مهمة "التعفيش"، وهذا ما حدث في حماة عام 1982، وما حدث مؤخراً في حلب، وفي أجزاء من حمص، وفي العديد من المناطق السورية، وكان قد حدث في لبنان أيضاً مرات عدة، بينها عندما استفاق سكان الجزء الغربي من بيروت على أن دبابات هذا الجيش، التي انسحبت من العاصمة اللبنانية قبل وصول الإسرائيليين إليها كانت محملة بـ"التلفزيونات" و"الثلاجات" و"الأسرَّة" و"العفش"... وأعتقد أن هناك صوراً لكل هذا لا تزال تحتفظ بها بعض الصحف اللبنانية... وهنا أود الإشارة إلى أن هذا الجيش شجاع ومقاتل وجيش تضحيات كبيرة وكثيرة... قبل أن يتحول بدءاً من عام 1970 إلى جيش قمع وسلب و"تعفيش"!