حققت أسواق الأسهم الأميركية مكاسب خلال الأسبوع الماضي على الرغم من استمرار حالة التوتر التجاري العالمي وهي الحالة التي سيطرت على مجريات قمة مجموعة الدول الصناعية السبع التي استضافتها كندا وانطلقت أعمالها الجمعة الماضي.

وحسب التقرير الأسبوعي الصادر عن شركة رساميل للاستثمار، حقق مؤشر "S&P 500" مكاسب بنسبة 1.38٪ خلال الأسبوع الماضي على الرغم من حالة عدم اليقين التي تسود الوضع التجاري العالمي على خلفية الرسوم الجمركية التي تواصل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإعلان عنها والإصرار عليها. في هذا الوقت ما تزال البيانات الاقتصادية الأميركية قوية ومشجعة، ولكن قد يكون هناك بعض التقلّبات في المستقبل نتيجة المناقشات حول رفع أسعار الفائدة، أو الاضطرابات السياسية الناجمة عن العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في ظل اقتراب موعد القمة التاريخية بين الرئيس الأميركي والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أو نتائج أعمال قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى. وعلى سبيل المثال فقد رفض الرئيس ترامب مؤخراً تخفيف حدة مواقفه بشأن التعريفات والرسوم الجمركية خلال محادثاته التجارية مع حلفائه من دول مجموعة السبع خلال القمة التي عقدت في كيبيك خلال نهاية الأسبوع. ويبقى أن نرى كيف ستتطور المفاوضات، ولكن أي عمليات بيع مكثفة قصيرة الأجل قد تشهدها الأسواق المالية نتيجة التطورات السياسية الرئيسية قد تكون بمثابة فرص شرائية بالنسبة للبعض.

Ad

أما على صعيد أرباح الشركات وبعد الانتهاء من النتائج المالية الخاصة بالربع الأول من العام فإنه بالإمكان القول ان أرباح الشركات الأميركية في الربع الأول من عام 2018 كانت قوية إلى حدٍّ ما، حيث تجاوزت إيرادات 76٪ من الشركات المنضوية في مؤشر S&P 500 التوقعات بينما جاءت أرباح 78٪ من شركات المؤشر أفضل من التقديرات. وﻣن المتوﻗﻊ أن ﯾﺳﺗﻣر هذا اﻻتجاه في أداء الشركات خلال اﻟربع الثاني اﻟحالي من العام في ظل استمرار قوة كل من النشاط الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي. وعلى صعيد الإنفاق الاستهلاكي فلا بد من الإشارة إلى أن البيانات الاقتصادية التي تم نشرها قد أظهرت نمو قيمة الثروة الصافية للأسر الأميركية بنسبة 4.2٪ في الربع الأول من العام الحالي لتصل إلى 101 تريليون دولار أميركي، وهو أعلى مستوى تاريخي (أعلى من الرقم القياسي السابق البالغ 99.7 تريليون دولار أميركي).

وفي أبرز أخبار الشركات التي أثّرت على حركة مؤشرات الأسهم الأميركية بما فيها شركة Apple التي لم يطرأ تغيير يذكر على سعر سهمها خلال تداولات الأسبوع الماضي، إلا أن السهم تراجع بنسبة 1.3٪ يومي الخميس والجمعة الماضيين وذلك على اثر التقارير التي أشارت إلى أن الشركة حذرت المورّدين من توقع تراجع مستوى الطلبات على القطع في النصف الثاني من عام 2018. إن هذه التوقعات بتحقيق مستوى مبيعات منخفض قد تضع ضغوطاً على سهم الشركة في الوقت الذي يتم التحضير لإطلاق iPhone الجديد في شهر سبتمبر المقبل.

من جهة أخرى، ارتفع سهم شركة Tesla بنسبة 8٪ خلال تداولات الأسبوع الماضي على هامش الاجتماع السنوي لمساهمي الشركة والذي تم خلاله تصويت الأغلبية الساحقة من المساهمين على بقاء الرئيس التنفيذي السيد إيلون ماسك في منصبه وعلى رأس مجلس إدارة الشركة وذلك بعد ظهور بعض الأصوات التي دعت إلى طرده من منصبه كرئيس لمجلس الإدارة. وبالإضافة إلى ذلك قال ماسك إنه من المرجح جداً أن يصل إنتاج الشركة من الطراز 3 إلى 5000 أسبوعياً بحلول نهاية شهر يونيو الجاري. إن هذا الارتفاع في الكفاءة وتوسيع نطاق الإنتاج سيؤدي إلى خفض التكاليف الأمر الذي من شأنه مساعدة الشركة على تحقيق الربحية، ناهيك عن أن تكلفة إنتاج البطاريات بعيدة المدى آخذة في التراجع.

وبالانتقال إلى أوروبا فقد عانت مؤشرات أسواق الأسهم الرئيسية أيضاً من خسائر خلال تداولات الأسبوع الماضي على خلفية توتر وخوف الأسواق من المشاحنات على صعيد التجارة العالمية. ومع ذلك فإن من الأخبار الرئيسية التي تتم متابعتها الاجتماع الذي جمع المسؤولين في البنوك المركزية الذي تم عقده في العاصمة الألمانية برلين خلال الأسبوع الماضي، مما يشير إلى احتمال قيام البنك المركزي الأوروبي في نهاية المطاف بمناقشة إمكانية وضع حد لبرنامجه للتيسير الكمّي. يذكر أن المركزي الأوروبي كان يعمد إلى شراء سندات بقيمة المليارات شهرياً منذ عام 2015 بهدف المساعدة في إنعاش اقتصاد منطقة اليورو. وتسود توقعات بأن يعمد المركزي الأوروبي إلى وقف برنامجه للتيسير الكمّي في نهاية هذا العام، حيث من المؤكد أن يقوم مجلس إدارة البنك بأخذ بيانات التضخم الأخيرة بعين الاعتبار لدعم هذا القرار. وكان معدل التضخم السنوي قد بلغ 1.9٪ في شهر مايو الماضي بالمقارنة مع معدل تضخم بنسبة 1.2٪ في شهر أبريل الماضي. ومع ذلك فإن التمعّن في البيانات الاقتصادية الخاصة بمعدل التضخم الأساسي يظهر استقراره عند معدل 1.1٪ في شهر مايو الماضي و0.7٪ في شهر أبريل الماضي، مما يُعدّ مؤشراً واضحاً على مدى تأثير أسعار الطاقة على التضخم خلال هذه الفترة. وفي حين أن هذه المعدلات هي دون مستوى المعدل المستهدف من المركزي الأوروبي الذي يعادل 2٪، فإن الانتعاش الاقتصادي أثبت انعطافته وتسارعه وذلك في الوقت الذي يقترب معدل البطالة من مستويات منخفضة قياسية، وسوق العمل الضيق يتحول ببطء إلى نمو في الأجور. وكان البنك المركزي الأوروبي توقع أن يبلغ معدل التضخم 1.4% هذا العام ونفس الشيء بالنسبة للعام المقبل. ومن المتوقع أن تصدر توقعات مستقبلية جديدة عن المركزي الأوروبي عند اجتماع مجلس محافظي البنك خلال الأسبوع المقبل.