جو سياسي - اجتماعي خانق
جو خانق يلف الدولة ويخنق أنفاس البشر الحالمين أو (بالأصح) الواهمين بمسألة الحرية، هذا الطقس الاجتماعي السياسي ينضح بروح التعصب والتزمت والمغالاة، ولا يخلو أيضاً من المزايدة والرياء والانتهازية والتكسب على حساب العمى الثقافي الإنساني في الدولة.هي ليست مسألة حرية ضمير أو حرية تفكير وتعبير، التي قبرت منذ زمن في بلد "الحمد لله مو ناقصنا شي"، وئدت بتشريعات قراقوشية وبأحكام سجن كثيرة "طفشت" الكثير من الشباب المنتقد للوضع السياسي - الاجتماعي للخارج، هي التي نتحدث عنها الآن، كي يقفز علينا واعظ يتوعدنا بمقولات مستهلكة عن حدود الحرية، وكيف تنتهي عند حريات الآخرين، وكأنه خالق هذه العبارة أو يدري من قالها، هي قضية أمننا النفسي هنا، هي قضية خشيتنا أن يتكلم أو يعبر أحد منا بصورة لا يستسيغها صاحب السلطة المتربع المطمئن في مكانه كصاحب قرار سياسي، فيقوم وبحسب المزاج بإسقاط عقوبة إدارية أو جزائية على المخالف للنسق الاستبدادي المهيمن دون مبرر، ويضرب بالتالي عرض الحائط بأبجديات الطمأنينة والاستقرار التي يفترض أن توفرها المعايير القانونية المفترضة.
وزير الإعلام الذي قفز به أو نقل من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لوزارة الإعلام، هكذا قرر الشيوخ فجأة وكالعادة، وانتقوا الوضع الأسلم لنا كشعب، ونفذوا، وعلينا الطاعة، أين العلاقة الثقافية في تخصص الوزارتين؟ لا أدري، "هم" يدرون أو مثلي لا يدرون، ولكنهم في أي الحالتين أبخص! هذا الوزير الذي قبل فترة من عمله طالب وزارة الداخلية بمنع ندوة عن الشاعر الصوفي الكبير جلال الدين الرومي تم تسليمه وزارة يفترض أنها المسؤولة عن الفكر والثقافة بالدرجة الأولى، ولو أن عدم وجودها أفضل، قام بتوقيف مذيعة لأنها "تغشمرت" بكل براءة بكلمة "مزيون" لمذيع آخر، أضحت مثل هذه الكلمة "تابو" محرماً! لماذا؟! ثم يعيدها لعملها وكأنها بيدق في لعبة السخافة السياسية عنده، دون أي اعتبار لكرامتها وضياع طمأنينيتها في عملها وحريتها. أيضاً، بالمناسبة، تم توقيف المذيعة أمل العوضي عن عملها دون إبداء أي سبب، ودعوا الناس تغرق وتشغل أوقاتهم ووعيهم إن كان هناك وعي تقدمي متربص لأعداء الحريات عن سبب الإيقاف... فستانها... جمالها... ما هذا؟!النائب رياض العدساني من الشباب الذين نتوسم فيهم الخير، فجأة يتحول من قضايا كبيرة تهم مستقبل الدولة، إلى تهديدات متكررة للوزيرة هند الصبيح بالاستجواب، ما لم "تعلق" الجمعية الليبرالية بسبب تغريدة غير موفقة أساء صاحبها العضو في الجمعية التعبير، لا أكثر، لماذا إعلان الحرب على هذه الجمعية أو غيرها لغلط عضو فيها؟ ولماذا هذه الحرب الدينية الكبرى عليها؟ هناك قنوات، وإن كنا لا نتقبل السير فيها لمخالفتها أبسط حريات الضمير، يمكن اتباعها، ولم يقصر طلاب الشهرة في طرقها بتقديم الشكاوى الجزائية ضد عضو الجمعية، ويا ساتر... إذن ما الداعي والحاجة لحرب البسوس هذه؟ ولماذا تسل سيوف داحس والغبراء في عالم يضج بقضايا كبرى شغلنا عنها بكل هذا الخواء...؟ أين تسير الدولة؟ "ورايحين" وين؟جو خانق يلف الدولة ويزداد رداءة واختناقاً... إلى متى هذا الحال؟!