بركات رمضان الصحية في العيد

كل شيء يحزن على فراق شهر رمضان المبارك، لما فيه من روحانيات عطرة بين خلق الله، ونظام رباني مقنن في الأكل والشرب، كما قال عز وجل "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا". وحتى إن كانت ساعات النوم ليلاً قليلة فإنها كافية لتفعيل الإيجابية في الدم وطرح السموم الغذائية كالأملاح والبروتين الفائض خارج الجسم بطريقة صحية ومريحة وانسيابية مرنة، ومع ذلك نرى كثيراً من الأجسام تضطرب تماما بعده وتتصادم بالتعامل مع الغذاء والشراب، واختلاف ساعات النوم والعلاجات، خصوصا عند ذوي الأمراض المزمنة!

فإذا وضعنا حالة الجسم خلال أيام شهر الصيام، بما فيها استقبال كميات صحية قليلة من الطعام في أوقات محددة، وزيادة السوائل، وقيلولة النهار، فإن النظام الغذائي الجديد سيكون صعباً على معظم الناس في العيد (وما بعد شهر الصيام)، لما يحدثه من اضطراب في عدد الوجبات ونوعية الغذاء وكمية المواد السكرية والنشوية والدهون فيه؛ مما يضعف الجسم ويصيبه بصعقة صحية ربما أسوأ مما كان عليه من قبل، كعسر الهضم، وحرقة المعدة، وزيادة الوزن، والقلق، والعصبية، وقلة النوم أو الرغبة في النوم لأوقات أطول، والأصعب هو خلق نظام غذائي صحي لبقية العام بعد رمضان.

فإذا بدأنا أول أيام العيد مع الصباح الباكر، كما هي الحال في رمضان، الوجبة الأولى الرئيسة، وحسبنا بعدها حساب الوجبات الخفيفة بأوقات متقاربة (3-4 ساعات)، أثناء الزيارات والمعايدات، واستعضنا بالفاكهة عن الحلوى، حتى تصل إلى الوجبة الرئيسة الأخرى مع صلاة المغرب أو قبل العشاء الأخير تدريجيا، فإن ذلك سيساعدك في استعادة النظام الغذائي ويصبح صحياً طبيعياً.

وننصح بعدم الإفراط في تناول الأغذية الدسمة والمقلية، ومن ثم اختيار الأطعمة المسلوقة، واللينة كالشوربات والحرص على شرب الكثير من الماء بدلا من العصائر والمشروبات الصناعية لما تحتويه من السكريات السامة للجميع.

كما أن التعود على البدء بتناول الفواكه أو قليل من السلطات مع المكسرات النيئة، أو بدونها، سيعطي فرصة أكبر للجسم للاستفادة من الفيتامينات والمواد الغذائية، ويُحسّن الامتصاص في الأمعاء، مما يعطي الإحساس بالشبع عند رؤية "المناسف الأردنية" أو"مكبوس اللحم"، والاكتفاء بالقليل من اللحوم والدسم الموجود في هذه الوجبات، التي قد ينتج عنها ارتفاع السكر، وآلام المفاصل نتيجة ارتفاع اليوريا وحمض اليوريك، مما يؤثر في مرضى الكلى، كما أن الدهون الحيوانية ترفع نسبة الكولسترول في الدم، أو قد تعمل على إرباك الجهاز الهضمي إجمالاً مما قد يؤدي إلى حدوث إسهال شديد، وضعف وخمول.

نتمنى لكم عيداً صحياً سعيداً، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وكل عام والجميع بخير.

*باحثة سموم ومعالجة بالتغذية