إصلاح التعليم العالي
تابعت خلال الأيام الماضية تفاعل بعض الإخوة المختصين حول وضع التعليم العالي وأسباب تراجع تصنيف المؤسسات الجامعية، والحديث هنا عن جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي والجامعات الخاصة، وإن بعضها حتى هذه اللحظة خارج حسابات التصنيف العالمي، في حين دخلت جامعات بعض الدول إلى مصاف الترتيب العالمي رغم حداثة بعضها مقارنة مع جامعة الكويت والتعليم التطبيقي.هذا التداعي لقضية تراجع التعليم يجب التعاطي والتفاعل معه من قبل الحكومة ومجلس الأمة بالدعوة إلى مؤتمر وطني يتم فيه الاستعانة برأي الأكاديميين والمختصين والمهتمين لوضع خريطة إصلاح عملية وعلمية تعاد فيها صياغة الرؤية والغايات والأهداف من إنشائها وآليات التنفيذ والمدة الزمنية.البعض يعزو هذا التراجع إلى التدخلات السياسية التي طغت على جسم التعليم حتى صار ملعباً للتعيينات البراشوتية وعلى حساب الكفاءات، وللأسف بعض تلك التدخلات تجد آذاناً صاغية داخل حرم المؤسسات التعليمية، بل إن بعض الوزراء يحسبها من ضمن الاستقرار والملاءمة السياسية.
الحديث عن إصلاح التعليم يتطلب الشجاعة وسلامة الرؤية والإيمان بأن التعليم هو مفتاح التطور والنهوض لذلك لم يعد من المقبول انتظار اللجنة التعليمية بمجلس الأمة كل هذه المدة من أجل إخراج قانون الجامعات، ولا من المقبول انتظار الموقف الهلامي حول مصير ومستقبل مباني جامعة الشدادية، ولا من المقبول أيضا انتظار ما سيؤول إليه مشروع فصل التعليم التطبيقي عن التدريب.القائمة طويلة والإصلاح يتطلب معالجة ملف التعيينات والبعثات الذي فيه ما فيه من تجاوزات، والذي بسببه انحرفت بعض الأقسام حتى أصبحت باباً لتعيين الأقارب والأصدقاء على حساب الكفاءات، أما البحوث فحدّث ولا حرج، حيث أصبح بعضها مزاداً لمن يدفع أكثر، بل إن تفحصت بعضها تجدها كتبت بمعية أشخاص يتكرر اسمهم في كل بحث. البحوث العلمية المنشورة يجب أن تتماشى وحاجة المجتمع والتصنيف العالمي كي تنعكس إيجاباً على تقييم المؤسسات التعليمية، لكن وبسبب ضعف اللوائح التي تسمح بقبول البحوث للترقية دون أن تراعي جودة وتصنيف المجلات العلمية. ديناميكية تطوير وتحديث المناهج هي الأخرى تخضع للمزاجية، بل إن بعضها لا يستفيد منه الطالب بشيء عند التخرج وانخراطه في سوق العمل، وكل هذا يتم بمعية بعض مؤسسات الاعتماد الأكاديمية التي أضحى بعضها ماركة تجارية لمن يدفع أكثر.الحديث أيضاً عن الجامعات الخاصة ودورها في رفع جودة التعليم، وهنا نتكلم عن جامعات يفترض أن تكون برامجها وسياساتها التعليمية مرتبطة مع الجامعات الأم المصنفة كأفضل 200 جامعة على العالم، ومع حاجة سوق العمل، إلا أن الأفرع لم تقدم ما يشفع لها حتى هذه اللحظة.مشكلة الساعات الزائدة على النصاب والكتب المفروضة على الطلبة في بعض المقررات الدراسية هي الأخرى تحتاج إلى وقفة، فالبعض جعل من كتبه وسيلة للكسب بفرضه على الطلبة شراء كتب جديدة، ولا يسمح للطلبة باستخدام كتاب سبق لطالب آخر استعماله، وبالمناسبة وللأسف الشديد يتم في كل المؤسسات التعليمية وبلا استثناء.لأجل ذلك يستحق التعليم أن يحظى بمؤتمر أو ملتقى وطني يتم التدارس والتباحث حوله لوضع خطة وبرنامج عمل للنهوض بالتعليم، إنا كنا نريد لرؤية 2035 النجاح وتحسين مؤشرات التصنيف العالمي.أخيراً أزف أجمل التهاني والتبريكات لمقام حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح، وإلى سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح، وإلى الشعب الكويتي، والأمتين الإسلامية والعربية حلول عيد الفطر، أعاده الله علينا بالخير والبركة، وأن يعم السلام ربوع وطننا العربي والإسلامي.ودمتم سالمين.