ما هو المطلوب؟
ماذا يمكن أن نعمل أو المفروض من الناس أن تفعله؟! فنائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ ناصر الصباح، ووزير المالية د. نايف الحجرف، يحذران من نفاد الاحتياطي العام للدولة، ما لم يستعجل المجلس البت في إقرار قانون الدين العام، ويمضي الشيخ ناصر إلى تشخيص الحالة المالية بصورة مرعبة، لمن يعي ويدرك طبعاً، "بأن استمرار الصرف بالشكل الحالي كارثة يصعب معها استمرار وضعنا المالي بالمتانة ذاتها... وآن الأوان لتغيير آلية الإنفاق..." (القبس والجريدة عدد الاثنين) لمن يوجه هذا التحذير...؟ لأعضاء مجلس الأمة كي يقرروا سياسة "شد الحزام"، ويشرعوا "قوانين غير شعبوية"، بينما المظاهرات الشعبية في الأردن قد تخيف الاثنين، الحكومة والمجلس معاً، من عواقب فرض سياسات تقشفية، أم أن هذا التحذير كي يستعد الناس "للتقشف" وتحمل، بالتالي، تضحيات صعبة. مرة ثانية ماذا يمكن أن نعمل وبيد أهل الحكم وحدهم "الخيط والمخيط"، رغم كل الكلام العريض الخاوي عن المشاركة الشعبية؟!قبل سنة، وفي أبريل 2017 أيضاً، دق جرس الإنذار الحكومي وزير المالية السابق أنس الصالح، بلقاء صحافي قال في خلاصته: "... أنا قلق بشأن بلدي، وبشأن الاحتياطيات والاستدامة..."، ماذا صنعت الحكومة ومجلسها خلال سنة القلق الحكومي الفائتة؟ ماذا فعلت بصورة جدية نشعر بها؟! قبل لقاء أنس وحتى اللحظة التي صرح فيها رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك عام 2015 أو 2014 (حسبما أذكر)، بعد تهاوي سعر النفط، بما معناه أن عصر البحبوحة والرفاهية قد انتهى، فـ "شدوا الحزام"، ماذا فعلت هذه الحكومة الثابتة بأشخاصها أو بنهجها ولو تغير أفرادها؟ وماذا تغير علينا؟!
لا تفكروا كثيراً في بلد فيه التفكير والتعبير جريمة يعاقب عليها القانون، أو يقمع فيه الرأي لحساب المصالح المهيمنة، لم يحدث شيء، الحكومة كالعادة على طمام المرحوم، تريد أن تضرب عصفورين أو ألف عصفور بحجر واحد، فهي تريد من المجلس (رغم تبعيته بصورة مجملة للحكومة) أن يشرع معها قوانين التقشف المالي، ولكن بالوقت ذاته لا تريد أن تمس "شعبية" هذه السلطة بشعرة، هنا لا يهم مدى "شرعية" السلطة إنما المحك هو شعبيتها، فحين تتقلص الشرعية يهم جداً المحافظة على الشعبية أو "الشعبوية" عبر سياسة الاسترضاءات للنواب وللنخب المالية المسيطرة ولشرائح كبيرة في مجتمع غارق في الاستهلاك الريعي.ماذا يمكن أن نفعل؟ وماذا سيحدث؟! ارتفعت أسعار النفط في الشهور القليلة الماضية لحالة طارئة، بسبب سياسة الولايات المتحدة في تأزيم علاقات دول المنطقة، ونشر أجواء الحرب فيها، والتي يتم عبرها استنزاف ميزانيات دولها بصفقات سلاح رهيبة، ثم انخفضت قليلاً بعد تغريدة بسيطة من العم ترامب، وستستمر في الانخفاض لسعر الخمسين دولاراً للبرميل، كما يتوقع بعض المختصين، فارتاحت السلطة، وأجلت لحظة المواجهة مع الواقع كعادتها في معظم مشاريعها، لنصل، بعد ذلك لقناعة بأن "الاقتصاد والسياسة في إجازة" بتعبير باحث أميركي لا أتذكر اسمه بشهرية "فورن آفيرز" في مقال كتب عام 95، وسيظلان في إجازة وغيبوبة، ولا يبقى غير الاقتراض الدولي لسد نقص الاحتياطي العام، وبعدها السحب من "صندوق الأجيال"، ولا عزاء لأبناء الغد. ماذا سنفعل؟ وماذا ستفعل بدورك يا شيخ ناصر مع كل هذا الكم الصعب المحيط بك، وأنت تدري البير وغطاه...؟ كيف ستبدأ يا ترى؟!