أنا أجلس في سيارة "تسلا" بيضاء اللون موديل اس، وأتجول في الوسط التجاري لمدينة ديترويت في ساعة الذروة. نحن بحاجة الى ايجاد موقف للسيارة، ولكن بدلاً من النظر عبر النافذة بحثا عن موقف سندع للسيارة القيام بهذه المهمة.

ومع استمرارنا في القيادة تقوم شاشة في السيارة باستعراض خريطة حية لكل المواقع المتاحة، للوقوف على مقربة منا، وتظهر طول وعرض كل موقف شاغر، ثم نتقدم نحو فتحة عرضها حوالي دستتي قدم، وبعمق يقارب الستة أقدام، وهي مساحة أكثر من كافية لإيقاف سيارة تسلا. وتخبرنا الشاشة أيضاً أن المكان مواز لحجم السيارة، ويبعد 700 قدم فقط عن وجهتنا، وأن استخدامه يكلف دولارين. وتحدد الايقونات على الشاشة درجة الثقة في دقة المعلومة عبر ألوان حمراء وصفراء أو خضراء. وكانت هذه الدرجة نصف خضراء ونصف صفراء. وتلك طريقة أفضل كثيراً من الطريقة المعتادة للعثور على موقف.

Ad

والبرنامج الذي نستخدمه من شركة التقنية العملاقة "بوش" يدعى انترنت الأشياء، وهو يحل واحدة من أصعب المشكلات المسببة للضيق في حياة المدينة: العثور على موقف مناسب للسيارة. وبعض السيارات الجديدة، مثل موديل اس، تأتي مجهزة بدستة من المجسات فوق الصوتية التي تضم أنظمة مساعدة متقدمة للايقاف تساعد السائقين على الخروج أو التحرك في النقاط الصعبة.

ويستخدم نظام "بوش" الموجات فوق الصوتية لتحديد المناطق المحيطة وجمع معلومات عن أماكن الوقوف في الشارع.

ويقول كيفن مل، وهو مدير حلول الحركة المرتبطة لدى شركة بوش، الذي يجلس الى جانبي في السيارة "تستخدم أجهزة الاحساس هذه قياسات المسافة لتحديد مكان وقوف والمسافة اليه".

وفيما نتقدم يقوم الموديل أس بإجراء حساباته الخاصة، ويقيس مواقف السيارات التي مررنا بها، ثم ينقل تلك المعلومات الى كلاود لاطلاع السيارات الأخرى عليها.

ويقول كيفن مل "تستطيع السيارات التقاط وارسال تلك المعلومات بصورة آلية، وكلما كانت المعلومات أكثر تكون المعلومات الصادرة أفضل".

المعدات الموجودة في موديل أس هي لأغراض العرض فقط، ولكن عندما تطرح شركة بوش هذه التقنية في عشرين مدينة أميركية منها نيويورك ولوس أنجلس وجاكسونفيل بفلوريدا، ثم في ثلاثين موقعاً في أوروبا في وقت لاحق من هذه السنة قد يفضي ذلك الى مضاعفات كبيرة بالنسبة الى مستقبل المناطق الحضرية، ويحتمل أن يقل الازدحام والوقت الذي يمضيه السائق في البحث عن مكان للوقوف، فضلا عن تحسين الصحة والبيئة وخفض استهلاك الوقود.

وقالت "بوش" إن نسبة 30 في المئة من حركة السير في المدن ترجع الى بحث السائقين عن أماكن وقوف، وإن سائق المدينة يمضي في المتوسط نحو نصف ساعة في البحث عن موقف ما يعادل القيادة لثلاثة أميال.

وليس سراً أن السائقين الأميركيين يقضون العشرات من الساعات سنوياً عالقين في ازدحام السير ويضحون بمليارات الدولارات من الإنتاجية الضائعة نتيجة لذلك.

وقال وليم ريغز، الذي يبحث في شؤون التخطيط الحضري في كلية الإدارة في جامعة سان فرانسيسكو، إن التقنية التي تحدد أماكن الوقوف المتوافرة "لديها قطعاً امكانية خفض البحث عن مواقف".

في غضون ذلك، تقول شركة "بوش" إنها تنوي تحسين مدى ودقة نظامها. وتدمج الشركة في الوقت الراهن معلوماتها الهندسية الخاصة من السيارة مع خرائط المدينة من مزودين مثل غوغل وأبل.

وتقابل تلك المعلومات الأولية مع خريطة للمدينة تظهر أماكن الوقوف القانونية التي تساعد السائقين على تحديد الفارق بين تلك الأماكن واخرى مخصصة لخراطيم الاطفاء والتحميل. ويتم ادخال المعلومات مع معلومات ديناميكية عن اغلاقات البناء والشوارع، وهي معلومات تقدمها مكاتب الإيقاف البلدية مع وفرة من الشركات الناشئة التي انتشرت لمعالجة تحديات الإيقاف. وتأمل "بوش" في نهاية المطاف أن تكيف التقنية لمواقف السيارات والمرائب.

ولكن حتى اذا أصبح انترنت الأشياء ذات يوم قادراً على طرح رؤية شاملة لمواقف السيارات في المناطق الحضرية لا توجد ضمانة في أنه سينجح، بحسب ريغز الذي قال "ينطوي سلوك الإيقاف على تعقيدات فائقة، وقد أظهر البحث أن البشر لا يتخذون قرارات جيدة سريعة عندما تقدم اليهم معلومات معقدة مثل أماكن المواقف المتوفرة وأسعارها ومدى قربها، وفي مرات عديدة يقامرون فقط. وفي نهاية المطاف سيتخذ الناس قرارات غير منطقية بحكم العادة. وهم ينتظرون في أماكن أقرب الى وجهتهم وهم يعلمون أن في وسعهم الحصول على موقف في وقت أقرب اذا ساروا الى مسافة قصيرة أو دفعوا المزيد، من أجل الإيقاف في الشارع عندما يكون ذلك أرخص في مرآب بعيد عن الشارع".

* جاكلين تروب