حتى الجامعة لم تسلم!
القضاء على المظاهر القبيحة في مجتمعنا بالتأكيد يشمل الطلبة باعتبارهم العصب الاجتماعي في البلد، ولكن يجب أن يبدأ بعلية القوم ومن يهندسون ويرعون هذه الفتنة، وأن تنسف السياسات العليا والتشريعات العامة التي لا تعتبر الحاضنة الرئيسة للانقسام القبلي والطائفي والمناطقي فقط، بل لمعظم البلاوي التي تنخر جسد بلدنا منذ سنوات طويلة!
![د. حسن عبدالله جوهر](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1499151557547559900/1499151557000/1280x960.jpg)
إلا أن هذه النظرة الضيقة لا يمكن أن نحمّل مسؤولياتها لشباب الجامعة، فما نراه مجرد انعكاس للحالة العامة في البلد، ولكن يبدو أننا "نستسبع" على الحلقة الأضعف فقط، ونحاول التسلق على ظهورهم عبر شعارات الوطنية ونبذ الممارسات القبلية والطائفية وغيرها.حالة التشرذم هذه باتت مقننة، وتدار عبر سياسة الدولة في معظم قطاعاتها، فالتقسيم الاجتماعي والفئوي والمذهبي هو السائد في اختيار الوزراء، ومن بعد ذلك إطلاق يد الوزراء في تكديس مكاتبهم وإداراتهم الحكومية بالمقربين من أبناء القبيلة والطائفة والعائلة.الدوائر الانتخابية المعدة لاختيار السلطة التشريعية مبنية بشكل واضح ومدروس ليس للإبقاء على التقسيمات الضيقة فحسب بل لتغذيتها باستمرار بالشعارات القبلية والطائفية، ولم يكتف بمثل هذه التقسيمات الضيقة بل عمقتها عبر الصوت الواحد لتجزئة المجزّأ وتفتيت المفتّت.الأندية الرياضية والجمعيات التعاونية والعديد من جمعيات النفع العام مبنية بدورها على أساس طبقي وعائلي وقبلي، والغالبية من الناس والنخب القيادية مرتاحة لذلك لأنها تضمن لها النفوذ المستمد من قوة القبيلة أو الطائفة، وتطول القائمة لتشمل كل نواحي حياتنا دون أن نرى هذه الفزعة الوطنية التي استأسدت على مجموعة من طلبة الجامعة الشباب.القضاء على هذه المظاهر القبيحة في مجتمعنا بالتأكيد يشمل الطلبة باعتبارهم العصب الاجتماعي في البلد، ولكن يجب أن يبدأ بعلية القوم ومن يهندسون ويرعون هذه الفتنة، وأن تنسف السياسات العليا والتشريعات العامة التي لا تعتبر الحاضنة الرئيسة للانقسام القبلي والطائفي والمناطقي فقط، بل لمعظم البلاوي التي تنخر جسد بلدنا منذ سنوات طويلة!