تتواصل الأزمة السياسية في إيطاليا بعد الفشل في توافق بين الأحزاب لتشكيل حكومة جديدة وسط مخاوف من صعود الأحزاب الشعبوية مما يمثل خطورة على مستقبل منطقة اليورو كلها.

وبعد سنوات من التعافي البطيء من الأزمات السابقة، تحاول البنوك الأوروبية التركيز على دعم الأرباح وتقليص القروض المتعثرة، لكن الاضطرابات السياسية في إيطاليا – التي يمر قطاعها المصرفي بالعديد من المشكلات – أعادت القلق حيال منطقة اليورو إلى دائرة الضوء كما أظهرت مدى هشاشة المنظومة المصرفية في الكتلة الموحدة.

Ad

ووفقاً لتقرير نشرته «وول ستريت جورنال»، فإن التقلبات السياسية في إيطاليا وإسبانيا شكلت ضغوطاً تركزت بشكل أكبر على البنوك الأوروبية التي يراها المحللون أكثر المتضررين من الأزمة في روما.

تهديدات للقطاع المصرفي

- انخفض مؤشر «ستوكس يوروب 600» القياسي بنسبة 5 في المئة خلال الأسبوع الجاري في أعقاب عرقلة الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا لخطوة تشكيل حكومة شعبوية، كما أن الانتخابات المقبلة في إسبانيا ربما تطيح بالحزب «اليميني – الوسطي» الذي تفضله الأسواق والمستثمرون من السلطة.

- يتعرض القطاع المصرفي الأوروبي بوجه عام لتهديدات قوية حال تواصلها من الممكن أن تؤجل قرارات رفع معدلات الفائدة في عدد من الاقتصادات الأوروبية، الأمر الذي سيقيد أرباح البنوك.

- يمكن أيضاً لعدم اليقين السياسي الإضرار بالإصلاحات، التي تنفذها البنوك الإيطالية التي تعرضت أسهمها لمبيعات مكثفة أخيراً، بالتالي يمكن أن تؤجل خططها بشأن إعادة الهيكلة وتقليص القروض المعدومة.

- أثرت الثقة السلبية لدى المستثمرين في القطاع المصرفي الإيطالي أيضاً على البنوك الفرنسية والإسبانية التي تمتلك جزءا من الديون الحكومية الإيطالية.

- في البرتغال، التي تمتلك هي الأخرى جزءا لا بأس به من الديون الحكومية الإيطالية، انخفض سهم أكبر البنوك في البلاد «بانكو كومرسيال بورتجيز» بنسبة 12 في المئة هذا الأسبوع.

- يأتي عدم الاستقرار في بورصات الأسهم الأوروبية أخيراً نتيجة تضرر ثقة المستثمرين في القطاع المصرفي، الذي لا يزال يحاول التعافي من أزمة الديون الأخيرة التي عصفت بمنطقة اليورو.

- تحاول البنوك الأوروبية تقليص قروضها المعدومة – المقدرة بـ813 مليار يورو (حوالي 938.3 مليار دولار) ويوجد جزء كبير منها لدى بنوك إيطالية.

- كلما زاد عدم اليقين إزاء إيطاليا، كلما تضرر اقتصادها الأمر الذي ينعكس بالطبع على قطاعها المصرفي، كما أن التقلبات السياسية تذكر المستثمرين بأن البنوك الأوروبية لن تحقق أرباحاً كبيرة في وقت قريب.

- كان مستثمرون قد توقعوا سابقا أن يتسبب التعافي الاقتصادي وإصلاحات القطاع المصرفي في منطقة اليورو في دفع البنك المركزي الأوروبي لرفع معدل الفائدة، ثم ترتفع أرباح بنوك دول العملة الموحدة إلى 120 مليار يورو هذا العام.. وطرحت تساؤلات أخيراً: «هل هذه التوقعات واقعية الآن؟..ربما لا».

- منذ أشهر قليلة، كان التفاؤل حيال الاقتصاد الإيطالي قوياً إذ كانت أسهم بنوك روما الأفضل أداء بين أسهم البنوك الأخرى في منطقة اليورو، حيث كانت التقلبات السياسية ضعيفة وسط تفاؤل المستثمرين إزاء تقليص الديون المعدومة لدى البنوك من 350 مليار يورو إلى 285 مليار يورو في عام.

الأزمة السياسية الإيطالية

- في إيطاليا، باءت محاولات أحزاب تشكيل حكومة ائتلافية الأحد الماضي بالفشل، ورغم ذلك، توصلت إلى اتفاق شمل عدداً من الإجراءات التي تخص القطاع المصرفي.

- شملت الإجراءات المقترحة سن تشريع يسمح للبنوك الإيطالية بتعويض ديونها من مقترضي التجزئة دون الحاجة للجوء إلى القضاء، وهو الأمر الذي من شأنه إبطاء جهود خفض القروض المعدومة.

- أيضاً، تم اقتراح التأميم الكامل لـ»بنك مونتي دي باشي دي سيينا» الذي تمتلك فيه الحكومة حصة حاكمة بعد تأميمه جزئياً العام الماضي.

- رغم انهيار محاولات تشكيل الحكومة الائتلافية وإجراءاتها المقترحة المشار إليها سلفاً، فإن هناك مخاوف من عودتهم إلى المشهد حال عقد انتخابات مبكرة، ولا تزال المحادثات في روما مستمر لمحاولة التغلب على الأزمة.

- أثارت هذه الإجراءات المقترحة التساؤلات بشأن مستقبل منطقة اليورو حيث زادت تكهنات بأن تكون الانتخابات المحتمل عقدها بمنزلة استفتاء على صعود الأحزاب الشعبوية ومستقبل إيطاليا في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي.

- ركزت الأزمة أيضاً على مدى حاجة القطاع المصرفي الأوروبي للإصلاحات الهيكلية وتحقيق الوحدة والترابط داخل التكتل الموحد.

- يأتي ذلك وسط رفض من جانب ألمانيا ودول أخرى لتدشين برنامج تأمين ودائع واسع النطاق داخل الاتحاد الأوروبي إذ إن البنوك في برلين لم تتضرر كثيرا من أزمة الديون.

- خلال أزمة الديون، تعرضت القطاعات المصرفية في عدد من الدول لمخاطر الديون السيادية، وفي الوقت الحالي، تمتلك عشرة بنوك إيطالية ديوناً حكومية خاصة بروما يزيد حجمها عما تمتلكه من رؤوس أموال.

- بعد البنوك الإيطالية، تعد المصارف الفرنسية الأكثر عرضة للمخاطر المحيطة بالديون الحكومية الإيطالية إذ تستحوذ بنوك باريس على ديون إيطالية بقيمة 44.27 مليار يورو تليها إسبانيا بحوالي 28 مليار يورو.

- رغم كل ذلك، قلل محللون من احتمالية وقوع أزمة كبيرة أخرى في منطقة اليورو، لاسيما أن الاقتصاد في منطقة اليورو يشهد نمواً ولا يزال البنك المركزي الأوروبي ملتزماً بإجراءات التيسير الكمي (شراء سندات حكومية وخاصة).