بعد الاقتراب من الحلقات الأخيرة للأعمال الدرامية الرمضانية، اتضحت الصورة النهائية لكل المسلسلات على الصعيدين المحلي والعربي، فمنها من حافظ على قوة البناء الدرامي منذ الحلقات الأولى حتى الآن، والبعض الآخر يسير وفق مشية السلحفاة مع التطويل والمط في الحلقات والنهايات التي لا نستطيع وصفها إلا بأنها مسلسلات المقاولات! وبات من الواضح أن المسلسل الكويتي "الخافي أعظم" من تأليف عبدالله السعد وإخراج البحريني أحمد يعقوب المقلة، قد حافظ على مستواه منذ الحلقة الأولى، إلى الحلقة السابعة والعشرين، بالإيقاع نفسه، وبأحداث جديدة، جاذبة، مكتوبة باحترافية عالية، إذ تدور أحداثه بين حقبتي الخمسينيات والسبعينيات، بدءاً من مقتل التاجر الكبير محمد الراكد "بوجاسم" في الهند، تاركاً ولده الصغير "جاسم" وزوجته الحامل التي توفيت بعد عدة أشهر من ولادة ابنتهما "نورة"، بعد أن يستولي "منصور" وزوجته "غنيمة" على أموال وأملاك التاجر الكبير ويربيان الطفلين الصغيرين، ويقيمان في ملحق المنزل، وعندما يكبر الابن "جاسم"، يبدأ رحلة البحث عن الحقيقة وسط أجواء من التشويق والرومانسية، فتتكشف العديد من الأحداث والأسرار حول رحلة والده محمد الراكد وأسرار حادث مقتله هناك.
والمسلسل مكتوب بحرفية عالية، قابلها رؤية إخراجية رائعة، وأداء تمثيلي متميز لكل من مرام البلوشي وإبراهيم الحربي وعلي كاكولي وهيا عبدالسلام... "الخافي أعظم" ليس الأفضل على المستوى المحلي فقط بل الخليجي أيضاً.وعلى صعيد المسلسلات العربية، يعود النجم الكبير يحيى الفخراني، الذي يمكننا أن نطلق عليه فاكهة رمضان، لأنه يكسب ثقة المتلقين في كل عمل يقدمه في شهر رمضان، محافظاً على المستوى الفني، مثل "دهشة" و"شيخ العرب همام" و"عباس الأبيض في اليوم الأسود"، ومنذ عامين "ونوس" الذي جسد فيه شخصية شريرة حازت إعجاب الجمهور والنقاد على حد سواء.
الفخراني ثقة
وفي رمضان الجاري، يقدم الفخراني ثوباً كوميديا - تراجيديا في "بالحجم العائلي"، من خلال شخصية "نادر"، وهو سفير متقاعد يعشق الأكل فيفتتح مطعماً في منتج سياحي يمتلكه، وهو يحب اللهو مع الأطفال، ويحاول لم شمل عائلته، بعد أن عاشت زوجته "ثريا" (ميرفت أمين) منفصلة عنه مع أبنائها وبناتها، والمشاكل التي تعصف بحياتهم جميعاً.وليس مستغرباً أن يتحفنا الفخراني بأدائه الإبداعي، ومعه ميرفت أمين، والجميل في هذا العمل تنوع الشخصيات وكوميديا الموقف، وفتح مساحات لمجموعة من جيل الشباب مثل يسرا اللوزي وركين سعد، والعمل من تأليف محمد رجاء وإخراج هالة خليل، والأجمل هذا الترويج السياحي الدرامي لمرسى علم في مصر.بريق إمام
ومن الأعمال المحكمة الصنع، مسلسل "عوالم خفية"، للعملاق عادل إمام، الذي عرف كيفية المحافظة على مستواه الفني، من خلال الاستعانة بثلاثة كتاب من جيل الشباب، وهم أمين جمال، ومحمد محرز، ومحمود حمدان، الذين أثبتوا منذ الحلقات الأولى إلى قرب النهاية، أن يحبكوا عملاً درامياً شائقاً، يترقبه حلقاته المشاهدون، وبرؤية إخراجية رائعة لرامي إمام، وظهور مناسب لعادل إمام، بدور أعاد بريقه من جديد، واستطاع أن يجذب المتلقين، ومعه مجموعة متمكنة مثل الفنان القدير صلاح عبدالله، ورجاء الجداوي وفتحي عبدالوهاب وبشرى وهبة مجدي.ويكتشف الكاتب الصحفي الكبير "هلال كامل" (عادل إمام) الذي يعمل في جريدة "نبض الشعب"، الكثير من قضايا الفساد التي تحدث على أرض الواقع، مثل الأدوية الفاسدة، وخطف الأطفال والمتاجرة بهم وبأعضائهم، والتفكك الأسري وما يعقبها من مشكلات على الأولاد، والتحرش الجنسي بالإناث، وطرق توزيع المخدرات على الشباب، من خلال مذكرات كتبتها الفنانة "مريم رياض" (رانيا فريد شوقي)، التي انتحرت أو قُتلت بشكل غامض.جلال المتميز
أما "رحيم"، فهو نتاج العمل الجماعي، الذي بدأ مع مسلسل "ظل الرئيس"، الذي قدم فيه النجم ياسر جلال شخصية ضابط، أما في مسلسل "رحيم"، فيجسد شخصية "رحيم السيوفي" الجاذبة، في دراما الأكشن والغموض، عن رجل الأعمال "رحيم"، الذي يعمل في غسل الأموال وتهريب الدولارات إلى الخارج، ويتم القبض عليه ويسجن فترة ليست قصيرة، وبعد خروجه من السجن، يفاجأ بأن رجاله استولوا على جميع ممتلكاته، وشردوا أفراد أسرته، فيبدأ رحلة بحثه عنهم واسترداد ممتلكاته، ويحاول فك بعض الرموز، لمعرفة من وراء دخوله إلى السجن. والمسلسل ناجح على مستوى الكتابة المتميزة من السيناريست محمد إسماعيل أمين، والإخراج إذا ما علمنا أنها التجربة التلفزيونية الأولى لمحمد سلامة، والأداء اللافت لياسر جلال، ومحمد رياض، وطارق عبدالعزيز، ودنيا عبدالعزيز، ودينا، وإيهاب فهمي، وصبري فواز، وحسن حسني، وسامي مغاوري.عودة الهيبة
وعلى صعيد الدراما اللبنانية - السورية المشتركة، يأتي مسلسل "الهيبة - العودة"، في المقدمة، بعد أن نجح الجزء الأول في رمضان العام الماضي، وهو يجدد النجاح بجزئه الثاني، بكتابة على مستوى عال من الاحترافية، وإخراج متمكن لسامر البرقاوي، وأداء تمثيلي متميز جداً للنجوم تيم حسن ومنى واصف ورفيق علي أحمد ونيكول سابا، وظهور رائع للفنان الكبير عبدالمجيد مجذوب. ويعتمد الجزء الثاني على الثأر لمقتل والد جبل شيخ الجبل من طرف عائلة السعيد، وبعدئذ تنخرط العائلتان في صراعات عشائرية يحقن دماءها جبل بطلب الزواج من ابنة السعيد، ومن ثم يدخل في صراع آخر مع صديق والده أبو البنات "أبو سلمى".هذه الأعمال الدرامية، استطاعت أن تكسب الرهان في السباق الرمضاني، بجودتها من ناحية النص المحبوك جيداً، والأداء التمثيلي العالي التقنيات، والرؤية الإخراجية المتميزة.