الأردن: تظاهرات ليلية... وبوادر انقسام في النقابات

نشر في 04-06-2018
آخر تحديث 04-06-2018 | 00:04
قوات الأمن تحاول منع المحتجين فجر أمس من الوصول إلى مكتب رئاسة الحكومة في عمان (ا ف ب)
قوات الأمن تحاول منع المحتجين فجر أمس من الوصول إلى مكتب رئاسة الحكومة في عمان (ا ف ب)
مع إنتهاء اليوم الخامس من الاحتجاجات في الأردن ضد مشروع قانون ضريبة الدخل الذي أقرته الحكومة أخيراً وأرسلته إلى البرلمان للتصويت عليه، بدا الانقسام واضحاً في صفوف النقابات المهنية بعد لقائها الحكومة، إذ اختلف خطابها بشأن وتيرة التحرك المقبل، ومستواه وشكله.
تواصلت الاحتجاجات في عمان وعدد من المدن الأردنية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل وسياسة رفع الأسعار، وقرر مجلس النقابات المهنية مواصلة الاحتجاجات باعتصام أمام مقره في العاصمة عمان، الأربعاء المقبل.

وتشهد المملكة منذ الأربعاء الماضي، احتجاجات دعت إليها النقابات المهنية ضد مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي أقرته الحكومة أخيراً وأرسلته إلى البرلمان للتصويت عليه.

وهذا القانون هو الأحدث بين سلسلة تدابير حكومية شملت زيادات في الأسعار على السلع الأساسية منذ أن حصلت عمان على قرض ائتماني مدته ثلاث سنوات بقيمة 723 مليون دولار من صندوق النقد الدولي في عام 2016.

وليل السبت ـ الأحد تجمع نحو ثلاثة آلاف شخص قرب مبنى رئاسة الوزراء في الدوار الرابع وسط عمان حتى فجر الأحد رغم الإجراءات المشددة، ورددوا هتافات "يلي قاعد عالرصيف بكرا تشحد الرغيف" و"شعب الأردن ياجبار رفعوا عليك الأسعار" و"هذا الأردن أردنا والملقي يرحل عنا"، في إشارة إلى رئيس الوزراء هاني الملقي. كما هتفوا "اللي بيرفع بالأسعار بدو البلد تولع نار" و"أهتف أهتف لاتتذمر نحنا الشعب الخط الأحمر".

ومنعت القوات الأمنية بعض المحتجين الغاضبين من الاقتراب من مبنى رئاسة الوزراء واستخدمت الغاز المسيل للدموع في منطقة الشميساني في محاولة لمنع مئات المحتجين من الوصول إلى الدوار الرابع قرب مبنى رئاسة الوزراء.

وأصيب بعض المحتجين بإغماء من شدة الزحام والتدافع تم إسعافهم على وجه السرعة.

وشهدت مدن السلط (33 كلم شمال غرب عمان) وإربد (90 كلم شمال عمان) وجرش (50 كلم شمال عمان) والزرقاء (23 كلم شرق عمان) والطفيلة ومعان (جنوب) تظاهرات ليل السبت ـ الأحد استمرت حتى فجر أمس شارك فيها المئات تحولت في بعض الأحيان إلى أعمال شغب، إذ أحرق البعض إطارات وحاويات قمامة وأغلقوا طرقاً مؤدية إلى العاصمة.

وأمس نفذ طلاب الجامعة الأردنية اعتصاماً داخل الجامعة احتجاجاً على السياسات الاقتصادية الحكومية. ورفع الطلاب الشعارات التي يتردد صداها في مختلف محافظات المملكة من إسقاط للحكومة والتراجع قانون ضريبة الدخل.

عبدالله الثاني

وكان العاهل الأردني دعا مساء السبت الحكومة ومجلس الأمة (مجلساً النواب والأعيان) إلى "قيادة حوار وطني شامل وعقلاني للوصول إلى صيغة توافقية حول مشروع قانون الضريبة، بحيث لا يرهق الناس ويحارب التهرب ويحسّن كفاءة التحصيل".

وقال عبدالله الثاني خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس السياسات الوطني الذي يضم مسؤولين حاليين وسابقين: "ليس من العدل أن يتحمل المواطن وحده تداعيات الإصلاحات المالية".

ودعت النقابات المهنية إلى تنفيذ اعتصام جديد الأربعاء المقبل احتجاجاً على رفض الحكومة سحب مشروع قانون ضريبة الدخل من مجلس النواب.

وكان مجلس النقابات المهنية (يضم 16 نقابة) يعتزم تنفيذ إضراب عام في البلاد، أسوة بما حدث الأربعاء الماضي، لكنه قرر تقليص الفعالية إلى اعتصام، مع التأكيد على عدم التراجع عن مطلب إسقاط مشروع القانون.

وقال رئيس المجلس، علي العبوس، إن "الاعتصام يهدف إلى تعزيز موقف النقابات بضرورة سحب المشروع، الذي لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة بشأنه".

وأكد العبوس أن "النقابات المهنية مع الحوار الذي يؤدي إلى تحقيق مطالبها، لكنها متمسكة بمطلبها بضرورة سحب مشروع القانون".

وأكد نقيب المحامين مازن ارشيدات أن "مجلس النقباء" مستمر بالتصعيد والإضراب العام يوم الأربعاء لإسقاط الحكومة، مستغرباً "تحريف الموقف العام الذي ابتدأه مجلس النقباء، ولا تراجع قيد أنملة".

بدوره، قال نقيب المهندسين أحمد سمارة الزعبي، إن "الأفق اليوم بيد الحكومة المتمسكة بإملاءات البنك الدولي".

ونفى الزعبي أن تكون الهتافات في اعتصام "الدوار الرابع" خرجت عن الطابع الوطني.

ودعا ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية الى استمرار "الحراك الشعبي السلمي إلى حين تحقيق مطالبها العادلة والمشروعة"، واقترح "تشكيل لجنة وطنية تشارك فيها كل المؤسسات التمثيلية من أجل وضع استراتيجية اقتصادية بديلة بعيداً عن شروط وإملاءات مراكز الرأسمالية العالمية واحتكار القرار الوطني".

وبينما دعا رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز المجلس الى "اجتماع تشاوري"، عقد اجتماع استمر نحو ساعتين في مقر البرلمان بين العبوس ورئيس مجلس النواب عاطف الطراونة ورئيس الوزراء من دون التوصل إلى نتيجة.

وقال الملقي في مؤتمر صحافي مشترك عقب الاجتماع: "أنهينا أول جولة وسنستمر بجولات حوارية قادمة إلى أن تنعقد الدورة الاستثنائية" لمجلس النواب، التي قد تتم الدعوة إليها بعد شهرين. أضاف: "أؤكد للجميع أن إرسال قانون ضريبة الدخل إلى مجلس النواب لا يعني أن يوافق عليه مجلس النواب، فالمجلس سيد نفسه ويستطيع اتخاذ أكثر من إجراء في القوانين المعروضة عليه".

وكان 78 نائباً من مجموع 130 نائباً أعلنوا في بيان رفضهم مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي أقرته الحكومة في 21 مايو، وينص على معاقبة التهرب الضريبي وزيادة الضرائب على مداخيل الأفراد والشركات بنسب مختلفة.

وبرر النواب رفضهم بالحرص "على أمننا الوطني والاقتصادي والاجتماعي".

الأولى عربياً

واتخذت الحكومة إجراءات في السنوات الثلاث الماضية استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي، الذي طالب المملكة بإصلاحات اقتصادية تمكنها من الحصول على قروض جديدة في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وتجاوز الدين العام 35 مليار دولار.

وزادت الحكومة مطلع العام الحالي أسعار الخبز وفرضت ضرائب جديدة على العديد من السلع والمواد بهدف خفض الدين العام.

ووفقاً للأرقام الرسمية، ارتفع معدل الفقر مطلع العام إلى 20 في المئة، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى 18.5 في المئة في بلد يبلغ فيه معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الأدنى للأجور 300 دولار.

واحتلت عمان المركز الأول عربياً في غلاء المعيشة والثامن والعشرين عالميا، وفقاً لدراسة نشرتها أخيراً مجلة "ذي إيكونومست".

مشروع القانون ... غرامات وعقوبات

ينص مشروع القانون على معاقبة التهرب الضريبي بفرض غرامات مالية وعقوبات بالسجن، تصل إلى عشر سنوات، وإلزام كل من يبلغ الـ18 من العمر بالحصول على رقم ضريبي.

ويعفى من ضريبة الدخل كل فرد لم يتجاوز دخله السنوي 8 آلاف دينار (نحو 11.3 ألف دولار)، بدلاً من 12 ألفاً (نحو 17 ألف دولار).

كما يعفى من ضريبة الدخل كل عائلة يبلغ مجموع الدخل السنوي للزوج والزوجة أو المعيل فيها أقل من 16 ألف دينار (نحو 22.55 ألف دولار)، بدلاً من 24 ألف دينار (33.8 ألف دولار).

وتفرض ضريبة بنسبة 5 في المئة على كل من يتجاوز دخله تلك العتبة (8 آلاف دينار للفرد أو 16 ألف دينار للعائلة)، التي تتصاعد في شكل تدريجي حتى تصل إلى 25 في المئة مع تصاعد شرائح الدخل.

كما يزيد مشروع القانون الضرائب المفروضة على شركات التعدين والبنوك والشركات الماليّة وشركات التأمين والاتصالات والكهرباء بنسب تتراوح بين 20 و40 في المئة.

وتُقدر الحكومة أن توفر هذه التعديلات على مشروع القانون لخزينة الدولة قرابة 100 مليون دينار (141 مليون دولار).

قطع الكهرباء عن ساحة جرش

قطعت الجهات المختصة الكهرباء عن ساحة البلدية في محافظة جرش لمنع المحتجين من الاعتصام رفضاً لقانون ضريبة الدخل، وضد سياسات الحكومة الاقتصادية.

ووجه مواطنون دعوات إلى إقامة اعتصام حاشد في الساحة للتعبير عن رفض قانون الضريبة.

وأوقف مواطنون مركباتهم في الطرق بمختلف محافظات المملكة احتجاجاً على قرار الحكومة.

back to top