أول العمود:
في عام ١٩٩٠ تظاهرت ٤٧ امرأة سعودية بقيادتهن ١٣ سيارة في مدينة الرياض للمطالبة بحق القيادة وتم اعتقالهن. واليوم تتسلم سعودية إجازة القيادة من رجال المرور... 28 عاما بين الحدثين.***انتشر مقطع فيديو لرئيس وزراء هولندا الوسيم "مارك روته" وهو يمسح مشروب القهوة الذي انسكب من يده على الأرض في مبنى البرلمان الرخامي وسط إعجاب موظفي النظافة فيه وتصفيقهم له، والسيد مارك- بدون معالي لأنه عالي الخلق- أظهر في غير مرة سلوكاً فطرياً بالتنقل في دراجته ذاهبا إلى مقر اجتماعات وزارته، ولا يماثل سلوكه هذا في الكويت سوى بائعي الآيس كريم مُرغمين! ماقام به "مارك الوسيم" شيء طبيعي في هولندا، لأنه بحسب مصطلح السياسة الشرعية عندنا نحن- المسلمين- يُعد هذا الرجل عاملا على مصالح الناس، وأتى برغبة انتخابية يمكث فيها لأجل مسمى ومعلوم بينه وبين الشعب الهولندي. مثل هذه التصرفات تكاد تختفي في مجتمعاتنا لأن وظيفة الأسرة والمدرس والطبيب والموظف العام اختلفت بل انتكست وتدهورت، ولذلك نستكثر ونهَوِّل من سلوك هذا المسؤول الهولندي الكبير لأننا لم نعد قادرين على فعله، فنحن نُخدَم من قبل ٧٠٠ ألف عامل منزلي! ونرمي أعقاب السجائر في وجه من يسير خلفنا في الشارع، أو ننفض طفاية السجائر عند إشارات المرور أمام الملأ، ونجتمع لنغني في ٢٥ فبراير في حب الكويت.قد يوجد بيننا مسؤولون كبار لديهم حسن السيد "مارك الوسيم"، لكن "شلة" المنافقين تأبى أن يمارس هؤلاء عفويتهم، هؤلاء الذين تجد وجوههم مشدودة للكاميرات تطل من خلف المسؤول في كل مناسبة، وكأنهم صُناع الحدث! نحن لا نطالب مسؤولينا بمسح قهوتهم المسكوبة على الأرض، ولا بخدمة أنفسهم في طابور معاملات، ولا بقيادة دراجة لأنه سبق أن عاقبت إدارة جامعة الكويت طالباً قاد دراجة داخل الحرم الجامعي، وتغاضت عن طلبة رفعوا لافتات قبائلهم في انتخابات القوائم الطلابية. نعم لا نطالبهم بما لا يطيقون، ولكن نتساءل: لماذا لا تفكر وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل مثلا في تكريم مجموعات الشباب التطوعية الذين تطوعوا في مساعدة المعوزين، بل لماذا لم تُفكر بالحضور معهم مرة في قيظ رمضان؟! لماذا لا يُفكر مدير بلدية الكويت في تكريم عامل نظافة أمام الملأ؟ ولماذا لا يفكر وزير الداخلية في تكريم قائد سيارة لم يرتكب مخالفة طوال خمس سنوات متتالية؟نحن لا نطالب بحل مأساة البدون- لا سمح الله- أو مضايقة مُلاك العقار في حل مشكلة الإسكان والعياذ بالله. لا وكلا، نحن نريد فقط "شوية" إحساس بمن هم حولنا، تماما كما فعلت القهوة في اختصار المسافة بين رئيس وزراء هولندا وموظفي النظافة. من المعيب الآن أن يقوم المسؤول الأول في بلدية الكويت بتنظيف ممرات سوق المباركية من الورق لأن "مارك الوسيم" حرق الفيلم عليه، أو لربما خشي لوم المغردين على الملايين التي تصرف على عقود النظافة في بلد غير نظيف. مسؤولونا أدمنوا الظهور في الإعلام لتبشيرنا بإنجازاتهم التي لا تتعدى هذا التصريح المكرر: "أنجزنا ٢٦٪ من مشروع تحويل التقاطع المروري إلى دوار"، أو ذلك المسؤول الخارق الذي واجه شكوى تأخر خروج حقائب المسافرين من المطار بسبب ما يراه من "كثرة المسافرين"!! السؤال هنا: ماذا لو سكب وزير كويتي قهوته ومعه مرافقوه؟ سينادي هؤلاء السيد كومار، وسيصفق الجميع للوزير!
مقالات
ماذا لو سكب وزير كويتي قهوته؟!
10-06-2018