• لمَ نجحت "شياطين ليلة الجمعة"؟

Ad

- هي أحد الأعمال الناقدة، ومحاكمة عنيفة وقاسية للمجتمع، التي تركز بشكل رئيس على الجوانب السلبية في المجتمع الكويتي من حب المظاهر والتسلق وتفشي الجهل، كما تثير العديد من التساؤلات حول طبيعة عمل العديد من المؤسسات والمراكز الحيوية في قطاع الخدمات والنظامين الوظيفي والتشريعي، وتتضمن العديد من القضايا، من خلال ثلاثة فصول، بأسلوب لوحات وهي: الرجل المناسب، المادة 206، شياطين ليلة الجمعة، يا حلو الاستثمار، الصحافة، انتخابات مجلس الأمة.

• هل استمر عرضها فترة طويلة؟

- كتبها الثنائي الناجح عبدالعزيز السريع وصقر الرشود وإخراج الأخير، عرضت على مسرح كيفان في 15 ديسمبر 1973، واستمر عرضها ثلاثة وثلاثين يوماً، وقدمت خلال عيد الأضحى المبارك في العام نفسه بواقع عرضين يومياً، كما شاركت في مهرجان المسرح العربي الحديث الذي أقيم في المملكة المغربية خلال الفترة من 6 إلى 16 مارس 1974، وأعيد عرضها مدة عشرة أيام في أبريل 1974.

كما قدمت الفرقة عرضاً خاصاً على مسرح كيفان السبت 30 مارس 1974، تكريماً لوزير الثقافة المصري حينها يوسف السباعي والوفد المرافق له. والعمل من بطولة: محمد المنصور، وخالد العبيد، ومحمد السريع، وعبدالله الحبيل، وسليمان الياسين، وحميد السلمان، وعبدالله المنيع.

الحق الأدبي

• هل من الضرورة الالتزام ما يكتبه المؤلف؟

- أنا أحترم كل حرف يصوغه المؤلف المسرحي، لأن ما علينا هو إيصال ما يريد الكاتب قوله، أما في مسألة إضافة أو حذف أي كلمة فيجب الرجوع إليه لأنه صاحب الحق الأدبي، أما ما يحصل في وقتنا الراهن مع الأسف هو عدم الالتزام بالنص المكتوب، إذ تتم إضافة حوارات خارجية من قبل الممثلين، أعلم تماماً أن صراحتي هذه ستغضب بعض الفنانين، لكنها حقيقة.

الترويح السياحي

• وما هي المحطة الأخرى مع مسرح الخليج؟

في فترة الترويح السياحي في سبعينيات القرن الماضي، التي أشرف عليها المربي الفاضل الراحل صالح شهاب، وهو أحد رواد الحركة السياحية، إذ استقطب الكثير من الفرق الغنائية والشعبية وحفز المسارح الأهلية والخاصة على المشاركة في الفعاليات، ونحن كفرقة مسرح الخليج العربي قدمنا مسرحية "يا غافلين"، من تأليف محمد السريع وإخراج منصور المنصور، تلقي الضوء على شخصية مهمة في المجتمع الكويتي خصوصاً في فترات تطور الحياة العصرية في البلاد، ألا وهي شخصية "المحقق" الذي يبذل الكثير والكثير من أجل راحة المواطنين والمقيمين، وكيف يقضي هذا المحقق يومه في الاستماع إلى مشاكل الناس والتوفيق بين الأطراف المتنازعة، ويحاول قدر استطاعته حفظ القضية حفاظاً على كيان الأسرة، والأحداث تدور في مكتب المحقق بأحد مخافر الشرطة، وتحفل بنماذج عديدة من عامة الناس الذين لا تربطهم بالمجتمع علاقات حية، والمسرحية تتكون من فصلين فقط، عرضت على مسرح كيفان من 31 يوليو إلى 10 أغسطس 1974. ومعي في التمثيل خالد العبيد، وحياة الفهد، ومنصور المنصور، وسليمان الياسين، ومحمد السريع، وعلي المفيدي، وعبدالرحمن العقل، وعبدالله الحبيل.

ابنة مسرح الخليج

• ماذا عن "بحمدون المحطة"؟

- إنها مسرحية رهيبة، قال لي الرائد المسرحي صقر الرشود، لقد قدمنا مسرحية "ضاع الديك"، وأنت ابنة مسرح الخليج العربي، وحياة الفهد أم مسرح الخليج، وفعلاً كنت أبلغ من العمر حينذاك ما يقارب 13 عاماً، وطلب مني المشاركة في مسرحية "بحمدون المحطة" بدور أساسي وهو محور المسرحية كلها، والرشود كان يثق تماماً بقدراتي، فأسند لي هذا الدور، وحينها قلت إنه دور كبير علي، فرد علي سوف تجسدينه وتنجحين فبه.

• كيف استطعت تقديم مواصلة العرض رغم إصابتك؟

- عادة جبلنا عليها في فرقة المسرح الخليج العربي، ألا وهي تناول وجبة العشاء بعد عرض افتتاح أي مسرحية، وعند نزولي من الدرج في مسرح العاهد الخاصة زلقت قدمي، فوقعت من أول السلم إلى آخره، وأصبت بالتواء في رجلي، فهرعوا إلى حملي وإيصالي إلى المستشفى الأميري، وبعد الفحص، قال الطبيب ثمة كسر، ويجب تجبير رجلي على الفور، وبعد تجبيرها أتاني الرشود للاطمئنان علي، وسألني إذا ما كانت المسرحية ستواصل عروضها غداً أم لا، فأجبته من دون أي تردد نعم سنستمر، فقد تعلمنا منك الصبر ولن يقف أمامي أي شيء، فما ذنب الجمهور الذي حجز تذاكر العرض؟

إصابات الفنانين

• هل ثمة إصابات أخرى لطاقم التمثيل؟

- نعم فقد أصيب الفنان حميد السلمان بكسر في رجله أيضاً، وتم تجبيرها، والفنانة القديرة حياة الفهد أصيبت بخلع في كتفها، وتم ربط اليد مع الكتف، أما الفنانة الكبيرة الراحلة عائشة إبراهيم رحمها الله، فقالت في أحد مشاهد المسرحية "إحنا بنات أحمد تلاقينا" قبل دخولها المسرح فوقع السلم على رأسها، وكل ذلك لم يمنعنا من مواصلة عروضنا التي كانت ناجحة جداً.

• متى تم تقديمها؟

- عرضت على خشبة مسرح المعاهد الخاصة في منطقة حولي، من 18 ديسمبر 1974 حتى 13 يناير 1975، كما عرضت في لبنان أيضاً، وهي من تأليف عبدالعزيز السريع وصقر الرشود وإخراج الأخير، وقد قام الفنان يوسف المهنا بوضع ألحان وموسيقى المسرحية، وصاغ الكلمات عبدالعزيز السريع. وبطولة كوكبة من النجوم بينهم محمد المنصور، وحياة الفهد، وخالد العبيد، ومحمد السريع، وعائشة إبراهيم، وحسين القطان (بوجسوم)، وسليمان الياسين، وعبدالله الحبيل، وعبدالرحمن العقل.

• هل تم تصويرها؟

- مع الأسف الشديد، لم يتم تصوير المسرحية تلفزيونياً، وهذا الأمر أحزنني كثيراً، فعمل مثل "بحمدون المحطة"، تضمن كل عناصر الإبداع الفني وفي كل جوانبه من نص وممثلين والإضاءة والديكور والصوت والأغنيات والاستعراضات الجميلة.

• ما مضمون العمل؟

- تدور أحداث المسرحية حول أسرة كويتية تقضي فترة الصيف في مصيف بحمدون بلبنان، وهناك تلتقي الابنة بصديقها وحبيبها الشاب اللبناني الذي تعرفت عليه أثناء دراستها هناك، فتطلب منه أن يتقدم لخطبتها من والدها، لكنه يتردد لتأكده من أن طلبه سيرفض، وكان والدها يخطط لتزويجها من ابن عمها، ويلح على أمها أن تقنعها بقبول الزواج من ابن عمها، فتطلب من حبيبها التقدم لها بسرعة، وتشعر الأم بذلك فتخبر والدها الذي يقرر العودة فوراً إلى الكويت، خوفاً من الفضيحة، لكن الابنة تهرب مع حبيبها ويتزوجان، وفي النهاية يوافق الأب على هذا الزواج ويباركه عندما يقنعه صديقه لأن العريس من عائلة كريمة جداً.

لقد كانت المسرحية تدافع عن حق الفتاة الكويتية في اختيار الشاب، الذي أحبته وهو من غير بلدها وتفاهمت معه على الزواج، خصوصاً إذا كان على خلق ومتعلم ومن عائلة كريمة.

وفاة ابن الرشود

• هل تذكرين ما حدث لصقر الرشود بعد وفاة ابنه فراس؟

- لا أنسى ما حدث لمخرجنا الرشود، حينما كان ابنه فراس في المستشفى، وطلبوا نقل دم له، وأتذكر أنه في ذلك الوقت كان البرد قارساً جداً، وحينها كان صقر مرتدياً "الجلابية" المغربية الخفيفة، وهرع لجلب كيس الدم لابنه في المستشفى، لكنه لم يتمكن من اللحاق به، فقد فارق ابنه الحياة رحمه الله.

• وماذا فعل بعد ذلك؟

- عاد إلى المسرح وجلس في إحدى الزوايا شارد الذهن، ثم وقف ولم يقل شيئاً، لكننا شعرنا بما حدث، وتابع العرض كاملاً كعادته على الرغم من حزنه بفقده فلذة كبده، فهو يمثل الشحنة الكهربائية بالنسبة لنا، والدافع المحفز للمزيد من الإبداع الفني، وهذا ليس ضعفاً من الممثلين، بل افتخار بصقر، ونتفاءل عندما يشاهدنا، فابنه توفاه الله وصقر جلس لمشاهدتنا وعندما انتهينا من عرض تلك الليلة علمنا بوفاة فراس، يا له من رجل مشغوف بالمسرح ومخلص له، المبدع صقر الرشود لن يتكرر.

الكنز الحقيقي حب الناس

قالت هيفاء عادل، إن الإذاعة والتلفزيون والمسرح بيتها، وحب الناس هو كنزها الوحيد وهو الكنز الحقيقي، الذي يبقى حياً نابضاً للفنان.

وقالت إنها نصيرة المرأة، التي هي مصدر العطاء والحياة وتتحمل البيت والعيال، وتمثل بركان الأحاسيس والمشاعر، وهي عمود الخيمة كما يقولون، ومربية الأجيال.

وعن فترة غيابها عن الفن، "وإذا كان هناك مَنْ اختفى وغط عنها"، مؤكدة أنها في عملها الفني تهتم بشغلها فقط، أما بيتها فهو خط أحمر، وهي بطبعها "بيتوتية".

أما بينها وبين زميلاتها وزملائها فكانت هناك الاتصالات الهاتفية للسؤال و(المواجيب)، ولا شك أن الابتعاد يكشف الحقيقة والزيف، مشيرة إلى أنه مع الأسف خلال فترة غيابها كان هناك بنسبة 1 في المئة تقريباً هم مَنْ يسألون، وهي لا تحمل في قلبها على أحد، وتحترم نفسها وعملها وزملاءها.

عبدالحسين عبدالرضا الإنسان والعملاق

عندما تقف أمامه كانت هيفاء عادل تشعر وكأنها ملاك تطير على خشبة المسرح، وأنها فنانة حقيقية بكل ما أوتيت الكلمة من معنى، فالتعامل مع هذا الإنسان العملاق كان راقياً جداً، وهو إنسان متواضع، طيب القلب، حنون، مخلص لعمله ووطنه، وكان يتألم ويعاني لكن إذا دخل المسرح، ينسى كل آلامه، لقد أخذ إبر الأوكسجين في غرفته أثناء عرض مسرحية "باي باي لندن"، ويواصل العرض وكأنه لا يعاني المرض، وعندما يحين موعد تناول الدواء وهو عبارة عن حبة يأخذها تحت اللسان، يطلبها منها وهو على الخشبة، فيتناولها ويكمل مشهده، لقد تعلمت الكثير من عملاق الكوميديا والفن "بوعدنان".

وقالت عادل: "لقد غاب عبدالحسين عبدالرضا عنا جسداً، لكن تظل روحه معنا، وذكراه الطيبة، وإنسانيته وأخلاقه الرفيعة، ومهما تحدثت لن توفيه حقه".

ولفتت إلى أنها ستواصل مسيرتها، إذ تعتز بأنها تعلمت في مدرسة الراحل صقر الرشود، ونهلت الكثير من المبادئ الفنية من جيل الكبار، ومنهم الراحل عبدالحسين عبدالرضا، ومعنى الكوميديا الحقيقية الراقية البعيدة عن الإسفاف، وستستمر على نهجه ونهج الرشود رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته.

وطالبت الجيل الجديد بعدم الاستخفاف برسالة الفن، وعدم التفريط في الموروث الفني الكويتي، الذي حفر رعيله الأول في الصخر لرفعه عالياً، وحضت شباب الفنانين الآن على أن يتقنوا العمل كي يكملوا الطريق.