بعد انهيار الدول بمنظوماتها المختلفة، يسأل السائل: ألم يكن هناك من قرع الجرس؟ الجواب الأجراس "قرعت قرعا" حتى تكسرت، والألسن جفت من كثرة الكلام، فلمن يا ترى قرعت الأجراس؟ لقد قرعت لآذان لا تسمع وقلوب لا تخشع وعيون لا تدمع وعقول لا تحتمل التفكير بغير مصيرها وبقائها ومستقبل أجيالها.كل الأجراس قرعت عن أوضاع التعليم وعن أمن وسلامة الوثائق وعن قانونية "الشرهات" في دولة المؤسسات، وعن مفعول حرية التعبير في إنعاش الأوطان المصمتة، وعن أهمية صلابة المجتمع في مقابل صعود الهويات الفرعية وعن، وعن، والنتيجة النهائية استمرار العلاقة التصاعدية بين القرع والانهيار دون رؤية تبشر بكبح جماح هذه الأوضاع المرعبة.
هل تعلمون ما الذي اختلف بين اليوم وقبل عشر سنوات أو أكثر بقليل؟ إنه الحياء وطريقة الرصد والتوثيق، كان الفاسد يقترف آثامه بصمت وحرص كي لا يفتضح أمره، واليوم "يفعلها" في العلن بفخر وعين لا تنكسر، وكل من يسعى إلى فضحه يعاقب بدلا عنه في مشهد كوميدي يضج بالسخرية بكل ما هو مكتوب في مدونات النزاهة والثواب والعقاب، أما الرصد والتوثيق فهما المعنى الحقيقي للألم المضاعف أن ترى وتسمع الأفعال المجرمة على هاتفك النقال دون أن تؤدي إلى شيء غير تكريس أخذ الحق باليد، وتنامي اليأس من خطابات الإصلاح المزعوم.أيها الناس، أمامكم وطن يرتعش على سرير المرض، كل المؤشرات تقول إن الخطر داهم والأطباء يشخصون وفق المعطيات الموجودة، وحده القلب في هذا الجسد المرهق سليم معافى يطلب الخلاص من البيئة الضارة التي أوصلته إلى هذه الحال فمتى يا ترى يصح الجسد وتنعدل الأحوال؟
مقالات
الأغلبية الصامتة: قرعت قرعا
31-05-2018