يستعد مطار الكويت الدولي لتقديم اختباره السنوي مع حلول فصل الصيف وموسم السفر، إذ لم تكن المواسم السابقة ناجحة بالشكل الذي يطلبه المواطن، فكان الازدحام والفوضى من الصفات التي ترافق حرم المطار منذ الوصول اليه وقبل الدخول الى المبنى.

مبنى ركاب وحيد لمطار الكويت الدولي T1، أحد أقدم المطارات في المنطقة، ومنذ ذلك الحين وإلى وقت قريب، فإن معظم التحسينات والتطويرات كانت شكلية لم تنعكس على سلاسة الحركة الداخلية والخارجية، وكانت المسؤولية متوزعة على الطيران المدني، والجمارك ووزارة الداخلية، فكل تلك الجهات معنيّة بتشغيل المطار، كل وفق اختصاصه.

Ad

«الجريدة» رافقت المسؤولين في تلك الجهات في جولة تفقدية استعدادا لموسم السفر الحالي، ويراهن المسؤولون في هذا الاختبار السنوي على تجاوز الأحداث السابقة، عبر مجموعة من عمليات التطوير التي أدخلت على المبنى، فهل تلك التحسينات كفيلة بتوفير تجربة جديدة للمسافر الكويتي من مطاره الى مطارات العالم الأكثر تقدما؟

أحد العوامل التي يراهن عليها المسؤولون في المطار، افتتاح المبنى الجديد المخصص لطيران الجزيرة T5، ووفق الإحصاءات، فإن حركة الركاب في مبنى مطار الكويت الدولي T1 قلّت بنسبة 15 بالمئة، مع انتقال كامل عمليات «الجزيرة» الى مبناها الجديد.

كما يراهن المسؤولون أيضا على أن افتتاح وتدشين مبنى الركاب T4 المخصص للخطوط الجوية الكويتية، وتشغيله في أغسطس المقبل من شأنه أيضا تخفيض نسبة الزحام في المبنى الرئيس، لتعود نسبة التشغيل الى العدد الطبيعي بحسب إمكانية المبنى وطاقته الاستيعابية.

نقل خطوط

وإضافة الى ما سبق، فقد نقل «الطيران المدني» عددا من شركات الخطوط الاقتصادية Low Cost Airlines الى مبنى الشيخ سعد العبدالله T3.

قد تكون العوامل السابقة خارجية، ولكن ما هي التحسينات الداخلية التي قامت بها الجهات الحكومية المشغلة للمطار؟

بحسب الشرح الذي قدمه رئيس إدارة الطيران المدني، الشيخ سلمان الحمود، فإن واحدا من أهم التحسينات التي ستدخل على مبنى المطار هو إزالة أجهزة التفتيش في منطقة «القادمون» المنصوبة قبل بوابة الخروج، فعوضا أن يقف القادمون في طوابير لتفتيش حقائبهم بعد تسلمها، فإن تلك الخطوة سيتم إلغاؤها نهائيا، إذ إن الحقائب سيتم تفتيشها قبل خروجها الى «سير الحقائب»، وفي حال وجود اشتباه على حقيبة يتم وضع Tag عليها لتفتيشها ذاتيا، مما يترتب عليه أن يغادر القادمون فورا دون التوقف في مرحلة تفتيش أخرى.

وفي حال لا يريد القادمون انتظار خروج حقائبهم، فإن بإمكانهم طلب خدمة إيصالها الى منازلهم خلال ساعات، وفي اليوم ذاته، بمقابل مالي رمزي.

أما بالنسبة إلى المغادرين، فقد تم تدشين خدمة التسلّم المبكر للحقائب خارج مبنى المطار، وتلك الخدمة خاصة للمسافرين على الخطوط الجوية الكويتية وطيران الجزيرة، وتم تخصيص 4 مواقع في عدد من المحافظات، وبذلك تكون حركة المرور أكثر سهولة، ويقل الازدحام الذي تسببه عملية تحميل الحقائب أمام المبنى، وما يترتب عليه من تعطيل الحركة المرورية على الجسر المؤدي الى بوابات المغادرين.

قاعة ترانزيت

كما تم تدشين قاعة جديدة خاصة لركاب الترانزيت لإنهاء إجراءات استكمال سفرهم، ويأتي موقعها منفصلا تقريبا عن حركة المغادرين والقادمين، وأيضا قاعة جديدة للاستراحة.

ومن الخدمات الجديدة التي يرى «الطيران المدنى» أن من شأنها تخفيف الضغط على المبنى خدمة إصدار بطاقة صعود الطائرة ذاتيا Self Check-in عبر عدد من الأجهزة المنتشرة في المطار لبعض شركات الطيران والمسافرين من دون حقائب، كما أن هناك عددا من الإجراءات الأخرى مثل زيادة عدد كراسي الانتظار، وتغيير اللوحات الارشادية للمسافرين.

جميع تلك الإجراءات ليست بالجديدة على مستوى المطارات العالمية، ووصلت متأخرة الى مبنى مطار الكويت الدولي لأسباب قد يكون أبرزها الإهمال التاريخي لهذا المرفق المهم، الذي يعد واجهة البلاد للقادمين، وآخر ما يراه المغادرون من الكويت، وفشل الحكومات السابقة في تحريك المياه الراكدة في عديد من المشاريع التطويرية لحرم المطار، فكثير من المشاريع، بما فيها إنشاء مبان ركاب جديدة ظلت حبيسة الأدراج، أو تدخل في دوامة الروتين الحكومي التي انتهت غالبا بالإلغاء.

تدارك الأخطاء

مثل تلك الأخطاء في مبنى الركاب القديم T1، يقول المسؤولون في «الطيران المدني» أنه تم تفاديها في مباني الركاب الجديدة T1 ،T2 ،T3 وT4، لا سيما ما هو حاصل حاليا في المبنى القديم الذي يراه الكثيرون بأنه مجمع تجاري وليس مطارا للسفر، وهي حالة فريدة إذ إن المعمول به دوليا أن تكون المحلات التجارية بعد نقطة الجمارك في السوق الحرة Duty Free، ولكن في مطار الكويت فإن الأمور معكوسة، إذ إن المحلات أغلبها متاحة للجميع، ولأنها تعمل على مدار الساعة فقد أصبح المطار الوجهة السياحية الأولى... ليس للسفر، بل للتسوق!

مثل تلك الأخطاء، كما يراها المسؤولون، لن تتكرر في المباني الجديدة قيد الإنشاء، وهو قرار صحيح وسليم إذا ما استمرت الإدارة عليه، ولم تخضع لضغوط من شأنها تحويل المباني إلى مجمعات تجارية.

عودة الى اختبار مطار الكويت في فصل الصيف، صحيح أن هناك عددا من التحسينات التي أدخلت على المبنى، واستقلال طيران الجزيرة بمبنى خاص بهم من شأنه المساهمة مع افتتاح مبنى «الكويتية»، ولكن النجاح الحقيقي لا يقاس بما تم فعله، بل بما تحقق منه من نتيجة يلمسها المواطنون والمقيمون في سفرهم، فهل يكون صيف «الطيران المدني» هذا العام مختلفاً؟ أم تعود حليمة الى عادتها القديمة بالفوضى والازدحام؟