في غياب الأحزاب السياسية فإن القبيلة والطائفة والعائلة والطبقة الاجتماعية هي من تحل محل تلك الأحزاب السياسية التي من المفترض أن تنظم العمل السياسي، وتكون أكثر عملية في التعاطي مع القضايا، وتحقق نوعا من الاستقرار إذا ما تم التعامل معها بشكل جيد.بمعنى أنه في حال وجود أحزاب سياسية مشهرة وواضحة ومبنية على قواعد قانونية رسمية، تنبذ التخندق الاجتماعي بمختلف أشكاله، فإن ذلك سيعني أن يحظى الحزب الكاسب لأغلبية المقاعد بأمور تفوق الأحزاب الأخرى كأن يكون الجزء الأكبر من الحكومة أو على الأقل أن تكون الحكومة مقبولة لديه، ويشكل بذلك خط الدفاع الأساسي عن الحكومة بعيدا عن هاجس ترضية مختلف الفئات، وتخدير هذه المجموعة، وإرضاء تلك، والخوف من الثالثة، وهو ما يعني استقرارا عمليا أكبر للجهة التنفيذية لتحقيق أهدافها أيا كانت تلك الأهداف.
إلا أن ما يحدث اليوم وبقرار حكومي يتعمد وأد هذا الأسلوب التنظيمي الطبيعي للعمل الديمقراطي السليم القائم على برامج واضحة المعالم، وقوائم انتخابية منظمة لا سطوة للأفراد فيها على حساب القائمة الانتخابية، وتشكيلات حكومية قائمة على تحقيق أهداف وبرامج الحزب الذي يحقق الأغلبية، وفي حال الإخفاق أو عدم قبول الناس لتلك البرامج والخطط التي نادى بها الحزب تكون المحاسبة وعدم التجديد للحزب، أو التجديد والاستمرار في حال قبول عمل هذا الحزب.ما يحدث اليوم هو عكس العمل الديمقراطي السليم، وهو ما يثبته باختصار الوزير الجبري كحالة لا كشخص، ولن تقدر حكومة جابر المبارك أو أي شخص آخر سيدير الحكومة مستقبلاً على التخلص من هذه الحالة في ظل تكرار الفعل ذاته أملا في نتائج مختلفة.فالوزير الجبري، كحالة لا كشخص كما ذكرت آنفا، نائب منتخب ذو ثقل قبلي يلزمه أن يلبي متطلبات ناخبيه من جانب، وأن يحافظ على مقعده الوزاري لأطول فترة ممكنة من جانب آخر، فأما بالنسبة إلى تلبية طلبات ناخبيه فإن أفضل مكان لتحقيق ذلك هو الوجود في الوزارة، حيث يجمعه وجميع الوزراء وما يتبعهم من هيئات ومؤسسات لقاءات مستمرة، ومصالح مشتركة، تجعلهم يلبون احتياجات بعضهم لضمان الاستمرار، فإن رفضت طلباته المتمثلة بتعيين باراشوتي أو استثناء من قانون أو تمرير أمر ما من قبل أي وزير في الحكومة، فإن ذلك يعني استياءه، واستياؤه يعني عدم رضا ناخبيه أو الفئة الاجتماعية التي ينتسب إليها، سواء كانت طائفة أو طبقة أو عائلة أو قبيلة، وهو ما يعني سخطا كبيرا قد يطيح بالوزراء الرافضين لطلباته وبالتالي عدم استقرار الحكومة.هذا من جانب أما الجانب الآخر فهو سعي الوزير للمحافظة على المقعد الوزاري لأطول فترة ممكنة لتحقيق الامتيازات أعلاه، وهو ما يعني محاولة إرضاء أصحاب الأصوات الأعلى في المجلس، خصوصا إن كانت مغلفة بالدين كما يحدث في الكويت منذ أكثر من 30 عاما، فيستجيب لجميع مطالبهم حتى إن كانت غير منطقية أو مقبولة كما هي الحال مع الغالبية العظمى من مطالبهم.لقد نجح الجبري كحالة لا كشخص بامتياز إلى الآن في تقديم النموذج المثالي للوزير الذي لن يقدر عليه أي رئيس حكومة وفق النهج القائم، بل خط هذا الوزير الطريق المثالي لأي وزير آخر يرغب في الاستمرار.خارج نطاق التغطية:أقبل العيد ولم أقرأ عن أي حفل موسيقي أو غنائي في الكويت باستثناء العروض المسرحية الدائمة في مواسم الأعياد، فما السبب يا ترى؟عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير.
مقالات
«ما تقدرون عليه»
14-06-2018