هناك أناس يعانون أزمة علمية وثقافية، غير أسوياء في الحياة، يغضبون ويثورون لأتفه الأسباب، عدوانيون في علاقاتهم وسلوكهم، ولا تعرف سبباً لتصرفاتهم ولا عن حالتهم النفسية، يحملون الشهادات، بعضهم شهاداته عليا، لكن عقولهم صغيرة، تخبرك عنها تصرفاتهم التي لا يلجأ إليها صبية مراهقون. التفسير الوحيد لهذه الفئة هو الشعور بالنقص، خصوصا العلمي والثقافي، وتصرفهم هو دفاع عن النفس لأن الوسط من حولهم إيجابي ومتحرك، وهم واقفون وغير قادرين على الفعل الإيجابي عدا مسايرة الوضع بتقليدية وشكلية تنمان عن ضحالة علمية وثقافية.
وقارئ هذه السطور من هؤلاء يعرف نفسه، ويعرفه الآخرون، ويتظاهر بأنه من الأسوياء وهو مريض طغت عنده عنصريته وذاتيته، هو نمطي تقليدي يأخذ ما يستحق وأكثر مما يستحق، وأمثال هؤلاء كثيرون في زمن الردة، بيد أن التاريخ لا يرحم المتطفلين عليه والذين تضخمت ذاتيتهم إلى درجة التعتيم والتشويه على إبداعات الآخرين، وتجد شعبيتهم وسط النفعيين والذين يعيشون انطواء علمياً وثقافياً بالإضافة إلى أصحاب المصالح الآنية. إن موضوع اليوم درسٌ في علم النفس على الرغم من التخصص في التاريخ، وقد يكون غامضاً لدى البعض لكنه شديد الوضوح لدى أولئك "المرضى" ولدى الكثيرين.لا بأس بين الحين والآخر أن نطرح موضوعاً يدعو للتأمل، ليس ليصحو أولئك المصابون بحب الذات، بل حتى لا يسقط آخرون في المستنقع نفسه، وأخيرا تجد الذين يشكون تصوراً في المعرفة والثقافة يلجؤون إلى السلوك العدواني ويؤمنون بأن الهجوم خير وسيلة للدفاع، ويعتقدون أن الناس لا يرونهم ولا يعرفون حقيقتهم كالنعام. لقد زاد عدد هؤلاء في واقعنا المليء بالفساد وهم جزء منه، ونهايتهم الفساد، وقد تطول رحلة النهاية، الأمر الذي يشكل تأثيرهم على الوسط الذي وجدوا فيه خطراً كبيراً، ويقال عن ذلك الوسط بأنه علمي وهو ليس كذلك لأن أمثال هؤلاء لا يملكون معرفة ولا ثقافة حقيقية.
مقالات
الهجوم خير وسيلة للدفاع
13-06-2018