أرجوحة: غبقة «الوحدة الوطنية»... والمرحوم أبوفوزي
من يعرفني عن قرب يعلم أنني أرفض جميع الدعوات والغبقات وغيرها من المناسبات في الشهر الفضيل، وهذا الأمر تعلمته من والدي، أطال الله عمره وعمر "شيبانكم"، نحن لا نعترض على تلك المناسبات، فالكويت جبلت على ذلك، لكننا لا نحبذها، ولنا في ذلك أسبابنا التي يمكن توضيحها بأمرين: الأول أننا ولله الحمد متواصلون مع أقاربنا طوال العام وليس في الشهر الفضيل فحسب، والأمر الآخر كي لا نلبي دعوة كريم ونتخلف عن دعوة كريم آخر، ومن هذا الباب أصبح أحبابنا من ذوي الخبرة لا يدعوننا بصورة مباشرة، ونحن ندعو الله لهم في صلاتنا بأن يتقبل منهم هذا العمل الجميل. هذه المقدمة أراها ضرورية لأكون منصفا بما أقوله في الجزء القادم عن غبقة "الوحدة والوطنية"، فبعد التصريح الذي انتشر في السوشال ميديا عن بداية "ديوان الوحدة الوطنية" ومهندس هذا التجمع الوطني المواطن الصالح المرحوم سعد المعطش، أحببت أن أخاطب الأحباب والأصحاب والأصدقاء من خلال صفحات جريدة "الجريدة" الغراء؛ بأن هذه الغبقة تختلف تماماً عن غيرها من الغبقات، ذلك لأننا عشنا تكوين هذا التجمع منذ كان فكرة في صيف عام 2010، ودشن في شهر سبتمبر من العام نفسه. فبعد التراشق غير المستحب من بعض نواب الأمة في ذلك الوقت، حيث كان ذلك يحصل لأول مرة في العمل السياسي الكويتي، وكانت تفوح رائحة الفئوية والطائفية والقبلية، كان حالنا حال الجميع، مراقبين محليين فقط حتى دخلنا بعمق في كلمة الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله، طيب الله ثراه، "كل مواطن غفير"، وأتذكر كلمة المواطن الصالح سعد المعطش "لا خير فينا إن لم نعمل لوطننا شيئا"، فقلنا ماذا نستطيع يا أبا صالح إذا كانت الحكومة بل الحكومات المتعاقبة لم تستطع إيقاف هذا التراشق؟ قال رحمة الله عليه: "نستطيع أن نعمل ونعمل ما لم تستطع حكومات العالم عمله، فالحكومات تعمل بالسياسة البذيئة (فرق تسد)، أما نحن فتعالوا نعمل بسياسة (جمع تعد) نجمع الإخوان المتراشقين تحت سقف هذا الديوان، ونعد العدة ليوم تحتاجنا فيه الكويت قبل أن نتفرق وتذهب ريحنا.
من هذا اليوم سأغير اسم الديوان من "ديوان المعطش" إلى ديوان "الوحدة الوطنية"، أيديكم معي فأنا عازم وحازم بأن أعمل طول حياتي بسياسة (جمع تعد)"، رحمك الله يا أبا صالح فقد جمعتنا في حياتك وجمعتنا بعدها، فكنت نبضنا وكنت شعارنا جميعاً (جمع تعد). نحن يا سادة نحتاج أن نجتمع ونستمع لبعضنا، نحتاج أن نعد أنفسنا ليوم قد نكون أحوج لكلمة طيبة أو دعاء مستحب، فدنيانا نحن الأفراد فانية والكويت باقية بعدنا، فاتركوا تلك الدعوات النتنة التي نهى عنها خير البرية، صلى الله عليه وسلم، وهذا السبب هو الذي جعلني في مقدمة المجتمعين في تلك الغبقة (جمع تعد)، فاجلعونا نجمع القلوب على حب الوطن والولاء لترابه والطاعة لحكامه والاحترام لكباره، فإنها والله عبادة لا تضاهيها عبادة.المرحوم العم أبوفوزي: قبل أكثر من سبعة عشر عاما وبالتحديد عام 2001م وكان ذلك في الولايات المتحدة الأميركية عرفت العم المرحوم بإذن الله السفير خليفة المسلم، عرفت فيه الوقار، وعرفت فيه الطيبة والكرم، والعلم والنصيحة والإرشاد، عرفت فيه كل الصفات الجميلة، وكان أجملها تلك الضحكة التي لا تفارق شفتيه، حيث كان يمازح الصغير قبل الكبير رغم كبر سنه. كنت عندما أزوره يتذكر الأيام الحلوة التي قضيناها، ويسأل عن كل الأصحاب بالاسم، يسأل والابتسامة لا تفارق محياه رغم ملامح التعب والإجهاد البادية عليه نتيجة المرض، لكنني كنت أشعر أن تلك الابتسامة تلونت بالمرض، بابا خليفة أبناؤك (مناور، عبدالوهاب، خالد، عبدالعزيز، فطيس، نراسي) يقرئونك السلام، داعين الله تعالى أن يرحمك، ويكون معك في وحدتك ويغفر لك: "اللهم يا حنَّان، يا منَّان، يا واسع الغفران، اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقَّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم أبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وبارك منزله وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار يا رب". إنا لله وإنا إليه راجعون.