بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، فترته الرئاسية الثانية التي تنتهي عام 2022، بحلف اليمين الدستورية أمام البرلمان، مقدماً في خطاب للشعب المصري الخطوط العريضة لبرنامج عمل الدولة في السنوات الأربع المقبلة، مؤكداً أنه مستمر في إجراءات الإصلاح الاقتصادي، مشدداً على أن الاختلاف بين المصريين قوة مضافة، وأنه يرحب بقبول الآخر، طالما لم يختر العنف والإرهاب، لافتا إلى أن القاهرة تسعى لعلاقات متوازنة مع مختلف الأطراف الدولية.

وتلا السيسي اليمين الدستوري أمام نواب الشعب، قائلا: "أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصا على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه"، ليندفع بعدها النواب في موجة من التصفيق، بينما أطلقت مدفعية الشرف 21 طلقة احتفالا بحلف اليمين.

Ad

وبدا احتفال الأمس أقل فخامة وأكثر بساطة من الاحتفال الضخم الذي شهدته البلاد، عندما تسلّم السيسي السلطة من الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور في حفل مهيب، بعد فوز الأول بانتخابات 2014، إذ أريد للاحتفال وقتئذ أن يكون صورة لمصر المستقرة بعد أعوام الثورة التي أطاحت بنظامي الرئيس حسني مبارك عام 2011، والرئيس محمد مرسي في 2013.

وفاز السيسي بالانتخابات الرئاسية التي أجريت في مارس الماضي، وأعلنت نتائجها مطلع أبريل بنحو 97 في المئة من إجمالي الأصوات الصحيحة (22.5 مليون مصوت)، فيما لم يحصل منافسه الوحيد والضعيف رئيس حزب "الغد"، موسى مصطفى موسى، إلا على نسبة 3 في المئة، في انتخابات أجريت في غياب أبرز منافسي السيسي أمثال الفريق أحمد شفيق، والفريق سامي عنان، لأسباب مختلفة.

دقيقة اعتزاز

ووجه السيسي من فوق منصة البرلمان خطابا إلى الشعب المصري، وبدأ الكلمة بالوقوف "دقيقة اعتزاز وتقدير" على من ضحوا في سبيل مصر بأرواحهم، وأضاف: "أقف اليوم متحدثا إليكم في مستهل فترة رئاسية جديدة... أجد مشاعري قد اختلطت ما بين الشعور بالسعادة بتجديدكم الثقة في شخصي لتحمل مسؤولية وطننا العظيم، والشعور بعظم المسؤولية وحجم التحديات، فقيادة دولة بحجم مصر أمر لو تعلمون عظيم".

وجدد السيسي العهد مع المصريين "بأن نواجه التحدي ونخوض غمار معركتي البقاء والبناء، متمسكين بعقدنا الاجتماعي الذي وقعناه سويا دولة وشعبا، بأن يكون دستورنا هو المصارحة والشفافية، ومبدأنا الأعظم هو العمل متجردين لصالح هذا الوطن، وأن نقتحم المشكلات ونواجه التحديات، ونحن مصطفون".

وأشار إلى أنه لن يدخر جهداً في اقتحام أي مشكلة، لأنه يثق بأن "اصطفاف الشعب المصري العظيم ضمانة الانتصار والعبور نحو المستقبل"، وأشاد بالشعب المصري العظيم الذي أثبت عراقته وصلابته، ووجه التحية إلى المرأة المصرية ومعها كل أفراد الأسرة الذين يخوضون معركة التنمية والبناء "كي نحقق حلمنا الوطني بمصرنا دولة حديثة تقوم على أسس الحرية والديمقراطية، وتستعيد مكانتها اللائقة بين الأمم".

وتحدث عن فترته الرئاسية الأولى، مؤكداً أن الشعب المصري واجه بقوة "الإرهاب الغاشم الذي أراد أن ينال من وحدة وطننا الغالي، وتحملنا معاً مواجهة التحديات التي خلفها لنا الإرث الثقيل من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وما نجم عنها من آثار سلبية على مناحي الحياة كافة، والحقيقة الجلية أننا كنا نواجه خلال الفترة الرئاسية الأولى التحدي الأكبر في تاريخ وطننا... استطعنا أن نعبر مرحلة عصيبة".

ولفت الرئيس المصري إلى أن خطة عمله منذ توليه الحكم تقوم على "الإسراع بالخطى في الإصلاح على جميع المستويات... بجانب المواجهة الأمنية للمخاطر التي تحيق بمصر... بالتوازي مع مخطط شامل للإصلاح الاقتصادي... والتي ارتبطت به شبكة من برامج الحماية الاجتماعية".

وقدم السيسي الخطوط العريضة لفترته الرئاسية الثانية، قائلا: "الآن وقد تحققت نجاحات المرحلة الأولى من خطتنا فإنني أوكد لكم أننا سنضع بناء الإنسان المصري على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة المقبلة... بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد بعد محاولات العبث بها"، وأشار إلى أن ملفات وقضايا التعليم والصحة والثقافة ستكون في مقدمة اهتماماته خلال الفترة الرئاسية الثانية.

وشدد على أن الدولة المصرية ستمضي قدماً وبثبات نحو تعزيز علاقتها المتوازنة مع جميع الأطراف الدولية والإقليمية، وتبادل المصالح دون الانزلاق إلى نزاعات أو صراعات لا طائل منها، وتأكيد مبدأ الحفاظ على السيادة الوطنية للدول، وعدم التدخل في شؤونها، بالإضافة إلى تدعيم دور مصر التاريخي بالنسبة للقضايا المصيرية بالمنطقة.

وأشار السيسي إلى أن مصر "تسعنا جميعا بكل تنوعاتنا... وإيمانا مني بأن كل اختلاف قوة مضافة إلينا... فإنني أوكد لكم أن قبول الآخر، وخلق مساحات مشتركة فيما بيننا سيكون شاغلي الأكبر لتحقيق التوافق والسلام المجتمعي، وتحقيق تنمية سياسية حقيقية بجانب ما حققناه من تنمية اقتصادية، ولن أستثني من تلك المساحات المشتركة إلا من اختار العنف والإرهاب والفكر المتطرف سبيلا لفرض إرادته وسطوته، وغير ذلك فمصر للجميع وأنا رئيس لكل المصريين"، مبشرا الشعب المصري بأن "أروع أيام هذا الوطن ستأتي قريبا".

وعلمت "الجريدة" أن قطاعات عديدة في مصر ستدخل مرحلة جديدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، إذ يتوقع أن يتم البدء في خطوات إنشاء حزب للأغلبية البرلمانية "دعم مصر"، ودمج العديد من الأحزاب مع بعضها، بالتوازي مع إجراء تعديلات تشمل رؤساء الصحف القومية.