إيطاليا بقبضة الشعبويين مع حكومة أقل عدائية لأوروبا
• «5 نجوم» تتولى الاقتصاد و«الرابطة» الأمن
• برلوسكوني «المعزول» يرغب في قيادة المعارضة
بعد نحو ثلاثة أشهر من المفاوضات والتطورات غير المسبوقة حتى في هذا البلد المعتاد الأزمات السياسية، أدى أول تحالف حكومي في إيطاليا بين حركة فتية مناهضة للمؤسسات وحزب يميني متطرف، اليمين الدستورية في روما أمس، برئاسة جوزيبي كونتي، رجل القانون الحديث العهد بالسياسة، الذي وعد باتباع سياسة أمنية ومعارضة لإجراءات التقشف في ثالث أقوى اقتصاد بأوروبا.
أدّى الإيطالي جوزيبي كونتي اليمين الدستورية رئيسا لوزراء إيطاليا على رأس حكومة ائتلافية شعبوية، امس، بعدما وافق الرئيس سيرجيو ماتاريلا على قائمة منقحة بالوزراء الجدد.وأنهت مباركة الرئيس الأسابيع التي شهدت خلافات سياسية وعدم اليقين بعد انتخابات 4 مارس، مما هز الأسواق المالية، وأثار مخاوف لدى شركاء إيطاليا في الاتحاد الأوروبي.وتوصلت "حركة 5 نجوم" (المناهضة للمؤسسات) و"رابطة الشمال" (يمين متطرف مناهض للهجرة والمسلمين) الى تسوية مع ماتاريلا الذي طالب بضمانات حول بقاء ايطاليا في منطقة اليورو.
وكان الرئيس لجأ إلى تعطيل لائحة أولى للحكومة مساء الاحد، لكنه وقع مساء أمس الأول، لائحة معدلة بوزراء اقسموا الدستورية، أمس، على ان تعقد جلسة طلب الثقة في البرلمان في مطلع هذا الاسبوع.واختار التحالف الحكومي كونتي، استاذ الحقوق والمحامي البالغ 53 عاما الذي لم يكن معروفا في الاوساط السياسية قبل 15 يوما، لتولي رئاسة الحكومة. وسيجلس الى جانب ماتاريلا اليوم، لحضور العرض العسكري لمناسبة العيد الوطني.وسيمثل كونتي الذي كان لا يزال يواصل قبل يومين، محاضراته في جامعة فلورنسا، ايطاليا في قمة مجموعة السبع في كندا.وعُين لويجي دي مايو زعيم "5 نجوم" وماتيو سالفيني زعيم "الرابطة" نائبين لرئيس الحكومة، بعد ان كانا في مقدمة الحملة ولعبا دورا اساسيا في المفاوضات الطويلة، على أن يتولى الأول وزارة التنمية الاقتصادية والعمل، والثاني وزارة الداخلية.وافتتحت بورصة ميلانو تداولاتها أمس، على تحسن مقارنة باليوم السابق وارتفع مؤشر "ميب" بنسبة 2.10 في المئة ليسجل 22.241 نقطة بعد زيادة بأكثر من 2.5 في المئة في التبادلات الأولى.وساد الترقب أمس، إزاء رد فعل الاسواق المالية التي شهدت نشاطا حثيثا في الاسابيع الماضية، وخصوصا مع ارتفاع الفارق بين معدلات الفائدة الألمانية والإيطالية على عشر سنوات. وتم تعيين جيوفاني تريا، أستاذ الاقتصاد السياسي المقرب من رؤية "الرابطة"، لكنه مؤيد لبقاء البلاد في منطقة اليورو، في منصب وزارة الاقتصاد والمالية الحساسة.وبعدما كان باولو سافونا (81 عاما) خبير الاقتصاد الذي يعتبر اليورو "سجنا ألمانيا"، مرشحا لحقيبة الاقتصاد، تم تعيينه في الحكومة الجديدة وزيرا للشؤون الاوروبية.ويتولى وزارة الخارجية اينزو موافيرو ميلانيزي المؤيد لاوروبا والذي عمل طوال 20 عاما في بروكسل وكان وزيرا للشؤون الاوروبية في حكومتي ماريو مونتي وانريكو ليتا (2011- 2014).وفي النهاية، تتألف الحكومة من 18 وزيرا بينهم خمس نساء فقط وموزعين بشكل شبه متساو بين الحزبين مع ان الرابطة لم تحصل إلا على 17 في المئة من الأصوات في الانتخابات التشريعية في الرابع من مارس، في مقابل أكثر من 32 في المئة لحركة "5 نجوم".وكان كونتي تعهد الخميس الماضي بعدما عرض لائحة حكومته "العمل بجد لتحقيق الأهداف السياسية التي أعلناها في اتفاق الحكومة وسنعمل بتصميم من أجل تحسين مستوى معيشة كل الإيطاليين".وبموجب "اتفاق الحكومة"، الذي استغرق عشرة أيام من المفاوضات وتم اعلانه قبل اسبوعين، ستتخلى البلاد نهائيا عن اجراءات التقشف و"تعليمات" بروكسل لتركز على سياسة نمو اقتصادي من أجل الحد من العجز الهائل في الدين العام الايطالي.وتعهدت الحكومة بخفض سن التقاعد والحد بشكل كبير من الضرائب، وهو أحد الوعود الأساسية للرابطة، وتأمين "مدخول للمواطنين" بقيمة 780 يورو في الشهر، وهو أحد أبرز وعود الحملة الانتخابية لحركة "5 نجوم".وتمثل هذه التشكيلة الحكومية مواقف "5 نجوم" إزاء البيئة والتقنيات الحديثة، وأيضا خطاب "الرابطة" الداعي إلى اعتماد مبادئ اخلاقية في الحياة السياسية وتشديد الإجراءات الأمنية، والمعادي للهجرة والمسلمين.يذكر أن "الرابطة" تعتبر ان اليورو "تجربة اقتصادية واجتماعية خاطئة"، وتدعو إلى سلسلة من الاصلاحات تفضي الى خروج بالتنسيق مع دول أخرى، إلا أن برنامج الحكومة المشترك بين الحزبين والمعارض بشدة لإجراءات التقشف يمكن أن يثير توترا مع شركاء البلاد في منطقة اليورو.ويؤكد دي مايو وسالفيني انهما يعتزمان تولي الحكم على مدى خمس سنوات، إلا أن الأغلبية التي يتمتعان بها ضيقة وهي 32 صوتا في مجلس النواب وبضع عشرات في مجلس الشيوخ كما ان المجلسين لهما السلطات نفسها. وسيتعين عليهما ضمان ولاء كل اعضاء حزبيهما في المجلسين حتى الذين لا ينظرون الى التحالف بعين الرضا.كما لا يزال من غير المعروف مدى النفوذ الذي يتمتع به سيلفيو برلوسكوني، حليف سالفيني والذي رفض دي مايو مجرد الحديث معه. وبعد شهرين من العرقلة، أعطى الملياردير موافقته لتشكيل الائتلاف لكنه وبعدما استعاد الأهلية للترشح تعهد بأن يقود "معارضة عادلة وناقدة"، وخصوصاً أنه غير راض بتاتاً عن الجوانب القضائية في برنامج الحكومة.
الحكومة الجديدة تتألف من 18 وزيراً بينهم خمس نساء فقط