«والأمير ده كان عايش في مملكة بعيدة، لكنه كان حزيناً، ومش عارف سبب حزنه، وفشل كل اللي حواليه يخلوه سعيداً. وبعدين خرج الأمير في رحلة صيد، وهناك قابل رجلاً حكيماً، سأله الأمير عن سبب حزنه، وأنه مش عارف يبقى سعيداً، فبص له الحكيم وقال له... علاجك يا مولاي بسيط.. وهو أنك تلبس قميص راجل سعيد، بعدها هاتبقى سعيداً على طول ويروح عنك أي حزن. بعت الأمير رجال القصر يدوروا على أي راجل سعيد في المملكة، لكنهم رجعوا من غير ما يحققوا طلبه، وقالوا له الراجل الوحيد اللي سعيد في المملكة يا مولاي... ماعندهوش قميص»... استسلمت الصغيرة باهتمام بالغ إلى والدتها فاتن وهي تحكي لها قصة الأمير الحزين، لتخلد إلى النوم، وكان يُفترض أن تغمض عينيها وتروح في نوم عميق، كما كُتب في السيناريو، غير أن الصغيرة ظلت مستيقظة وفوجئت والدتها بسؤال منها:

= انت سعيدة يا مامي؟

Ad

لم يطلب عز الدين إيقاف التصوير. رغم أن الصغيرة خرجت عن النص، وارتجلت سؤالاً لم يخطر ببال البطلة أو المخرج، فإنه ترك الكاميرا تدور، ليكمل بقية المشهد، واستقبلت فاتن السؤال ببراعة وذكاء، وعادت بظهرها إلى الخلف ووضعت ذراعها خلف رأسها، وراحت تفكر في سؤال الصغيرة.

اكتفى عز الدين ذو الفقار بهذا الإحساس وطلب إيقاف التصوير. عندئذ ركضت فاتن إلى حجرتها في البلاتوه، وأغلقت بابها وانخرطت في بكاء مرير، فقد مست كلمات الصغيرة جرحاً غائراً في نفسها، عندما سألتها إذا ما كانت سعيدة أم لا؟

لم تعتد فاتن على التدخين، غير أنها ما إن عادت إلى بيتها وانفردت بنفسها في حجرة نومها، حتى جلست في سريرها وأشعلت سيجارة، ثم راحت تنظر إلى دوائر الدخان في فضاء الحجرة، وهي تفكر في السؤال الذي طرحته عليها صغيرتها، وكان لا بد من أن تواجه نفسها به: «هل أنا سعيدة في حياتي؟».

لم تجد فاتن إجابة حقيقية عن سؤالها، وهي تستعرض «شريط حياتها»، لتكتشف أن علاقتها بعز الدين ذو الفقار لم تكن حباً حقيقياً كذلك الذي تجسد أحداثه في الأفلام، أو حتى تراه أو تسمع عنه في الحياة. اكتشفت أن علاقتها به لم تخرج عن كونها تلميذة انبهرت بأستاذ، عندما شاهدته في البلاتوه كمخرج، وهو يجسد الأدوار إزاء الممثلين ليرشدهم على طريقة الأداء، شاهدته يجسد الشخصيات كافة، البطل والبطلة، حتى الكومبارس. كان يؤدي ببراعة، ينفعل ويضحك ويبكي بصدق. انتقل إليها صدق إحساسه، فأدركت أن انبهارها كان بالأستاذ، وليس بالحبيب.

انتهى تصوير الفيلم وعرض في دار سينما «ميامي» في شارع سليمان باشا، الذي تحول بعد ثورة يوليو إلى «شارع طلعت حرب». وكان من عادة فاتن أن تختبر نجاح الأفلام التي تنتجها في حفلة الساعة العاشرة صباحاً، باعتبارها أقل الحفلات إيراداً، إلا أنها فوجئت بإيراد لم تتوقعه في الحفلة الأولى، وحقق الفيلم بعد ذلك أرقاماً خيالية، فقد مست القصة في الجمهور وتر الإنسانية... فتهافت الجميع على مشاهدته، وشعرت فاتن بشيء من الراحة، لا السعادة.

غير أنها فجأة بدأت تشعر بأحاسيس لم تعرف معناها، تجاه نجاح ابنتها «نادية»، ذلك بعدما وضع عز الدين عدداً من الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية على المائدة، قبل أن يطبع قبلة على خدها ويجلس لتناول الفطور معها.

تصفحت فاتن الصحف والمجلات سريعاً، فوجدتها قد أفردت صفحات كاملة لمعجزة التمثيل الجديدة نادية ذو الفقار، ثم توقفت عند فقرة لفتت نظرها:

«أثبتت نادية ذو الفقار أن الفن يمكن أن يورث، فالذي يراها في «موعد مع السعادة» يحس أنها كادت في مشاهد كثيرة تتفوق على أمها العظيمة فاتن حمامة».

شعرت فاتن بسعادة كبيرة، فرحت بأن يكتب عن ابنتها هذا الكلام، حتى لو كانت المقارنة معها هي شخصياً، فهي جزء منها، ونجاح نادية نجاح لها. غير أنها لم تستطع أن تفسر المشاعر التي انتابتها، هل هي غيرة؟ فليس وارداً أن تغار من ابنتها، حتى لو تفوقت عليها. لكن ربما كان إحساساً بالهزيمة إزاء وجهة نظر عز الدين، ونظرات التشفي التي لمعت في عينيه بأنه كان على حق، مثلما كان دائماً في اختياراته الفنية، وليست الإنسانية. لكن هذا كله لم ينف سعادتها الغامرة بنجاح طفلتها إلى هذا الحد.

موعد مع «التعاسة»

أصبحت أفلام فاتن حمامة تحقق أعلى إيرادات في السينما المصرية، وتحظى بشعبية هائلة وحب الجمهور واحترامه، بعدما دشنت صورة النجمة الذهنية كفتاة جميلة، وبريئة، وطيبة، ومغلوبة على أمرها، فضلاً عن أدوارها المميزة المختلفة التي كانت تقدمها من آن إلى آخر.

أصبحت صورها تحتلّ أغلفة المجلات، وتتصدّر أخبارها صفحات الفن، وكانت تجري الحوارات الخفيفة اللطيفة، وتستعين بالمصورين المحترفين لالتقاط الصور الفنية لها. كذلك تهافتت عليها الشركات لتشارك في بعض إعلانات الصابون والسجائر التي تنشرها الصحف والمجلات، وانهالت عليها عروض الأفلام من المنتجين والمخرجين. حتى أنها اكتفت بتوقيع عقود سبعة أفلام فقط من بين أكثر من 15 عقداً عرضت عليها قبل نهاية عام 1953.

حرصت فاتن على أن تبدأ برغبة أجلتها كثيراً، وكان ألح صاحبها، غير أنها ترددت في اتخاذ الخطوة، ربما من دون أن تشعر تأثراً بما قاله لها الفنان الراحل أحمد سالم عندما حذرها من العمل مع أنور وجدي.

قررت أن تبدأ العمل مع وجدي، خصوصاً أن الوسيط بينهما كانت المنتجة ماري كويني ومخرجها المفضل حسن الإمام، الذي عرض عليها فيلم «قلوب الناس» المأخوذ عن رواية ويلي ماري «الأب المزيف». أعدها للسينما محمد الإمام، وكتب لها السيناريو والحوار السيد بدير، وشارك النجمين البطولة كل من شكري سرحان، وحسين رياض، وسعاد مكاوي، وفردوس محمد، وزينات صدقي، وزوزو شكيب، ومحمد الديب.

واكتشفت فاتن أن رأي أحمد سالم لم يكن صحيحاً، وأن كل ما قاله لم يخرج عن كونه غيرة فنية ورجالية، بحكم منافسة أنور وجدي له في الوسامة، لتقدم تجربة كوميدية جديدة تضاف إلى مسيرتها، بعدما حقق الفيلم نجاحاً واسعاً.

انتهز المنتجون وبعض المخرجين الفرصة، وراحوا يطلبون أن يسبق اسمها هذا اللقب في شارات الأفلام، غير أنها رفضت رفضاً قاطعاً، مؤكدة:

* إذا كانت في جهة أو وزارة أو ناقد ولا حتى صحافي منحني اللقب ده. وناس كتير وافقت عليه لأنهم بيحبوني. ده مش معناه أن افرض اللقب على جمهوري لأني هاحس زي ماكون بقولهم: أعملوا حسابكم أنا من دلوقت ورايح بقيت سيدة الشاشة العربية. لا لا ماينفعش. خللي الجمهور هو اللي يقول كده. مش أنا اللي أفرض عليه رأيي.

كان أول من طلب أن يفعل ذلك في أفلامه المنتج رمسيس نجيب، وهو أيضاً أول من اقتنع بكلام فاتن حمامة، عندما عرض عليها إعادة رواية جورج أونيه التي قدمها توجو مزراحي للسينما عام 1940 بعنوان «قلب المرأة»، من بطولة أمينة رزق وسليمان نجيب،

ليقدمها هنري بركات بعنوان «ارحم دموعي»، سيناريو يوسف عيسى وحواره، مع كل من يحيى شاهين، وشكري سرحان، ورشدي أباظة، وزهرة العلا، وشريفة ماهر، وسراج منير، وأحمد علام، وكوثر شفيق.

ما إن انتهت فاتن من تصوير الفيلم، حتى عادت للعمل مع المخرج حسن الإمام من خلال فيلم «الملاك الظالم» المأخوذ عن مسرحية «القضية المشهورة» للكاتب أدولف وينجري.

كتبه السيد بدير مع يوسف عيسى، فيما شارك النجمة البطولة كل من كمال الشناوي، ومحمود المليجي، وحسين رياض، وفردوس محمد. وعاود حسن الإمام الدفع باكتشافه الجديد هند رستم، لتحضيرها لأدوار أهم.

قبل أن تدخل فاتن إلى البلاتوه لتصوير فيلم جديد، فوجئت بمكالمة هاتفية من المخرج أحمد ضياء الدين:

= صباح الفل يا تونة. تسافري لبنان؟

* إيه خير في إيه؟

= هانعرض «بعد الوداع» هناك والموزع عايزيك تبقى موجودة في عروض الفيلم هناك؟

* أوي أوي... يا ريت. دي السفرية دي جت في وقتها.

= خلاص جهزي نفسك وهابلغك بمعاد السفر.

كان عز الدين ذو الفقار يصوِّر المشاهد الخارجية من «رقصة الوداع» في الإسكندرية، فبادرت فاتن بالاتصال به في فندق «متربول» حيث ينزل فريق العمل. غير أن موظفة الاستقبال أبلغتها بأنه غير موجود. وما إن عاد حتى بادر بالاتصال بها لتبلغه برغبة أحمد ضياء الدين في السفر مع الفيلم إلى لبنان، فجاء رده بجملة واحدة: «أوي أوي... أنا ماعنديش مانع».

رغم أنه لبى طلبها، ولم يبد اعتراضه على أي أمر، فإن رد عز الدين ذو الفقار على فاتن حمامة بطلب السفر إلى لبنان جاء صادماً لها، فكانت تتمنى أن يبدي اعتراضه على السفر بمفردها، ويطلب منها الانتظار إلى حين انتهاء تصوير المشاهد الخارجية التي يصورها في الإسكندرية ليسافر معها، أو على الأقل يخبرها بأن تنتظره ليعود إلى القاهرة ليكون في وداعها. غير أنه اكتفى ببرقية يقول فيها: أتمنى لك إقامة طيبة في لبنان... وعودة سريعة».

خيبة أمل

شعرت فاتن بخيبة أمل، أكدت لها شكوكها في انشغال عز الدين بغيرها، خصوصاً أن الفيلم من بطولة سامية جمال، التي دارت إشاعات حول محاولته التقرب إليها، منذ عملهما معاً في فيلم «قطار الليل».

سافرت فاتن إلى بيروت بصحبة المخرج أحمد ضياء الدين، والمونتير ألبير نجيب، وقلبها وعقلها في الإسكندرية. وكانت تسأل نفسها: ما الذي يفعله عز الدين؟ ظلت طوال الرحلة قلقة ومضطربة، ولكن اختفى ذلك تماماً بسبب الحفاوة التي استقبلت بها في بيروت، سواء من الأصدقاء والزملاء الفنانين، أو من الجمهور والمعجبين.

تلاشت متاعبها وأفكارها، ولم تكن تتذكرها إلا عندما تخلو بنفسها في حجرتها لاستكمال قراءة رواية حول سيرة «الإمبراطورة جوزفين» وما تعرضت له من متاعب في حياتها الزوجية. وذكرها بهذه المصاعب أيضاً أحد الصحافيين اللبنانيين في لقاء عندما باغتها بسؤال حول ما يشاع عن غراميات زوجها عز الدين ذو الفقار، ثم مازحها بقوله إنه تخلف عن اصطحابها إلى المطار لأنه كان مشغولًا بموعد غرامي!

كان لا بد من أن تنفي فاتن كل ما يشاع عن علاقات زوجها الغرامية، حفاظاً على كرامتها، وعلى بيتها وابنتها. وبذكاء شديد حوّلت سؤال الصحافي إلى «نكتة» وضحكت وضحك الحضور. غير أن الشكوك تحوّلت إلى شبح يطارد النجمة أينما ذهبت، وأعاد تلميح الصحافي إلى ذاكرتها تلك المكالمة الهاتفية التي تلقتها في بيتها بالزمالك، فيما كان عز الدين في الإسكندرية، وعندما رفعت السماعة سألها المتكلم:

= الأستاذ عز موجود؟

* لا مش موجود والله.

= طب هايرجع أمتى لو سمحتي؟

* مين حضرتك؟

وهمس المتصل لشخص ما يقف إلى جواره:

= دي بتسألني انت مين يا ست سامية؟

قبل أن يجيب، أغلق المتصل الهاتف. غير أن فاتن تصوّرت أنها قد وصلت إلى حل اللغز، إذ تأكدت أنها «سامية جمال». ولكنها صديقة مقربة جداً إلى فاتن، وعلى علاقة طيبة بها، وقبل ذلك هي فنانة محترمة وملتزمة إلى حد بعيد، وتقدر الصداقة والمبادئ. فلم تجد سوى ألبير نجيب، الصديق المقرب إلى عز الدين ذو الفقار، ربما يعرف من هي سامية:

* قوللي يا ألبير. فيه واحدة بتشتغل مع عز في الفيلم بتاعه اسمها سامية؟

= سامية. مافيش غير سامية جمال.

* وهو أنا مش عارفة سامية جمال. أنا قصدي حد تاني... ممثلة صغيرة أو وجه جديد أو حتى من الفنيين.

= سامية... سامية. تكونيش تقصدي سامية كمال؟

* أيوا يمكن هي.

= انت شاغلة بالك بيها ليه هي عملت حاجة.

* أبدا. مجرد سؤال ماتشغلش بالك.

حل اللغز

لم تشأ فاتن أن تبدو ضعيفة أو متخاذلة، بل قررت أن تكون حازمة في موقفها، بشرط أن تدرس الموقف كله، وأن تحيط بتفاصيله كافة، ولما كانت المسألة من الصعب أن تنجز في لبنان، فقد قررت أن ترجئ البت فيها إلى حين عودتها. غير أنها في صباح اليوم التالي تلقت برقية من عز الدين تقول: «وحشتيني جداً، تلحمي اتصل بي من أجل فيلم جديد لك عودي بسرعة. قبلاتي... عز الدين ذو الفقار».

عادت فاتن من بيروت، ليكون في انتظارها من اعتادوا استقبالها في المطار: عز الدين وشقيقها مظهر، وشقيقتاها ليلى ونادية، وبعض الأصدقاء، ومندوبو الجرائد والمجلات، لتعود مع الأسرة إلى بيتها، ويمضي الجميع الليلة معاً حتى الصباح.

استيقظت فاتن فوجدت عز الدين اتجه إلى الاستوديو، ودق جرس الباب. إنه حارس العمارة:

* صباح الخير يا عم إدريس.

= حمد لله على السلامة يا ست هانم... مصر نورت.

* متشكرة أوي يا عم إدريس خير في حاجة.

= دول سبعين قرش. باقي الحساب بتاع الهانم اللي نازلة عندكم.

* هانم... هانم مين؟

= الست هانم اللي كانت هنا امبارح اللي جت مع سيدي عز بيه.

أحست فاتن بالأرض تتلاشى من تحت قدميها، وخشيت أن تسقط فأمسكت بالباب وتماسكت إزاء الحارس، وتناولت منه المبلغ:

* حاضر يا عم إدريس لما تيجي هاديلها الباقي.

= عشت يا ست هانم. خدمة تاني؟

* لا شكراً. إلا قوللي يا عم إدريس، الست دي شكلها إيه؟

= هي سمينة شوية وشعرها أصفر وطويل؟

عندما عاد عز الدين في المساء كانت اتخذت قراراً بينها وبين نفسها، إذ اعتزمت أن تتكتم على ما عرفته إلى أن تهتدي إلى الحقيقة كلها. جلست إلى مائدة العشاء تتظاهر بأن أمراً لم يعكر صفوها، ولم تشأ أن تفاتح عز الدين في أي موضوع، بل تركت الأيام تكشف ذلك. غير أنها لاحقاً وفيما كانت تمارس دورها كزوجة، تهتم بشؤون بيتها، كما تهتم بفنها، وبينما تنقل متعلقات عز الدين الشخصية من الملابس التي خلعها إلى تلك التي سيرتديها في اليوم التالي، عثرت في أحد جيوب سترته على صورة ممزقة، فتفحصت بقاياها فلم تجد فيها سوى جزء من وجهه إلى جوار بقايا صورة امرأة لم يبق منها إلا جديلات من شعر أصفر.

وضعت فاتن الصورة على الكرسي الذي اعتاد عز الدين أن يجلس عليه بعد استيقاظه، فأمسك بها وبادر قائلاً:

= مارميتهاش ليه؟

* أنا قلت يمكن تحب تحتفظ بها!

= لا دي صورة من ألبوم فيلم «رقصة الوداع» مش حلوة قطعتها.

تأكّد لفاتن من خلال الصورة الممزقة، ومن الأوصاف التي قالها حارس العمارة، أن السيدة في الواقعتين واحدة، وأنها هي التي ذكرها ألبير نجيب، سامية كمال. وبطريقتها الخاصة، استطاعت فاتن أن تصل إلى حقيقة هذه الشخصية.

راحت تجمع المعلومات عنها من العاملين في الأستوديو، فعرفت أنها راقصة مغمورة، تعمل في أحد ملاهي شارع الأهرامات، وقد استغلت وجود شبه بينها وبين الفنانة الكبيرة سامية جمال، وأطلقت على نفسها اسم «سامية كمال» فلم تكتف بتقليدها في رقصها وطريقة كلامها، بل سطت أيضاً على اسمها.

اسمها الحقيقي «نفيسة عسران»، وكانت تعمل هي وشقيقتها في ملاهي شارع الهرم، حيث التقاها عز الدين ذو الفقار، وكان بصحبته مساعده رزق عبد الحميد الذي قام بمهمة التعارف بينهما، إذ عرض عليه فكرة أن ترقص في أحد مشاهد الفيلم الذي كان يصوره.

ولم يتردد عز الدين في ذلك، وطلب إليها أن تزوره في مكتبه في اليوم التالي، والراقصة المغمورة لم تتردد كذلك إذ رأت أنها فرصتها لتبدأ مشوارها السينمائي، فربما ابتسم لها الحظ، وصارت النجمة «سامية كمال» مثل «سامية جمال»، خصوصاً إذا كان من سيقدمها هو المخرج الكبير عز الدين ذو الفقار، صانع النجوم. وما إن انصرفت، حتى نظر عز إلى مساعده وهو يضحك: «ماهو الواحد ما يقدرش ياكل بقلاوة على طول. لازم برضه يأكل حتة طرشي بلدي من وقت للتاني».

استقرت في وجدان فاتن فكرة طلب الطلاق من عز الدين، فقد أصبحت الحياة بينهما مستحيلة، بعدما تأكدت أنه يخونها. ربما كانت تلك الراقصة المغمورة، هي السبب المباشر، لكن من المؤكد أن ثمة أسباباً أخرى جعلتها لا تشعر بالسعادة في حياتها إلى جوار عز الدين، ما دفعها إلى التفكير في هذا الاتجاه.

البقية في الحلقة المقبلة