يبدو أن الحكومة الصينية قررت أخيراً التخلص من سياسة الحد من المواليد التي اتبعتها منذ عقود -حسبما أفادت تقارير إعلامية أخيراً- التي كانت بكين تهدف من خلالها إلى معالجة المخاوف المتعلقة بالزيادة السكانية، لكن هذه القيود كان لها عواقب وخيمة مثل عمليات الإجهاض القسري وعدم التوازن بين الذكور والإناث وضعف قوة العاملة.

إن سياسة الصين للحد من المواليد بحاجة عاجلة للإنهاء، لكن حتى ذلك لن يحفز طفرة مواليد صينية جديدة، خصوصاً أن معدلات الولادة كانت في انخفاض فعلاً قبل تفعيل هذه السياسة، كما انخفضت في بلدان لم تطبق قيوداً مشابهة مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية واليابان وهونغ كونغ، بحسب تقرير لـ«بلومبرغ».

Ad

حل غير فعال

- انخفضت معدلات الولادة في الصين حتى قبل تطبيق السياسة عام 1979، وتراجعت بوتيرة أسرع منذ عام 1960 في بلدن أخرى أكثر ثراء وتحضراً، وحتى في البلدان الأخرى، التي سجلت نمواً مشابهاً لما حققته الصين.

- ارتفع عدد المواليد في الصين بنسبة 8 في المئة تقريباً عام 2016 بعدما أنهت الحكومة سياسة الطفل الواحد وتحولت إلى سياسة الطفلين في عام 2015، لكنه تراجع بنسبة 3.5 في المئة خلال عام 2017.

- بعد هذه المؤشرات، من المستبعد التشكيك في توقعات الأمم المتحدة التي ترجح بدء انخفاض عدد سكان البلاد خلال عقد من الزمان، وهي تكهنات لا تنبئ بالخير طبعاً بالنسبة لآفاق الاقتصاد الصيني.

- عندما ينخفض معدل المواليد بشكل حاد من مستويات عالية في بلد ما، يمكنها على مدى عقود التمتع بما يطلق عليه «العائد الديمغرافي»، حيث ترتفع نسبة من هم في سن العمل ويتراجع من يحتاجون للإعالة.

- في هذه الحالة يتسارع النمو، وقد تزامنت طفرة النمو الكبيرة في الصين خلال العقود الأربعة الماضية مع انخفاض حاد في نسبة السكان في سن الإعالة، لكن هذه الأيام انتهت بعد بلوغ الصين ذروتها السكانية عام 2010.

- من المتوقع ارتفاع نسبة من هم في سن الإعالة فوق 50 في المئة من إجمالي عدد السكان في الصين بحلول عام 2032، ما ينذر بانعكاس الاتجاه الاقتصادي.

خسائر اقتصادية

- بفضل التحضر والتنمية الاقتصادية، تنخفض معدلات المواليد في كثير من أنحاء العالم، ويكمن الخطر بالنسبة للبلدان، التي تضغط على الهجرة في أنها ستنتهي إلى وضع مشابه باليابان، حيث يرتفع عمر السكان وتنخفض القوة العاملة.

- تتوقع الحكومة الصينية تجاوز أعمار ربع سكانها الستين بحلول عام 2030، مقارنة بـ13 في المئة من تعداد السكان عام 2010، علماً أنه حتى الآن لا يزال تعداد السكان في سن العمل قرب المليار، لكنه آخذ في التراجع.

- مع تطور الاقتصاد الصيني، أصبح اعتماده كبيراً على قطاع التصنيع، وعلى سبيل المثال، فإن حصة البلاد في صناعة النسيج والملابس العالمية تتضاءل، والأجور آخذة في الارتفاع، حسبما أفادت «ساوث تشاينا مورنينغ بوست».

- إن ارتفاع الأعمار وتراجع القوة العاملة وراء هذه الخسائر وأيضاً يدفع جهود بكين لتطوير الروبوتات، وتحاول الحكومة جاهدة الحفاظ على نمو الناتج المحلي الإجمالي، وبعبارة أكثر صراحة، هي لا تريد أن تصبح اليابان الجديدة.

حلم الهيمنة في خطر

- من المفارقات أن قيود الإنجاب في الصين، ساعدت على تراجع عدد العمال لا الحفاظ عليها على الأقل، وفي نهاية المطاف قد تقود البلاد إلى كبح الطفرة الاقتصادية.

- مع بلوغ تعداد سكان الصين أربعة أضعاف نظيره الأميركي، فمن المنطقي أن يكون لديها اقتصاد أكبر مستقبلاً، لكن من غير المحتمل أن تحافظ أي دولة صناعية (حتى أميركا) على ميزة كهذه للأبد.

- لا يزال الاقتصاد الصيني ينمو بثبات عند حوالي 6.5 في المئة، ومع فرض نمو باقي الاقتصاد العالمي بنسبة 3 في المئة، فيعني ذلك أن الصين ستشكل ربع الاقتصاد العالمي بحلول عام 2029، و40 في المئة من الاقتصاد العالمي بحلول 2050.

- لكن من الصعب جداً الحفاظ على معدل نمو يبلغ 6.5 في المئة لأربعة عقود على التوالي، وهناك أسباب للاعتقاد بأن هناك المزيد من التباطؤ في المستقبل القريب، منها نقص الغذاء والموارد الأساسية والإسكان ولاعتبارات سياسية أخرى.

- مع ذلك، فإن أهم نقص ستعانيه الصين هو في القوى العاملة، إذ تشير بعض التوقعات إلى انخفاض عدد السكان في سن العمل بمقدار الربع تقريباً بحلول منتصف القرن الحالي، وهو ما يعني إنتاجية أقل وتباطؤاً في النمو.