زكاة الفطر من بطاقة التموين! هل؟ كيف؟
![د. محمد بن عصّام السبيعي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1527781193350968600/1527781229000/1280x960.jpg)
المنطق ذاته يسري على شأن زكاة الفطر وسجية إخراجها لدى البعض، مما يكشف عن مزيد من تدهور في جانب أخلاق الدين، فزكاة الفطر أيضا من قبيل السنن المؤكدة على كل مسلم قادر بذلها لإسعاد الفقير والمعوز قبيل إشراقة يوم العيد، وهي رغم بساطة مقدارها، اعتاد عدد غالب من مواطني هذا البلد بحسب علمي– وربما علم كثيرين– إخراجها من حصة مواد تموينية ضرب لها موعدا من كل شهر، ومثل هذه الحصة ليست حقا لمتسلمها، بل ليس لهذا أن يتصرف بها في غير سبيل صرفت من أجله (قانون 10 من عام 1979). دعم شهري تقدمه الدولة للمواطن لتأمين غذائه الأساسي من أرز وقمح وخلافه، يتسلمه المواطن نيابة عن أسرته، وعن خدمه وحشمه أيضا، حصة من صنوف غذاء يتلقاها دون سعر التكلفة إعانة له على تكاليف عيشه.فأن يكون أفراد يتقاضون رواتب شهرية بمتوسط يناهز 1700 دينار خالصة من كل ضريبة، في حاجة إلى من يدعمهم في تأمين عيشهم فذلك من عجائب هذا البلد، إلا أنه ليس بمقصدنا هنا، إنما مقصدنا هو رصد التدهور في الخلق الديني وتبعاته؛ فزكاة الفطر تخرج عاما بعد عام بتمويل في غالبه من مال عام وضع لشأن آخر، وهو لذا مشوب بالشائبة سالفة الذكر. وفضلا عن كون ذلك هدرا لمال عام فلا يخفى عن مراقب أحوال أثر التكلفة الزهيدة التي يدفعها المواطن لقاء تلك الحصة فيما يرافق إخراج زكاة الفطر من إفراط وتبذير في تقدير مقاديرها، بل عدم حرص في إيصالها إلى مستحقيها، على أن حالا كهذه، لم تعد حصرا بين العبد وربه كما المشوب من رحلات العمرة، بل تجري في مثلث ضم إليه متلقي الزكاة. تمعن حقا في فضح تدهور أخلاق الدين بين ظهرانينا، فهذا الذي يصطف في مستهل شهر رمضان في طوابير أمام مراكز التموين بوصفه معوزا وغير قادر، ينقلب في آخره واهبا محسنا للآخرين ومدخلا السعادة على قلب محتاج، لكن بمال ليس خالصا له، فهذا السلوك، وإن ابتغى مرضاة الله، لا يبدو لي على ما يرام!