لص السعادة

المقارنة تسلب منك متعة الحياة وبهجة ممارستك لشغفك أو هوايتك المفضلة، هي بعثرة لطاقاتك ووقتك الذي يمكنك أن تستثمره بشكل أفضل لتحسين ذاتك وتطويرها. المقارنة لص السعادة والرضا، هي ظلم في حقك وطعن بذاتك المتفردة التي لا مثيل لها على هذه الأرض.

لكل شيء في هذه الحياة ثمن، فالموهبة المصقولة ما هي إلا نتاج سنوات- بل عقود- من الانضباط والعمل الجاد، وتلك الساعات الطويلة هي ما يميز المحترفين عن الهواة، وكذلك النجاح المادي والحصول على الجسد الصحي القوي، كلها تحتاج إلى الكثير من الصبر والاجتهاد.

قد لا يكون لديك الاستعداد الكافي لتحمل ضريبة الشهرة أو النجاح أو تلك المسؤولية والخوف اللذين قد يأتي بهما الغنى الفاحش، وقد تكون الأقدار قد خصتك بإحدى تلك الخصال على هيئة بذرة تحتاج منك إلى رعايتها كي تنمو وتزدهر. الالتزام والعمل الجاد هما ما سيحققان لك أهدافك، هي خصال حميدة ندرت في مجتمعنا، بل قد يستهزئ البعض بها لإيمانه بعدم الحاجة إليها في دولة الرفاهية.

لنا في حصان المضمار خير مثال، فهو يمضي في طريقه قُدماً دون الالتفات يمنةً ويسرة إلى ما قد يضعفه ويشتت انتباهه، وإن كان مضطرا إلى غض البصر وحجب عينيه جزئياً. ألقِ بشعاع تركيزك على أعمالك ومشاريعك وستنضج ثمارها على أكمل وجه.

لا تقارن نفسك مع من هم أفضل منك ولا من هم دونك، فكلٌ منا حالة خاصة لن تتكرر، لكلٍ منا جوهر يميزه ولا يبرز جماله إلا بالصقل المستمر.

لا تفرط في المقارنة مع من هم أفضل منك فتصاب بالإحباط والقلق، وتقف في مكانك عاجزاً تحت وطأة الغيرة والحسد، إن كان ولا بد، فلتكن إنجازات الآخرين وقوداً يدفعك إلى الأمام، ودرساً في التواضع والتعلم من الآخرين. لا أحبذ المقارنة حتى مع من هم دوننا، وإن كانت تلك نصيحة كثيراً ما نسمعها من باب الامتنان وتقدير نعمة الله علينا، لكنني أرى أنها قد تكون باباً للمفاضلة والشعور الزائف بالفخر أحياناً.

اعرف قيمتك ونمّ حب الذات والثقة فيها دون أنانية، عامل نفسك برفق، لكن تذكر ضرورة وضع أهداف تتوافق مع رؤيتك والعمل عليها، فوقتنا محدود على هذه الأرض.

* "لا تفكر الزهرة بالمنافسة مع الزهور الأخرى في البستان؛ إنها تُزهر فحسب". زن شن (حكمة صينية)