لا تدمروا مستقبل الولد... بل دمروا البلد!
يبدو على البعض أنه مذهول بسبب الإعلانات القبلية التي وضعت في المؤسسات الأكاديمية، عشية إعلان نتائج الثانوية العامة، وكأنه لا يعيش معنا في الكويت، ولا يرى كيف أن مظاهر التقسيم والكنتونات منتشرة في كل مكان، بينما الدولة عاجزة عن فعل شيء، وتتفرج دون حراك، بل إن المجتمع نفسه استسلم وأقر بهذه الظاهرة المدمرة، وكأنه ينتظر اللحظة التي تنطلق فيها شرارة تشعل حدود التقسيمات والتصنيفات التي رسخت في البلد منذ أمد طويل.وكأن المذهولين لم يروا منذ سنوات كيف سمحت الدولة لقبائل وطوائف أن تستفيد من قرارات وزارة الإسكان لتتكتل في مناطق بعينها، ولم يروا إعلانات القبائل عن قبول أبنائها في السلكين الشرطي والعسكري، والسماح بكتابة عشرة أسماء في الوثائق الرسمية، مثل الجنسية وخلافه، والسماح للعسكريين بوضع ألقاب قبلية وعائلية على بزاتهم الرسمية فيما عدا الحرس الوطني، الذي منع مثل هذه الممارسة، بل حتى أسماء الطرق والشوارع في المناطق دخلت ضمن محاصصة الطائفة والقبيلة والفئة وأصحاب المال، وبعضهم ممن لم تستفد منهم الكويت شيئاً يذكر.
بحت أصوات المخلصين لسنوات طويلة من التحذير من تقسيم البلد قبلياً وطائفياً وفئوياً، وضربوا مئات الأمثلة المأساوية لدول كرست مثل تلك الممارسات بداية من لبنان وحتى أفغانستان، مروراً بالعراق والصومال، وكيف دفعت أثماناً باهظة لتلك الممارسات، لكن دون جدوى، حتى أصبح الأمر واقعاً في الكويت، لا يريد أحد أن يصطدم به حتى لا يدفع الثمن، بينما السلطة مرتاحة من الوضع الذي يمكنها من إدارة خيوط اللعبة السياسية وشؤون الحكم بسلاسة وأريحية، بما تملكه من نفوذ طاغ وإمكانات مالية هائلة، وأصبحت ممارسة التعصب والنعرات القبلية والطائفية أمراً مستساغاً ومقبولاً حتى تحت قبة البرلمان، عندما يعلن نائب ضمنياً عقده صفقات لإنقاذ الوزير المنتمي لقبيلته مهما كان الثمن.الكارثة أن تلك الممارسات الشاذة أصبحت سلوكاً راسخاً لدى معظم الشباب في أرقى المؤسسات العلمية من جامعات ومعاهد، وهم من سيدير البلد ويقودها في المستقبل، فتصوروا كيف سيكون مستقبل بلد يتقدم فيه الانتماء العرقي والمذهبي على الكفاءة والإبداع والتفوق؟!... وعندما يطالب البعض بالإجراءات الحاسمة من إدارة الجامعة والسلطات القانونية تجاه الطلاب الذين يمارسون نشاطات قبلية وطائفية تمس الوحدة الوطنية فإن هناك من يدافع عنهم ويقول لا تدمروا مستقبل الشباب!... ولكن نسألهم: بالله عليكم تأديب شباب يهدد وحدة الوطن ليكونوا عبرة لغيرهم... أم تدمير مستقبل البلد؟