يدرك المتابع والراصد للأعمال الدرامية المصرية، التي تدخل السباق الرمضاني، أن ثمة مسلسلين لعمالقة الفن عادل إمام ويحيى الفخراني، قد كسبا الرهان وجددا الثقة بالجمهور العربي، عبر "عوالم خفية"، و"بالحجم العائلي".

ويطل عادل إمام، الذي غيّر جلده في رمضان الجاري، من خلال مسلسل "عوالم خفية"، بعيدا عن تجسيد الدور الكوميدي، في خطوة تؤكد حضوره الآسر، في التراجيديا أيضا، مثل تفوقه في مسلسل "أحلام الفتى الطائر" (1978)، تأليف وحيد حامد، وإخراج محمد فاضل، بدور "إبراهيم الطاير".

Ad

وظهر ذلك أيضا في مسلسل "دموع في عيون وقحة" (1980)، تأليف مصطفى حسين علي، وإخراج يحيى العلمي، الذي يعد من أوائل الأعمال الدرامية التلفزيونية عن الجاسوسية والمخابرات المصرية، من سجلات المخابرات المصرية، حيث جسد إمام شخصية "جمعة الشوان".

ويؤدي اليوم شخصية الكاتب الصحافي الكبير "هلال كامل"، في "عوالم خفية"، الذي يبحث عن حقيقة ولغز مقتل ممثلة معروفة تدعى "مريم رياض"، بعد أن وقعت تحت يديه عن طريق المصادفة مذكرات هذه الممثلة المنتحرة التي وضعتها بين دفتي كتاب يحمل عنوان "عوالم خفية".

الممثلة ابتعدت عنها الأضواء بعد تورطها فى علاقات مع مجموعة من السياسيين ورجال الأعمال المشبوهين، كتبت مذكرات شرحت فيها أسرار الفساد ورجال الأعمال، فتم قتلها للحصول على هذه المذكرات، لكن القاتل يلقي بالمذكرات من شرفة منزل القتيلة فتقع على عربة قمامة.

ووصلت المذكرات إلى يد عامل عربة القمامة، ويتركها في مخزن للكتب القديمة، وتتوارى داخل غلاف كتاب بعنوان "عوالم خفية"، وتقع بالمصادفة في يد الكاتب الصحافي الكبير هلال كامل، بعد أن اشتراه مع مجموعة كتب من إحدى المكتبات التي يتعامل معها، ليكتشف هلال ألغازا وضعتها الممثلة المقتولة، وينبري لفك طلاسمها، متتبعا خيوطا متشعبة، توصله إلى الفساد الذي يجري خلف الكواليس.

ومنذ الحلقة الأولى وصولا إلى الحلقة 17، لم تهتز قوة المسلسل، الثري بالأحداث ومتعة الترقب للجديد، بعيدا عن إطالة المشاهد، ويأتي هذا التفوق والنجاح في جذب المشاهد للعمل، إلى ذكاء الفنان القدير عادل إمام، الذي استعان بكتّاب شباب، قدموا نصهم على هيئة ورشة عمل محكمة، فالنص محبوك جيدا، وغني بالأحداث، وبالخيوط الفرعية التي تصب في خط رئيسي، إضافة إلى المخرج الشاب رامي عادل إمام، الذي يعد من المخرجين المتميزين الذين أثبتوا جدارتهم في مجال الدراما التلفزيونية.

ولعل اللافت في المسلسل ذلك المشهد الذي لا يتعدى دقائق قليلة في مباراة من الطراز الأول بين عادل إمام والفنان الكبير سمير غانم، هذا المشهد يدرس فعلا، وهو ليس مقحما.

أما الفنان القدير يحيى الفخراني فهو كالعادة الفاكهة الرمضانية، وكاريزما لا تنضب، فلا يزال يمتعنا ويكسب الرهان، من خلال الدراما الاجتماعية "بالحجم العائلي"، التي تقدم فكرة جديدة ومبتكرة، التي تظهر القيم الإنسانية والأخلاقية للأسرة، حيث تضم العائلة من الجد والجدة والأب والأم والأبناء والأحفاد والخالة، وكلهم يشكلون دوراً رئيساً، إضافة إلى تأكيد دور رب الأسرة وأهميته، الذي يجسده الفخراني في أداء يجمع بين الكوميديا والتراجيديا، في أداء احترافي وسلس.

كما لا ننسى دور الفنانة الكبيرة ميرفت أمين، تلك الجدة والحماة المتسلطة، ومن أروع المشاهد حينما تتشاجر مع أختها، ثم تنهي الشجار بالفكاهة، لتعود الأمور إلى سابق عهدها بين الشقيقتين.