مواجهة الأشقاء بين البرتغال وإسبانيا في المونديال
ستحمل المواجهة بين منتخبي إسبانيا والبرتغال لكرة القدم، ضمن منافسات المجموعة الثانية في مونديال روسيا 2018، العديد من الأبعاد الثقافية والسياسية والرياضية.
في عام 1494 تقاسمت البرتغال واسبانيا احتلال العالم بأسره، وبعد 5 قرون سيلتقي الجاران الايبيريان الجمعة ضمن نهائيات كأس العالم لكرة القدم، في انتقال رياضي للمنافسة التاريخية بين البلدين.في سوتشي، على ضفاف البحر الأسود، ستجمع القمة الأولى في المونديال الروسي بين بلدين قاما بترويض المحيطات وبناء إمبراطوريات رائعة، بعدما وضعا خطا لتقسيم العالم بفضل معاهدة تورديسياس الشهيرة، قبل 500 عام.من المستحيل فصل تاريخ البرتغال عن إسبانيا، فبين الجارين اللذين عاشا في كنف مملكة واحدة في الفترة بين 1580 و1640، ثقافات متشابهة، وشغف مشترك للكرة المستديرة.
قال مدرب إسبانيا جولين لوبيتيغي، الذي درب فريق بورتو البرتغالي (2014-2016): «إنهما بلدان يحبان ويحترمان بعضهما كثيرا، بلدان كرويان، كرويان جداً».وأضاف «أنا أعرف كيف يعيش الناس كرة القدم في البرتغال، بطريقة مثيرة جداً»، في حين تطرق نظيره البرتغالي فرناندو سانتوس إلى «التنافس التاريخي» بين البلدين.البلدان ليسا قريبين جغرافيا فحسب بل رياضيا أيضا، فعندما خاض الـ»سيليساو» البرتغالي مباراته الأولى عام 1921، كانت أمام «لا سيليكسيون» (منتخب) اسبانيا، الذي فاز 3-1 في مدريد، واضعا أسس تفوق دائم على جاره.وبالنسبة للبرتغاليين، تبقى كرة القدم الإسبانية ذلك الشقيق الكبير الرهيب والرائع، والذي يجرد انديتهم المحلية من أفضل لاعبيها. فريقا ريال مدريد وبرشلونة اللذان يملكان 18 لقبا في مسابقة دوري أبطال أوروبا يتفوقان بشكل كبير على بنفيكا وبورتو (لقبان لكل منهما).على المستوى الرياضي، يعترف المؤرخ البرتغالي فرانشيسكو بينييرو من جامعة كويمبرا: «على الجانب الرياضي، عانينا دوما من عقدة النقص»، مضيفا «قبل نهائيات كأس أوروبا 2016، عدنا دائما إلى أنماط ثقافية محددة: فادو (نوع موسيقي برتغالي) وقدسيته، أفكار الهزائم المشرفة أو الفوز المعنوي».
تفوق إسباني رياضي
في سنوات الثلاثينيات، لم تتوقف اسبانيا عن قطع طريق البرتغال إلى نهائيات كأس العالم، مع بعض الانتصارات التاريخية التي لا تنسى ابرزها 9 - صفر في عام 1934، في تفوق واضح للاسبان.وقال مانويل بيريرا مراسل صحيفة «أبولا» الرياضية البرتغالية في اسبانيا منذ ثلاثة عقود «ليس فقط في كرة القدم، على جميع المستويات!».ويلخص المسألة قائلا «إسبانيا بلد أكبر بكثير (46 مليون نسمة مقابل 10 ملايين نسمة)، والناس يهتمون أكثر بما يحدث في فرنسا منه في البرتغال. بالنسبة للإسباني، تبقى البرتغال دولة غير معروفة تماما (...)، الجار الذي لا نوليه اهتماما كبيرا».على الصعيد الرياضي، عاد التوازن بين البلدين في الألفية الجديدة، عندما بدأت البرتغال في تصدير أصحاب الكرات الذهبية مثل لويس فيغو، وكريستيانو رونالدو، ومدربين مشهورين مثل جوزيه مورينيو... جميعهم مروا عبر ريال مدريد، النادي الأكثر شعبية في إسبانيا.في عام 2004 وخلال كأس أوروبا التي استضافتها البرتغال، أقصت صاحبة الضيافة جارتها من دور المجموعات بالفوز عليها 1 - صفر، ما اعتبر خيبة أمل كبيرة في إسبانيا.صحيح ان المنتخب الإسباني ثأر بعد ذلك (1 - صفر في الدور ثمن النهائي لنهائيات كأس العالم 2010، وبركلات الترجيح في الدور نصف النهائي لكأس اوروبا 2012)، لكن المنافسة بلغت أوجها عندما فازت البرتغال 4 - صفر على الإسبان المتوجين قبل أشهر قليلة باللقب العالمي في جنوب افريقيا، وذلك في مباراة دولية ودية في لشبونة في نوفمبر 2010.ويتذكر بيريرا قائلا «كل هدف أحرزته البرتغال كان بمنزلة حفل»، مضيفا «ليس فقط لأنها كانت إسبانيا، ولكن لأن الأمر كان يتعلق بأبطال العالم! كانت ليلة لا تنسى».أما بالنسبة لسجل المنتخبين، فقد قلص البرتغاليون قليلا تخلفهم أمام الجار الإسباني المشاكس بطل العالم 2010 وبطل أوروبا ثلاث مرات (1964، 2008، و2012): التتويج بكأس أوروبا 2016 في فرنسا بقيادة رونالدو مكنهم من إحراز اول لقب كبير في تاريخهم ورفع المعنويات في بلادهم.وقال لاعب الوسط الدولي السابق لويس فيغو (127 مباراة دولية) يوم الجمعة الماضي في لشبونة «اسبانيا تملك بالتأكيد واحدا من أفضل المنتخبات، لكن البرتغال لا يجب أن تخاف».واختتم فيغو المتوج بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العام عام 2000، قائلاً «ليس هناك متعة استثنائية عندما نفوز عليهم، الشيء المهم بدء المسابقة بنتيجة إيجابية لكسب الثقة».