الأردن... أزمات لا أزمة!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
لقد أثبتت التجارب التاريخية، وعلى مدى نحو قرن بأكمله، أن الأردنيين يثورون في لحظة معينة كالقنابل المتفجرة، لكنهم عندما يشعرون بأي خطر يهدد بلدهم أو يهدد نظامهم لا يلبثوا أن يتناسوا أوجاعهم، ويغلبوا الأهم على المهم، فكل شيء إلا الوطن وتماسكه، وكل شيء إلا أن يحصل في هذا البلد، الذي يشبه أقحوانة على طرف الصحراء، ما حصل في بعض الدول العربية القريبة والبعيدة.إن المشكلة في الأردن، إضافة إلى أنها بالأساس مشكلة اقتصادية، هي موقعه الجغرافي الذي جعله دائماً وأبداً جزءاً من الوجدان الفلسطيني، وفي قلب المشكلة الفلسطينية، وأنه بقي يتلقى انعكاسات ما يجري في العراق وفي سورية، وحقيقة في الوطن العربي كله، فهو يقع في قلب هذا الوطن، ويصاب بصداع شديد إذا شعر أي بلد عربي بأي وجع في رأسه.لا شك في أن الأردنيين لجأوا إلى كل ما جرى في الأيام الأخيرة، كاعتراض على بعض السياسات الداخلية والخارجية، ورفضاً لبعض إجراءات التعاطي مع صندوق النقد الدولي، لكن بالأساس ما أوصلهم إلى ذروة التوتر هو ما جرى ويجري في هذه المنطقة، وخصوصا في فلسطين، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني، وفي سورية وفي العراق وفي اليمن... وفي كل مكان من هذا الوطن الكبير.لقد طالب المحتجون والمتظاهرون برحيل الحكومة الحالية، وحقيقة إنه يجب أن ترحل هذه الحكومة استجابة لرغبة غالبية الأردنيين، لكن المشكلة تكمن في أن ما يعكر المزاج العام للشعب الأردني، ويدفعه إلى كل هذه الاحتجاجات العنفية، لا يقتصر على الأوضاع الاقتصادية المتردية، وعلى الأزمة مع صندوق النقد الدولي، بل هناك أيضاً الأوضاع العربية البائسة، وكل هذا التشظي الذي ضرب ليبيا والعراق وسورية واليمن، وهناك أم القضايا كلها وهي القضية الفلسطينية المقدسة.