معالي وزير الإعلام... عليك حق!
السيد معالي وزير الإعلام المحترمتحية طيبة وبعد،كنتُ من بين الذين شملتهم جلسة اللقاء المفتوح في رابطة الأدباء يوم الأحد، الثالث من يونيو 2018، والتي كنت أنت ضيفها حيث قبلتَ دعوة الإخوة في رابطة الأدباء مشكورًا. أعتذر إن أزعجكم حديثي الذي لم يتسنَّ لي أن أتمه احتراماً للسيد مدير الجلسة الذي ما فتئ يذكرنا بــ"وقت معاليه". كان ينبغي أن نتحدث بصراحة، لأننا لم نقتطع جزءاً من وقتنا لحضور "غبقة" رمضانية أو لنطرق باب رابطة الأدباء نطلب الــ"قرقيعان"، إنما جئنا لكي نفضي بهموم الشأن الثقافي في هذا البلد، وقد توسمنا في لقائكم بصيص أمل سرعان ما انسحب.
نحن اليوم لسنا في بلاط الوالي ولا في زمانه، لكي يبادر أحد الحضور بكيل المدائح لزيارتكم الميمونة، ولسنا في زمن إلقاء الخطب على غرار ما سمعناه في ليلتنا تلك: "التاريخ سيشهد أن قدميك خطت في مبنى رابطة الأدباء!"، ذلك المبنى الذي مرَّت به أسماء صنعت تاريخ الكويت الثقافي، من دون منة، وربما من دون أن يتذكَّر أقدامهم التي مرَّت في ذلك المكان أحد. شخصيات كثيرة، ولا ضير في أن أذكر عينة أتمنى أن تطلع على تاريخ بعضها بما يتيحه وقت معاليكم؛ عبدالله الحاتم، ود.عبدالله العتيبي، وخالد سعود الزيد، ود.خليفة الوقيان، وأحمد السقاف، ود.سليمان الشطي وشخصيات أخرى لا تقل قيمة. أنتَ لست مسؤولاً عن بعض المداخلات التي بالغ بعضها بتبجيل زيارتك، ولا يد لك بمهرجان الكاميرات وحامليها الذين حالوا دونك ودون رؤية جزء كبير من الحضور، وبلا شك أنك لست مُلاماً إن كان هاجس بعض أساتذتنا الحاضرين "بسطة" الكُتُب في سوق الجمعة، ولا علاقة مباشرة لك بقضية ناشر احتال على كاتب! إنما أنت مطالب، ولا شك، بإعادة النظر في ردودك. ذكرت لك في مداخلتي الموجزة، عطفاً على مداخلة الأستاذة الروائية ليلى العثمان بشأن خوفها على الشباب من الإحباط، أقول إنني ذكرت أن لا خوف على الشباب لأن الشباب المبدعين قادرون على إثبات أنفسهم، إنما الخوف هو على وجه الكويت الثقافي الذي بات مختطفاً لا يشبه كويتاً نعرفها، وبخلاف البعض ممن يطالب بدعم الوزارة قلت إن المبدع الكويتي ليس بحاجة إلى دعم وزارة الإعلام بقدر ما هو بحاجة لأن تكف الوزارة يدها عنه! فالمبدع الكويتي اليوم يحقق نجاحاً تلو آخر من دون دعم الدولة، والكاتب الكويتي يحظى بتقدير الجميع في كل مكان... إلا الكويت، حيث تتعسف الوزارة بتطبيقها للقانون عبر جهازها الرقابي. ذكرت لك أننا اليوم نجوب العالم نشارك في المهرجانات الأدبية والثقافية منكسي الرؤوس بسبب الوضع الثقافي البائس الذي تعيشه الكويت، تتبادر لنا تلك الصورة كلما سئلنا في الخارج: "ماذا جرى للكويت؟!". قلت لك إنه في الوقت الذي يبذل فيه سمو الأمير جهوداً جبارة لتكريس اسم الكويت في المحافل الدولية، تقوم وزارة الإعلام بانتهاج طريق مغاير! ذكرت لك تلميحاً أن هناك برامج تسيء لإخوتنا العرب، وتصورهم بصور هزلية لا ترضي أحداً يبثها تلفزيون الدولة الرسمي و... حفاظاً على "وقت معاليه" تركت لك المايكروفون. يقول معاليكم: "أتحدى من يشير إلى برامج من ذلك النوع يبثها تلفزيون الدولة الآن"، كأنما تدفعون عنكم اتهاماً على ما تم بثه قبل توليكم الوزارة في ديسمبر 2017. نحن – وقت كتابة هذه السطور- في الثامن عشر من رمضان، أي بعد عرض ثماني عشرة حلقة من أحد البرامج التي يبثها تلفزيون الدولة الرسمي وأنتم تتولون مسؤوليات وزارة الإعلام، والذي تلقى استياءات كثيرة من داخل الكويت وخارجها، وقد أظهرت بعض الحلقات شخصيات عربية بشكل ساخر ومقزز كأن يلطخ الممثلون وجوههم بالأصباغ الداكنة تمثيلاً لبعض الأعراق في دولة شقيقة، أو أن يبالغ الممثلون بالسخرية من تراث أحد الشعوب العربية التي نكن لها كل تقدير، وقد أظهرها التلفزيون الرسمي بصورة لا يرضى بها أي إنسان محترم. فلا داعي للحديث عن التحدي معالي الوزير مادمت لست على علم بما يبثه الجهاز الذي ترأسه. تقول في ردك إنك تستغرب مصطلح "التعسف بتطبيق القانون"، كأنما وزارة الإعلام ليست سيدة الوزارات باللجوء إلى تلك السبل، كأن يستثنى البعض من تطبيق القانون ويتم تطبيقه بما لا تحتمله النصوص القانونية وفقاً للوائح إدارية سنَّتها وزارة الإعلام. فهل يدري معاليكم أن لجنة التظلمات التي ابتدعتها الوزارة لذر الرماد في العيون بادعاء دفع الظلم عن المتظلمين؛ لا تقرأ النصوص الممنوعة في الأساس؟ إنما تلجأ إلى قراءة تقرير الرقيب الذي يعتمد على اقتطاع الجُمل من سياقاتها، والذي بناءً عليه تم منع النّص من قبل لجنة سابقة! فيتم تحصين قرارات المنع من دون قراءة! فكيف يكون التعسف؟ أما بشأن حساسيتكم من عبارة "نجوب العالم منكسي الرؤوس"، واعتراضكم على الوصف بأن: "ما عاش من يقول إن الكويتي ينكس رأسه"، فمثل هذه الردود مقبولة من مشجع فريق كرة قدم متحمس، لم تكن في موضعها، وأقول إن الكويتي كغيره من أبناء جلدته، يتأثر وينتفض ويغضب أو ينكس رأسه حنقاً أو كظماً لغيظه أو لشعوره بالظلم، أو إن وجد نفسه يصارع مع زملائه من أجل صورة بلده ووجهه الثقافي غير قادر على إعطاء وطنه حقه بسبب عبث بعض المسؤولين عبر قرارات غير مسؤولة! جاءت الكلمات أعلاه، لأن على معاليكم حقاً، ولي حق في تتمة مداخلتي، وتعقيبي على ردودكم. ختاماً، إن سمح "وقت معاليه" بقراءة السطر الأخير؛ أشكر لكم رحابة صدركم، وقبول دعوة الإخوة في رابطة الأدباء، والشكر موصول للرابطة على إقامة هذا اللقاء المفتوح. وأعتذر أعتذر عن أي سوء تعبير.