لن نشيخ!
![مسفر الدوسري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1507745577082709700/1507745592000/1280x960.jpg)
أنتِ وأنا لن نشيخ، لن يأخذنا الذبول على حين غفلة ولن يعتري قناديل أرواحنا الشحوب، قد نسقط من عربة الحياة في بعض المنعطفات الصعبة، وقد نتعرض لبعض الإصابات والرضوض والكسور، ولكننا لن نكفّ عن ملاحقة عربة الحياة اليومية وجمع الهدايا الصغيرة التي تتساقط منها والفرح بها ومشاركتها فيما بيننا، كلما نسيتنا عربة الحياة في محطة ستجدنا بانتظارها في المحطة القادمة، لن نبقى في المحطة "مُسَمّرين" على المقاعد الخشبية، مُكْتفين بما نغنم من أحاديث القادمين والمسافرين وما يمنحوننا من خبز تجاربهم وما يطعموننا من زاد معرفتهم، ولن يسد رمق دهشتنا ما تقدمه دهشتهم لنا من حلوى، ولن تشبعنا الفرجة، بل سنشاركهم صناعة حلوى الحياة بنكهة دهشتنا الخاصة، ومذاق رؤيتنا للحياة، وسنشارك الآخرين حياكة سجادة المسافة بيننا وبين أمانينا، وسنشاركهم كتابة الأغاني الموسرة احتفاء بالشمس كلما أشرقت، وبالقمر كلما أهلّ، وكلما احتفلت الحياة بولادة نهر جديد سنهبّ أنت وأنا لغسله بماء الورد ورشّ جسده بالبودرة المعطرة، وكلما فتحت نجمة شباكها مساء تعالت هتافاتنا بتحيتها والتصفير لها ونثر الزهور وإلقاء كلمات الغزل على مسامعها، وكلما تبرعم معنى من عود مفردة سنحمل البشائر مسرعين للقواميس، صحيح أننا نتفاءل بالنوارس ونطمئن لأحضان الموانئ، ولكن المراسي ليست عنوان إقامتنا الدائم ولا مستقراً لأشرعتنا. أنتِ وأنا ستظل قلوبنا مقاومة للصدأ ما حيينا، فالحب يجعلنا نحيا مثمرين ونموت ونحن مورقون!