أربع هجمات عنيفة تعرض لها حتى الآن أنصار قائمة «سائرون»، الفائز الأول في انتخابات العراق، وهي لفيف من تيار مقتدى الصدر والحزب الشيوعي وقوى علمانية أخرى، فخلال 20 يوماً جرى استهداف مقر الحزب الشيوعي في بغداد، تزامناً مع تفجير تجمع للشباب في الأحياء الفقيرة الموالية للصدر، تلا ذلك انفجار غامض في مدينة الصدر أوقع العشرات. أما يوم الأحد فاحترقت مخازن ضخمة لجانب الرصافة، تحتوي على صناديق الاقتراع التي تعد وثيقة مادية على تقدم هذا التحالف النيابي، الذي وضع نواة «الكتلة الأكبر»، ويمكن أن يشكل الحكومة.
وقال متحدثون رسميون إن الدفاع المدني نجح في إنقاذ معظم صناديق الاقتراع، وإن تحالف «سائرون» (54 مقعداً) ربما سيتضرر بمقعد أو اثنين فقط لو أعيد فرز الأصوات يدوياً، وسط موجة الطعون الواسعة التي دفعت القضاء إلى فرض وصاية على المفوضية العليا الخاصة بالانتخابات، لتعيد تدقيق النتائج بنحو شامل.لكن الصدر كتب كلمة واسعة نشرها في ساعة متأخرة من فجر أمس الاثنين، على موقعه الإلكتروني الرسمي، جاء فيها أنه يرفض أن يكون انتصار تحالفه «بداية لحرب أهلية» يريد أن يفتعلها من باع ثلثي العراق، في إشارة تقليدية إلى نوري المالكي، رئيس الحكومة الأسبق، الذي شهدت نهاية عهده اجتياح تنظيم «داعش» مساحات واسعة من البلاد، وانتشار الميليشيات في مساحات أخرى.وتساءل الصدر، في تلميح إلى ارتيابه من إيران وضلوعها المحتمل في الأحداث الأخيرة: «إلى متى يبقى البعض خاضعاً لمن هم خلف الحدود، أما آن الأوان لأن نقف صفاً من أجل البناء، بدل إحراق صناديق الاقتراع؟».
وكان الصدر، الذي يفترض أنه قريب من رئيس الحكومة حيدر العبادي، رفض بشكل قاطع الانخراط في تشكيل كتلة تضم الشيعة فقط، لتسمي الحكومة في البرلمان، واصفاً محاولات إيران للضغط بهذا الاتجاه بأنها «خلطة العطار»، التي لم تعد صالحة للبلاد، لاسيما أن تحالفه يضم الكثير من العلمانيين، كما أن تحالف العبادي يضم العديد من السنة والعلمانيين، مما جعله يرفض أيضاً دخول تحالف شيعي تريده إيران وممثلو الميليشيات ونوري المالكي.وحققت انتخابات مايو تقدماً كبيراً للقوى الشيعية التي تطلب تقييد نفوذ إيران، على حساب خط آخر مقرب من طهران، وقام المرجع الأعلى في النجف علي السيستاني والصدر وكثير من القوى العلمانية في العراق بدعم حكومة العبادي، التي وضعت جزءاً من إصلاحاتها الواعدة في تنشيط علاقات بغداد مع العواصم العربية، وفرض قيود على الموالين لإيران، وجاءت الانتخابات داعمة بوضوح لهذا الاتجاه، لكن من غير المتوقع أن تتقبل إيران ذلك بسهولة.