ترامب وكيم يطويان آخر فصول الحرب الباردة... ويبدآن مساراً طويلاً باتجاه السلام

• وقّعا بعد مصافحة تاريخية «وثيقة سنغافورة» من 4 نقاط لإحلال السلام والتخلي عن السلاح النووي كله مقابل ضمانات أمنية
• الرئيس الأميركي يتعهد بوقف المناورات مع الجنوب ويبقي العقوبات على بيونغ يانغ وسيدعو نظيره الكوري الشمالي إلى البيت الأبيض «في الوقت المناسب»
• الاتحاد الأوروبي وبكين وسيول ترحب وطوكيو تلتزم الحذر... وموسكو تعرض المساعدة وخصوم ترامب يعتبرون كيم جونغ أون الرابح الوحيد

نشر في 13-06-2018
آخر تحديث 13-06-2018 | 00:05
طُوي أمس آخر نزاع متبقٍ من الحرب الباردة، بعد اللقاء التاريخي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في سنغافورة، الذي وُقعت خلاله "وثيقة شاملة" تؤكد هدف نزع بيونغ يانغ السلاح النووي كله، وتفتح الباب أمام مفاوضات شاقة وطويلة لتصفية النزاع والسير في اتجاه السلام.
طوت الولايات المتحدة وكوريا الشمالية أمس، آخر صفحة من كتاب الحرب الباردة، التي احتلت الحرب الكورية أسخن فصوله. وبعد عام ونصف من العلاقات المتقلبة بينهما، عقد الرئيس الاميركي دونالد ترامب أمس قمة تاريخية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون، في سنغافورة، ووقعا وثيقة شاملة تؤكد التزام كوريا الشمالية بنزع سلاحها النووي.

والتقى ترامب وكيم، أمس، في فندق كابيلا بجزيرة سانتوسا، وتصافحا أمام عدسات الكاميرا، قبل أن تنطلق القمة خلف الأبواب المغلقة.

النقاط الأربع

وبعد القمة، وقع الزعيمان وثيقة مشتركة تتألف من 4 نقاط. وفيما يأتي نص الاتفاق:

"أجرى الرئيس ترامب والرئيس كيم جونغ اون تبادلا تاما ومعمقا ونزيها للآراء حول المسائل المتعلقة بإقامة علاقات جديدة بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وإقامة نظام ثابت ودائم للسلام في شبه الجزيرة الكورية. تعهد الرئيس ترامب بتقديم ضمانات الى جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، وأعاد الرئيس كيم جونغ اون تأكيد التزامه الثابت والحاسم بنزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية.

وإدراكا منهما ان اقامة علاقات جديدة بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية ستساهم في احلال السلام والازدهار في شبه الجزيرة الكورية، واقرارا منهما بأن الثقة المتبادلة يمكن ان تعزز نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، يعلن الرئيس ترامب والرئيس كيم جونغ اون:

-1 تتعهد الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بإقامة علاقات جديدة بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وفقا لرغبة شعبي البلدين في السلام والازدهار.

-2 الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية ستوحدان جهودهما من اجل اقامة نظام دائم ومستقر للسلام في شبه الجزيرة الكورية.

-3 مؤكدة مجددا على اعلان بانمونجوم في 27 ابريل 2018 (الذي نشر بعد قمة الكوريتين)، تتعهد جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بالعمل على نزع السلاح النووي كله من شبه الجزيرة الكورية.

- 4 تتعهد الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بالعثور على رفات أسرى الحرب والمفقودين والاعادة الفورية لمن يتم تحديد هوياتهم.

وإقرارا منهما بأن القمة بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية للمرة الاولى في التاريخ هي حدث ذو أهمية كبرى يطوي صفحة عقود من التوتر والعداء بين البلدين ويبشر بمستقبل جديد، يتعهد الرئيس ترامب والرئيس كيم جونغ اون بتطبيق مواد هذا البيان المشترك بشكل كامل.

وتتعهد الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية بإجراء محادثات للمتابعة في أقرب فرصة يقودها وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو ونظير رفيع المستوى من جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية لتطبيق نتائج القمة بين البلدين.

ويتعهد الرئيس دونالد ترامب والرئيس كيم جونغ اون بالتعاون من أجل تطوير علاقات جديدة بين الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وتعزيز السلام والازدهار والأمن في شبه الجزيرة الكورية والعالم".

تغييرات كبيرة

وخلال التوقيع، تعهد كيم بـ"طي صفحة الماضي"، وأكد أن العالم "سيشهد تغييرا كبيرا".

وأعرب الزعيم الكوري الشمالي عن شكره لترامب، قائلا: "توقيع هذه الوثيقة التاريخية... يعلن بداية جديدة، وتغييرات كبيرة".

مؤتمر صحافي

وفي مؤتمر صحافي بعد القمة، قال ترامب انه سيوقف المناورات الحربية السنوية مع سيول، والتي تندد بها بيونغ يانغ اذ تعتبرها محاكاة لاجتياحها.

وأضاف: "سنوقف المناورات وذلك سيوفر علينا مبالغ طائلة"، مضيفا انه يريد سحب قواته من الجنوب "في مرحلة ما".

وأشاد ترامب بـ"العلاقة الخاصة" التي يبنيها مع كيم، وأضاف انه سيلتقيه مجددا مؤكدا دعوته الى البيت الابيض.

وعند سؤال ترامب حول نزع الاسلحة النووية، أبرز نقطة في القمة، رد بالقول "لقد باشرنا العملية"، مضيفا انها "ستبدأ سريعا جدا".

وقال ترامب انه تباحث في موضوع حقوق الانسان مع كيم مضيفا "سنعمل على المسألة وهي صعبة من عدة نواح".

وقال الرئيس الأميركي ان اليابان وكوريا الجنوبية ستساهمان "بشكل كبير" في تكاليف نزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية.

وأكد "قمنا بعمل جيد ولكن ذلك لا يعني شيئا إذا لم نضع الكرة في المرمى".

وأضاف أنه ليس لديه أي مانع من زيارة كوريا الشمالية، لافتاً الى وجود الكثير من العمل لدى الجانبين يجب تحقيقه على أرض الواقع.

واعتبر ان العقوبات على كوريا الشمالية سترفع بعد تخلي بيونغ يانغ عن سلاحها النووي وضمان عدم فاعليته قائلا "آمل أن يكون ذلك قريبا وأتطلع إلى رفع العقوبات"،

وأضاف ترامب "لن يكون هناك حدود لما تود أن تحققه كوريا الشمالية إذا تخلت عن أسلحتها النووية".

وأبدى ترامب في هذا الصدد رغبته في استدعاء الجنود الأميركيين من قاعدتهم في كوريا الجنوبية حيث ينتشر 32 ألف جندي أميركي، لكنه استدرك قائلا "لكن هذا ليس جزءا من المعادلة في الوقت الحالي".

كوريا الجنوبية

وفي سيول، رحب الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي ان باتفاق سنغافورة، وقال بعد القمة التاريخية بين ترامب وكيم ان "اتفاق سانتوسا في 12 يونيو سيبقى في التاريخ العالمي كحدث انهى الحرب الباردة".

وأشاد بكيم جونغ اون ودونالد ترامب "لشجاعتهما وتصميمهما" مما يؤدي بالكوريتين الى طي صفحة "ماض قاتم من الحرب والمواجهة وفتح فصل جديد من السلام والتعاون". وأضاف: "سنعمل معا بالتعاون مع كوريا الشمالية طوال الطريق"، لكنه حذر في الوقت نفسه ان هذه ليست سوى "البداية وقد تكون هناك الكثير من الصعوبات المقبلة".

الصين

وقالت الخارجية الصينية أمس: "نرحب بإنجازات الاجتماع وندعمها، ونشيد بالجهود التي بذلتها جميع الأطراف المعنية لتعزيز نجاح اللقاء".

وشددت على أن نتائج الاجتماع "خطوات صائبة ومهمة" في اتجاه نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، وتأتي "متماشية مع توقعات الصين".

ودعت الى "تعزيز المشاورات التالية، ودعم الإنجازات وتوسيعها، وجعل التسوية السياسية في شبه الجزيرة أمرا مستداما ونهائيا".

وأشاد رئيس وزراء اليابان شينزو آبي بالوثيقة المشتركة معتبرا انها "خطوة اولى" نحو نزع السلاح النووي.

وقال آبي إن "كيم أكد خطيا في هذه القمة نيته نزع السلاح النووي بالكامل. أدعم ذلك كخطوة أولى نحو الحل الشامل للمسائل المتعلقة بكوريا الشمالية".

اليابان

ورحب رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أمس بالوثيقة الاميركية- الكورية الشمالية.

وأعرب آبي عن شكره للرئيس ترامب على طرح قضية اليابانيين المخطوفين في بيونغ يانغ قائلا: "انني ممتن للرئيس ترامب لاثارته للقضية بشكل واضح، وإنني مصمم على ان تواجه اليابان كوريا الشمالية بشكل مباشر وحازم ويحلان المشكلة ثنائيا".

وفي وقت سابق اتفق آبي ونظيره الماليزي مهاتير محمد على العمل معا لمواجهة البرامج النووية والصاروخية لكوريا الشمالية.

موسكو

وفي موسكو، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ان قمة سنغافورة تشكل "حدثا ايجابيا".

وأشادت وزارة الخارجية الروسية خصوصا بقرار ترامب وقف المناورات مع كوريا الجنوبية قائلة إن من الضروري وقف التصرفات الاستفزازية لتهدئة التوتر.

من ناحيته، قال نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف: "لا يسعنا إلا أن نرحب بخطوة مهمة أولى تم اتخاذها بالطبع، فإن الشيطان يكمن في التفاصيل، ومن الضروري معرفة التفاصيل. إلا أنه، كما نفهم، تم توفير الزخم".

الاتحاد الأوروبي

وأشاد الاتحاد الأوروبي بالقمة باعتبارها "خطوة مهمة وضرورية" تتيح إمكانية تحقيق "النزع الكامل للأسلحة النووية" في شبه الجزيرة الكورية.

وقالت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني في بيان إن هدف المجتمع الدولي لايزال "نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية بشكل كامل ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه".

وقالت موغيرني إن "الوثيقة المشتركة التي وقعها زعيما الولايات المتحدة وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية اليوم تعطي مؤشرا واضحا على أن هذا الهدف يمكن تحقيقه".

في المقابل، حذرت إيران زعيم كوريا الشمالية من الثقة بالرئيس الأميركي الذي قالت إنه يمكن أن يلغي اتفاقهما على نزع السلاح النووي خلال ساعات.

شكوك

وأبدى خبراء بمعظمهم مناهضون لترامب شكوكا معتبرين أن القمة مجرد استعراض اعلامي.

وقالت ميليسا هانهام من مركز منع انتشار الاسلحة ومقره الولايات المتحدة على "تويتر" ان الشمال "وعد بالقيام بذلك مرارا من قبل"، مضيفة ان الجانبين "لايزالان غير متفقين على ما يعنيه تعبير نزع السلاح النووي".

ورأى محللون ان مجرد اللقاء معناه ان ترامب يضفي صفة شرعية على كيم الذي يقول منتقدوه ان نظامه ينتهك حقوق الانسان باستمرار.

وعلق مايكل كوفريغ من معهد الازمات الدولية في واشنطن: "انه انتصار هائل لكيم الذي حقق انجازا فعليا بلقائه الرئيس وجها لوجه"، مضيفا ان والده وجده "كانا يحلمان بذلك"، وأن "ذلك يشكل نقطة ايجابية بالنسبة الى الولايات المتحدة والأسرة الدولية على صعيد مفاوضات من المتوقع ان تكون طويلة وشاقة".

الزعيمان يستعرضان «الوحش الرئاسي»

استغل الرئيس دونالد ترامب قمته التاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي، ليستعرض سيارته الليموزين الرئاسية.

فبعدما أنهى ترامب وكيم غداء عمل، بدا أن الرئيس الأميركي قام بوقفة غير مقررة في جدول أعمال القمة، من أجل إظهار سيارته المدرعة الضخمة، المعروفة باسم "الوحش".

وابتسم الزعيم الكوري الشمالي بعدما سمح له ترامب بإلقاء نظرة نادرة داخل السيارة التي تبلغ تكلفتها 1.6 مليون دولار، والمصممة من أجل حماية الرئيس من هجوم عسكري أو حرب كيماوية.

روبيان وأضلاع وسمك... على الغداء

نشر البيت الأبيض قائمة بمأكولات غداء العمل الذي جمع الرئيس دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ووفديهما.

وذكر المكتب الصحافي للبيت الأبيض أنه قدمت خلال الغداء سلطة روبيان تقليدية مع الأفوكادو.

كما تضمنت طاولة الغداء أضلاع لحم العجل مع البطاطس والبروكلي وصلصة النبيذ الأحمر، ولحم الخنزير الحلو مع الأرز وصلصة الفلفل الحار، وسمك القدّ المطهو على نار هادئة مع الخضراوات.

نزهة ليلية

قام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون الاثنين بنزهة ليلية لافتة في سنغافورة، ترافقت مع صور سلفي وجولة في المدينة طاردتها كاميرات المصورين على وقع هتافات الترحيب من المارة أمام فندقه.

وخرج زعيم احدى اكثر الدول انغلاقا في العالم الى "الهواء الطلق"، وتوجه الى حديقة

"غاردنز باي ذي باي" النباتية الحديثة في خليج سنغافورة التي تتجاوز مساحتها عشرة هكتارات، وزار أيضاً باحة "مارينا باي ساندز"، المبنى الذي يشكل رمزا لسنغافورة ويتخذ شكل زورق. ونشر وزير خارجية سنغافورة على "تويتر" صورة سلفي تجمعه بكيم مبتسما خلال النزهة.

مصافحات هزت العالم

شكلت مصافحة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في سنغافورة أمس، لحظة تاريخية. وفي ما يلي بعض المصافحات التي هزت العالم:

*مصافحة الرئيس المصري أنور السادات في 19 نوفمبر 1977 لرئيس الوزراء الإسرائيلي حينها مناحيم بيغن في القدس.

* مصافحة رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحاق رابين والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في البيت الأبيض في 13 سبتمبر 1993 للتوقيع على اتفاقية أوسلو.

• مصافحة ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية والقائد السابق للجيش الجمهوري الايرلندي مارتن ماكغينيس في 2012.

• مصافحة الرئيس الأميركي باراك أوباما لنظيره الكوبي راؤول كاسترو خلال حفل تأبين الرئيس الجنوب إفريقي نلسون مانديلا في 2015.

كيم يتجاهل أسئلة نزع «النووي»

امتنع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون عن الرد على سؤال صحافيين له عن إمكانية نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية.

وقال مراسلو البيت الأبيض إن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون لم يجب عن سؤال الصحافيين حول إمكانية نزع السلاح النووي في بلاده.

وقال مراسل البيت الأبيض: "سئل كيم ثلاث مرات إن كان سيتخلى عن الصواريخ النووية لكنه لم يجب".

توجس «شمالي» من «القلم السنغافوري»

في خطوة اعتبرها مراقبون توجسا من تعرضه لتسمم، رفض زعيم كوريا الشمالية، استخدام قلم قدمه الجانب السنغافوري، عند التوقيع على وثائق القمة التي جمعته مع الرئيس دونالد ترامب.

وبدلا من ذلك، أخذ الزعيم الكوري الشمالي قلما قدمته له شقيقته كيم يونغ جونغ.

ولاحظ الجميع، أن كيم لم يلمس شيئا من الموجودات على الطاولة قرب الملف.

back to top