واشنطن لم تتوقع انقلاب السحر على الساحر بهذه السرعة
على ترامب أن يبادر إلى إصلاح «التجارة» بدلاً من التقوقع وراء «الحمائية»
في ظل مخاطر وشيكة باندلاع حرب تجارية، تواصل دول كبرى تهديداتها بفرض ضرائب متبادلة تضع مئات المليارات من الدولارات في مهب الريح، ومن المستغرب أن الولايات المتحدة، التي تتزعم مجموعة دول الأسواق الحرة، ساعدت على إطلاق هذه المخاطر عبر تحديها الواضح لاتفاقيات التجارة الدولية التي قمنا بدور ريادي في تطويرها. ولا يتمثل المخرج الأفضل من هذا الوضع في خوض معركة مع شركائنا التجاريين، بل في اصلاح قوانين التجارة البالية التي تساعد على نشأة التوترات الدولية. وفي حقيقة الأمر، فقد عبرت منظمة التجارة الدولية في الآونة الأخيرة عن انفتاح ازاء مثل هذه المقاربة.ومع إدراك متأخر الى حد كبير، أصبح واضحاً الآن أن هذه التوترات كانت ستحدث منذ زمن طويل. وقد عانت أميركا من مصاعب كبيرة نتيجة انضمام دول نامية كبيرة الى دائرة الاقتصاد الدولي. وفي عام 2001 عندما انضمت الصين الى منظمة التجارة الدولية مثل ذلك انضمام نحو مليار و200 مليون شخص وبشكل مفاجئ الى المسرح العالمي، وكانوا يرغبون في الحصول على نصيبهم من الحقوق التجارية.
المنافسة الأميركية
وكان على الشركات والعمال في الولايات المتحدة العمل بجهد مضاعف –وبسرعة– اذا ما أرادوا الحفاظ على وضعهم التنافسي. وقد ازدهرت شركات كثيرة نتيجة البيئة الجديدة كما أن التصنيع في الولايات المتحدة اليوم بات مختلفاً بشكل كبير عن حقبة التسعينيات من القرن الماضي. ولكن الكثير من المصنعين لم يتمكنوا من البقاء والكثير جداً من العمال خرجوا بهدوء من قوة العمل.كان الصينيون يشعرون برغبة قوية للعمل، وكانوا فقراء ويعانون من الجوع ويرغبون بعمل كل ما يلزم من أجل الخروج من نطاق الفقر وبلوغ حياة أفضل. وكان نمو الدخل في الصين لافتاً وحقق متوسط دخل العائلة حوالي 80 في المئة من معدل النمو الدولي. ولاتزال هناك روايات عن آباء صينيين يتركون أولادهم يعيلون أنفسهم وهم يسعون الى أعمال مجزية أكثر في المدينة.ولكن لماذا كان التكيف في الغرب أكثر كلفة الى حد كبير مما توقعه معظم الناس؟ وكيف فاتتنا رؤية الكتابة على الجدران؟ ربما كنا في وضع مريح جداً في فترة الازدهار خلال تسعينيات القرن الماضي، ولم نكن أقوياء بما يكفي للمنافسة.أو ربما أننا لم نفكر بعمق في النتائج المترتبة على القوانين الجديدة. ولم يتم بشكل تقريبي عمل أي شيء من أجل تحسين أو تطوير قوانين التجارة في ظل منظمة التجارة العالمية عندما فتحنا الأبواب أمام دول كبرى نامية تتبع أساليب مختلفة إزاء الدعم الحكومي للمنتجين وحماية الملكية الفكرية واقتصادات السوق الحرة. ربما مجرد القليل من الأمرين.إن التجارة الدولية أداة رئيسية للتنمية الاقتصادية، ومن الواضح أن ذلك أفضل للصين والعالم. ولكن هو أفضل أيضا للولايات المتحدة، حتى في ظل صعوبة التكيف من قبل البعض من أبناء الطبقة العاملة. وقد تكون امكانية الحصول على برامج الرعاية الصحية والتعليم والبرامج الاجتماعية الاخرى التي تتمتع بها كندا وأستراليا قد خففت من مصاعب التكيف لدينا، ولكن في ضوء الصعوبات لم تكن تلك خيارات حقيقية. ويتعين على ادارة ترامب التفكير بجدية حول كيفية تحسين قوانين التجارة العالمية. وفي دول تفتقر الى قوة القانون تواجه الشركات الأميركية والأجنبية الاخرى عوائق ومصاعب. ولاتزال الكثير من الدول تمارس سياسات استثمار وتجارة مقيدة بشكل معلن، مما يعوق أنشطتنا في ميادين المال والاتصالات والتأمين وغيرها.مناطق التحسين
وتشمل القضايا المطلوب العمل على تحسينها، تعزيز حقوق الملكية الفكرية في الدول النامية، وخلق أسلوب أكثر اتساقاً للتعامل مع المزايا والدعومات غير المنصفة التي تتمتع بها المشاريع المملوكة للدولة وازالة القيود غير الضرورية على الاستثمارات الخارجية. ثم إن وضع مجموعة عادلة من القوانين هو أكثر انتاجية من التعرفات الظالمة والتهديد بالغاء اتفاقيات التجارة الحرة.وقال إدارة ترامب، وهي محقة، إن منظمة التجارة الدولية بطيئة، ولكن هذه المنظمة عرضت في الآونة الأخيرة العمل على "تقوية وحماية " نظام التجارة الدولية، والتأكد من أنها "تظل مرنة ومتجاوبة مع الدول الأعضاء"، ولذلك يتعين علينا اقتناص هذه الفرصة، وتزعم ذلك الزخم من أجل اصلاح النظام من الداخل. وإذا لم تتصدر الولايات المتحدة، أو تشارك حتى في جعل نظام التجارة الدولية أفضل، فإن العشرين سنة المقبلة ستكون أشد قسوة من العشرين الماضية. نحن أقمنا منظمة التجارة الدولية ووعدنا ترامب بأن يكون رئيسا يطبق القانون والنظام، وهذه هي فرصته لإثبات ذلك على مسرح التجارة الدولي بدلاً من الاختباء خلف مظلة الحمائية الزائفة. * • كريستين ماكدانييل