تآكل الاحتياطي العام ليس عذراً للتوسع في الاقتراض
«نحتاج منظومة من سياسات إصلاح جوهرية تكون فيها الحكومة قدوة»
قال التقرير الأسبوعي لشركة "الشال" للاستشارات، إنه لابد من تقديم شكر مستحق للهيئة العامة للاستثمار لقيامها بحسم الجدل حول خسائر قياسية مزعومة لصندوقها السيادي، وتفسيرها يتفق مع ما ذهبنا إليه في تقريرنا للأسبوع الفائت، ونتمنى أن تستمر الهيئة في دورها المصدر الموثوق لتلك الأرقام، وأن نتوسع في نشرها، والشكر موصول أيضاً لوزير المالية لتحذيره من مخاطر العجز المستدام للمالية العامة حتى في ظروف كانت جيدة حقق فيها الصندوق السيادي عائداً استثنائياً، وحتى بعد دعمها من سوق نفط مواتٍ قفز بسعر خام برنت إلى حافة الثمانين دولاراً للبرميل. ووفق "الشال" فإن أولى مؤشرات الخطر التي ذكرها هي بداية تآكل صندوق الاحتياطي العام البالغ حجمه نحو 26.4 مليار دينار، كما في 31 مارس 2018، والتآكل سوف يلتهم نصفه السائل البالغة قيمته نحو 13.2 ملياراً، حتى مع افتراض سيناريوهات متفائلة جداً لأسعار برميل النفط تراوح ما بين 70 و 100 دولار.وفي التفاصيل، ما تقدم جهد طيب، لكنه مثير للقلق في نفس الوقت، لأنه استخدم حجة لإطلاق يد الحكومة في الاقتراض حتى سقف 25 مليار دينار، ولا نعتقد بصواب منح الحكومة رخصة القفز بسقف الاقتراض إلى ذلك المستوى المرتفع، ولنا عليه جملة من الملاحظات نوجزها بالتالي:
1. كان لابد من تقديم عرض للمفاضلة المالية ما بين تكلفة الاقتراض المتصاعدة مستقبلاً، والعائد المحتمل على استثمارات الدولة، وتحديداً الشق السائل البالغ 13.2 مليار دينار ضمن مكونات الاحتياطي العام، وذلك الشق أعلى من نصف سقف الاقتراض المطلوب. 2. كان لابد من تقديم عرض تحليلي لكفاءة النفقات العامة الحالية ونموها المحتمل ومناحي الهدر والفساد فيها وسبل مواجهته ونوايا استخدام حصيلة أموال الاقتراض.3. الالتزام بتقديم برنامج مالي متوسط الأمد يغطي ثلاث سنوات للنفقات العامة المحتملة، من داخل الموازنة العامة وخارجها، ومصادر تمويلها المختلفة، ووضع سقف لتلك النفقات، واحترامه، وليس كما حدث أخيراً بكسر سقف الـ 20 مليار دينار، بعد أقل من أسبوع على إعلانه. 4. عدم استخدام حجة قيد القانون على السحب من احتياطي الأجيال القادمة لتسويق مبدأ الاقتراض، فالسحب المباشر من ذلك الاحتياطي شر، ولكن، السحب غير المباشر بالاقتراض بضمانه لتمويل نفقات رديئة أو فاسدة، شر أشد، لأنه يعني ترحيلاً للأزمة المالية العامة لجيل لا ذنب له في قراراتها، ومن جيل له تاريخ مخيب في تعاملاته معها.ونعتقد، أن المخرج من خطر داهم، يكمن في منظومة من سياسات إصلاح جوهرية تكون فيها الحكومة قدوة، تبدأ في تقديم تحليل تفصيلي لمناحي الهدر في النفقات العامة بما فيها شراء الذمم والولاءات بالمال والخدمات، يتزامن معها ملاحقة عادلة لبؤر الفساد والفاسدين، ولعل النموذج الماليزي هو الأخير في هذا الصدد. ثم إعلان مشروع للاستدامة المالية بتغيير وظيفة الصندوق السيادي ليصبح مصدر الدخل المستدام في تمويل المالية العامة، إضافة إلى نظام ضريبي عادل ومتدرج، ثم إصلاح سياسات الدعم، ذلك فقط ما يمكن أن يشيع الاطمئنان والاستقرار وهما أساس لتبني مشروع الاستدامة الاقتصادية لاحقاً. عدا عن ذلك، مصير كل ما يطرح، لن يختلف عن مصير مجلدات مكررة من خطط التنمية منذ ستينات القرن الفائت، وكلها أثمرت نتائج معاكسة لأهدافها.
الالتزام بتقديم برنامج مالي متوسط الأمد يغطي 3 سنوات للنفقات العامة المحتملة من داخل الموازنة العامة وخارجها
لا نعتقد بصواب منح الحكومة رخصة القفز بسقف الاقتراض إلى ذلك المستوى المرتفع
لا نعتقد بصواب منح الحكومة رخصة القفز بسقف الاقتراض إلى ذلك المستوى المرتفع