مسؤول إدارة الشؤون الإسلامية في بينانج الماليزية رسلي عثمان لـ الجريدة.: الفتاوى المنحرفة والشاذة جلبت الويلات على الأمة الإسلامية
«أخذ الدين من مصادر ليست صحيحة كالحصول على الفتاوى من الإنترنت»
حذَّر مسؤول إدارة الشؤون الإسلامية في مدينة بينانج الماليزية رسلي عثمان، من خطورة انتشار الفتاوى الشاذة والفوضوية، فكل شخص لديه موقع على الإنترنت يفتي دون علم أو دراية حقيقية، داعياً في مقابلة مع "الجريدة" أثناء زيارته الأخيرة للقاهرة، إلى وضع قوانين لحسم تلك المسألة ومنع الفتاوى المنحرفة والشاذة، التي تجلب الويلات على الأمة الإسلامية، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تلك الفتاوى.. وإلى نص المقابلة:
• كيف ترى ظاهرة انتشار الفضائيات وأثرها على الدين؟- ظهور الفضائيات الكثيرة وانتشارها السريع جعل من تلك الأداة وسيلة رئيسية لخدمة شؤون الدعوة ونشر العلم الصحيح والوسطي، فلم يعد المسجد هو المصدر الرئيس لتلقي العلم وتصحيح المفاهيم وترسيخ القيم والمبادئ، بل أصبحت الوسيلة الإعلامية، وخصوصاً القنوات الفضائية الخاصة، مجالاً مهماً وأداة رئيسية في خدمة هذه الأهداف وتحقيق تلك الرسائل، لذا وجب استخدامها وتقويم الخارج منها عن الصواب ووضع مواثيق شرف للعمل بها.
• برأيك، ما الضرورات الملحة على المستوى الديني في عصرنا الراهن؟- من الضرورات الملحة التي تفرضها المرحلة تجديد الخطاب الديني وتنويعه واستحداث أساليب جديدة، وفتح باب الاجتهاد لمن تتوافر فيه شروط الاجتهاد والتجديد، بما يعيد للخطاب الديني قوته وتأثيره، بعد أن أخذ في التراجع بفعل عوامل داخلية وخارجية أثرت على مجمل مخرجات الخطاب الديني سلباً، ودفعت العديد من أفراد المجتمع إلى الانصراف عن التعاطي مع الخطاب الديني التقليدي.• ما مدى حاجة الأمة إلى الفتوى الصحيحة؟- الفتوى الصحيحة من هم الأدوات التي تساعد في تحقيق استقرار المجتمعات وتعزيز السلم والأمن والأمان بين أفرادها، والفتوى التي تصدر من غير المتخصصين تسبب مشاكل واضطرابات كبيرة في المجتمعات، فالجماعات الإرهابية تجذب اتباعها من خلال تصدير خطاب ديني مشوه تستقطب به عدداً كبيراً ممن يفتقرون إلى العلم والإحساس بالهوية أو الانتماء من الشباب صغير السن، الذي يرغب في المغامرة دون وعي ولا بصيرة.• كيف ترون إلصاق تهم العنف والإرهاب بالإسلام والمسلمين؟- الإسلام دين السماحة والوسطية وقبول الآخر، وقد تصدى للإرهاب ولكل أشكال العنف والتطرف وإشاعة الفوضى والانحراف الفكري، وكل عمل يقوِّض الأمن ويروِّع الآمنين، وكلها أشكال تشيع في المجتمع الرعب والخوف وترويع الآمنين وتحول بينهم وبين الحياة المطمئنة، التي يسودها الأمن والأمان والسلم الاجتماعي، وجرائم الإرهابي تتعارض كلياً مع الجوهر الحقيقي للرسالة المحمدية، التي قال الله في حق نبيها: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".• ما خطورة الفتوى من وجهة نظرك؟- صدرت العديد من الفتاوى التي تستهدف تأييد حزب أو فكر وتحقيق نفع أو محاباة، وتلك الفتاوى لها أثر كبير في زعزعة الاستقرار في المجتمعات الإسلامية، وباسم الفتاوى الشاذة يتم ذبح الأبرياء وحرق المدارس وسبي النساء وترويع المجتمع بأكمله. • حدثنا عن طبيعة الوضع في ماليزيا؟- لدينا نظام ملكية دستورية ولدينا مؤسسات دينية في 14 ولاية على مستوى ماليزيا، وكل ولاية بها أمير وسلطان ولكل ولاية دار إفتاء، وكلها تعمل تحت رعاية الحكومة مباشرة، وقد ركزنا خلال العقود الماضية على التربية والتعليم، واستخدمنا جميع الوسائل المتاحة وخطب الجمعة والمساجد في نشر تعاليم الدين.• هل يتم التنسيق بين الولايات فيما يتعلق بإصدار الفتوى؟- نعم، المفتون من جميع الولايات بينهم تنسيق مستمر، فهناك فتوى على المستوى القومي وأخرى على مستوى الولاية للتيسير على الناس في أمور حياتهم.• كيف يتم التعامل مع الفتاوى الشاذة؟- الفتاوى الشاذة والفوضوية زادت بشكل كبير، فكل شخص لديه موقع على الإنترنت يفتي، ولابد من وضع قوانين لحسم تلك المسألة ومنع الفتاوى المنحرفة والشاذة، التي تجلب الويلات على الأمة الإسلامية، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تلك الفتاوى.• ما التعامل الأمثل لمواجهة ظاهرة الإرهاب؟- طبعاً هذا أمر مهم، فقد تم إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام منذ وقت طويل للهجوم على الدين وأتباعه، ولابد من معرفة أسباب التطرف التي يأتي في مقدمتها سوء الفهم للإسلام، وهناك من يستغل حماسة الشباب واندفاعهم وحميتهم على الإسلام، علاوة على التركيز على مفاهيم سطحية وأخذ الدين من مصادر ليست صحيحة كمن يأخذون الفتاوى من الإنترنت، وكلها من أمراض العصر.• ما المطلوب من الدول الإسلامية في هذا التوقيت؟- على الدول الإسلامية إطلاق مبادرة جادة لغرس القيم الإسلامية والتنشئة الصحيحة للأجيال القادمة، لمواجهة التطرف وتفنيد فكر تنظيم "داعش" ومن على شاكلته.• لكن البعض تساهل في استصدار الفتوى؟- التساهل في الفتوى كارثة عواقبها وخيمة، ومن يلجأ لذلك فهو بدافع حب الظهور وبريق الشهرة وهو من أكبر الأسباب التي تدعو المتصدين للفتاوى بلا ضابط، فصاحب الفتاوى المتساهلة تزداد شعبيته وتكثر جماهيره، ويُثْنَى عليه بأنه معتدل، وأنه يمثل المنهج الوسطي بينما صاحب الفتوى المستندة إلى الأدلة الشرعية يوصف بأنه متشدد وأنه لا يعرف إلا لغة التحريم، وأنه يشق على الناس ويثقل عليهم، أيضاً الجهل وعدم دراسة الأحكام الشرعية دراسة منهجية مؤصلة والاعتماد على الثقافة العامة، والدراسة السطحية للمسائل، وعدم استشعار مسؤولية الفتوى وما يترتب عليها، فَيُسْأَل بعضهم عن مسألة معينة، ويشاهده الملايين من البشر، ومع ذلك يجيب مباشرة ولو عرضت مسألته على سيدنا عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر.
على الدول الإسلامية إطلاق مبادرة لغرس قيم الإسلام لدى الأجيال الجديدة