البعبع وحامي الحمى
وطننا العربي ومنطقة الشرق الأوسط قاطبة بحاجة إلى صحوة وانتباه ومعرفة شاملة لما يحاك ضدها، وما يقوم به أطرافها بوعي وبدون وعي في زيادة مصيبتها، فإذا أحسنت النية أرى الغباء يتحكم في كل خطوة يخطوها بعض حكام المنطقة، وإذا لاحقنا ما جاء في مخططات الغرب فإن ما يقومون به مؤامرة مشتركة مع العدو لتدميرنا.لقد أجاد الغرب خلق الأدوار التي تشعل المنطقة، ورأينا كيف يتم صنع البعبع الذي يبتز الحكام ويدمر لتحقيق مصالح الأعداء حتى تم غزو الكويت ثم غزو العراق، لنفهم لماذا حدث ما حدث، وكيف ضاع العراق في النهاية ودمر بفعل رئيس لم يدرك الفخ الذي وضع له، وقاده الغرور وقوة سلاحه لتحدي العالم حتى سقط ودمرت بلاده، ثم جاءت مرحلة ما سمي «الربيع العربي»، ورأينا أن ما أخذ شكل الثورة على الظلم والطغيان ما هو إلا فخ للهدم والتقسيم والتحطيم والتشريد والتقسيم، وما زلنا ولأعوام قادمة نعاني بسبب هذه المؤامرة. يبدو الآن بوضوح أننا لم نتعلم شيئا، فها هو البعبع يعود مرة ثانية بشكل وبلباس آخر تشتعل بسببه مصائب ما زالت مشتعلة، دمرت وما زالت تدمر الأخضر واليابس في سورية والعراق، وبدلا من أن نقف في وجه هذه المخططات، وقد عرفنا مسببها وأهدافها لكي نصل إلى حل يقي أوطاننا شر هذا المخطط، فإننا نتعامل بالغباء نفسه مع وسائل الحل، وكأننا أدوات بيد مخطط البلاء بدلا من توحيد الكلمة والجهد لمواجهة هذا المخطط.
البعبع يرى نفسه بطلاً وأنه يكسب، وحامي الحمى يرى أن العدو الرئيس هو البعبع لا من خطط لكل هذا. الأسوأ أن حامي الحمى يلجأ إلى المخطط ليساعده في مواجهة البعبع، وهكذا فلا البعبع يتوقف حتى لا يخدم بوعي أو بدون وعي أهداف المخططين للتدمير ولا حامي الحمى مدرك أن الخطر في الحلفاء قبل كل شيء، وأن المستجير بهما كالمستجير من الرمضاء بالنار. سورية دمرت كلها وكل من ساهم في تدميرها انسحب أو سينسحب ليتحكم فيها سادة الموقف، وليخرج الجميع مهزومين مهما كابروا، وليبيا دمرت وما زال المدمرون المرتزقة مستمرين في أداء أدوارهم، واليمن أصبح ساحة حرب بين البعبع وحامي الحمى دون أدنى محاولة للتوقف والبحث عن حلول تحفظ واليمن وشعبه من الدمار وحفظ أموال المسلمين من الضياع في حرب عبثية، لا البعبع ولا حامي الحمى قادران على التوقف عنها والبحث عن حلول أفضل. وها هي فلسطين والأردن محطتا الصراع القادمة بعد قرار اعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، والبدء في تنفيذ خطة التهجير الجديدة للشعب الفلسطيني لكل من الأردن وسيناء حسب المخطط. الوطن العربي وإيران وتركيا يصل عدد مواطنيها إلى نصف مليار مواطن تقريبا، في مواجهة عصابة لا تزيد على خمسة ملايين، وفي يد دول منطقة الشرق الأوسط والدول العربية الأخرى كل الإمكانات والقدرات والمواقع الاستراتيجية للمواجهة فضلا عن حاجة العالم لنا، ونحن عاجزون عن إدراك هذا المخطط المجرم وإيقافه عند حده، بل قلب الطاولة عليه، فبدلا من أن يزحف الكيان الصهيوني على الدول العربية فإن بإمكاننا نحن الزحف عليه وطرده من منطقتنا. على البعبع وحامي الحمى إدراك ما يخطط ضدهما واستيعاب ما حدث لصدام، فهما الآن أدوات وغدا هما ضحايا، فلم الانتظار؟ ولم لا نستخدم العقل والقوة لوقف التناحر الداخلي وتوحيد الجهود من أجل أوطاننا ومستقبلنا؟ متى يدرك البعبع وحامي الحمى أنهما الآن أداتان في تنفيد مخطط التقسيم وضرب المنطقة وتسليمها للكيان الصهيوني؟ إذا لم يستوعبا المخطط حتى الآن فإن مصيرنا سيئ ومستقبلنا مظلم، ولن يغفر التاريخ ولا الشعوب للقادة ما حدث ويحدث وما سيحدث.