صوت الإمام
صدر حديثاً عن دار عيد للنشر كتاب "صوت الإمام... الخطاب الديني من السياق إلى التلقي"، للدكتور أحمد زايد في 385 صفحة، ويعالج قضية تجديد الخطاب الديني من منظور سوسيولوجي، محاولاً أن يجيب عن تساؤلات مهمة، كيف يتشكل السياق المنتج للخطاب الديني، وكيف تتشكل النخب الدينية، وما دورها في صناعة الإطار الديني الأكثر هيمنة؟ ولماذا يرتبط الخطاب الديني بالآخرة أكثر من ارتباطه بالدنيا، وكيف يتم تلقي الخطاب الديني من قبل الجمهور؟ أسئلة كثيرة وعميقة حاول الكتاب أن يجيب عنها.ويرى الكاتب أن الخطاب الديني لا ينفصل عن سياق خلقه، ولكن ليس معنى ذلك أن السياق ينتج الخطاب ميكانيكياً، كما أن الخطاب لا ينفصل عن الذات التي أنتجته، ولا الذات التي تنقله ولا الذات التي تتلقاه، ولذا فالخطاب الديني متعدد ومعقد عبر الزمن، فالخطاب الديني هو جزء من نظام الهيمنة والضبط والرقابة، ولذلك فهو قد لا ينشغل بقضية التنمية والتقدم قدر انشغاله بتثبيت الوضع القائم.
ويشير الدكتور أحمد زايد في كتابه إلى أن النخب الدينية القائمة على الخطاب الديني تتسم بالتعدد، وأنها توظف ثقافة الإستهلاك، مثل توظيف القنوات والأشرطة ووسائل التواصل الاجتماعي، وتوظيف كل الأوعية الاتصالية، لافتاً إلى أن النخب الدينية اندمجت داخل ثقافة الاستهلاك فتحولت إلى نجوم إعلامية، وصارت النخب الدينية الأكثر سيطرة على عملية الإنتاج الثقافي، فخطابها أكثر تأثيراً، وهذه النخب هي جزء من الطبقة الوسطى، وأصبح للدعاة طلة جسدية كجزء من الرأسمال الثقافي والرمزي لهذه الطبقة.ويرى زايد أن الدين يؤدي دوراً محورياً في تشكيل الهوية من خلال حضور الدين في الحياة العامة، والخاصة، فلم تنزع التغيرات الحديثة الدين من الحياة، ولم ترفعه من المجال العام وتنزله إلى المجال الشخصي، بل ظل حاضراً في كل المستويات في الحياة السياسية، وفي الخطاب السياسي، ولم يبعد الدين حتى عن المشاركة في الحكم، وفي تسيير أمور المجتمع.وعمد الكاتب من خلال الفصلين الخامس والسادس في كتابه إلى تحليل الخطاب الديني، فرأى أن الخطاب الديني السائد له توجه أخروي وماضوي، وأن نسبة 77 في المئة من الخطب الدينية لها توجه أخروي حيث تنصب على قضايا العلاقة مع الله، والدار الآخرة، والعبادات الأحكام والفتاوى، والقرآن والنبي (صلى الله عليه وسلم) وصفاته، في حين التوجه الدنيوي لتلك الخطب لا يتجاوز 23 في المئة، حيث تشمل مواضيع دينية وسياسية واجتماعية.