وضع الشيخ عبدالله السالم الوفد الإنجليزي المفاوض في حيرة من أمره. فقد أبلغهم وعبر لقاءات ومراسلات عديدة بأن إمكانية استثمار فوائض النفط في بورصة لندن لا يمكن أن تتم دون تحقيق مجموعة شروط أو الحصول على إجابات وتفسيرات واضحة. تلك الحيرة اتضحت من المراسلات الداخلية بين الأجهزة البريطانية المختلفة حيث ظلت، وعلى مدى ١٠ أشهر تتداول فيما بينها عن ردود على تساؤلات ومطالب الشيخ.كانت تساؤلات الشيخ كثيرة لكن يمكن تركيزها ضمن قضايا أخرى في أربع قضايا أساسية: الأولى تتعلق بمن سيتم تسجيل الأموال باسمه، وعندما أكد الوفد أن الأموال سيتم تسجيلها باسم الشيخ كان تعليقه أن ذلك غير مقبول لأن بريطانيا لديها نظام يسمى ضريبة التركات، حيث يتم خصم نسبة كبيرة من أموال المتوفى لمصلحة الدولة البريطانية، واسترسل الشيخ: هذه الأموال هي أموال الدولة وأموال الشعب فإن تم تسجيلها باسمي فسيتم التعامل معها على أنها أموال شخصية، وبالتالي سيتم خصم ضريبة التركات عند وفاتي، لكنها أموال الدولة وليست أموالي الشخصية، فما هو ردكم؟ لم تكن هناك إجابة. القضية الثانية كانت عن حجم الأموال التي ستبقى بشكل سائل نقدي، وكم منها سيتحول إلى استثمارات في الأسهم في البورصة، واسترسل الشيخ: تعلمون أننا في مرحلة تنموية حرجة، ولدينا متطلبات تمويلية، فكيف سيكون التصرف لو احتجنا جزءاً من تلك الاستثمارات الورقية؟ وكيف سيتم تسييلها؟ وما ضمانات عدم خسارتنا في عملية التسييل المفاجئ؟ لم تكن هناك إجابة. القضية الثالثة، تساءل الشيخ: ماذا عن ضريبة الدخل؟ وكيف ستتصرفون حيال ذلك؟ هل سيتم فرض ضريبة دخل على الأموال الكويتية المستثمرة في البورصة؟ لم تكن هناك إجابة. القضية الرابعة، تساءل الشيخ: ماذا عن إدارة تلك الأموال؟ من سيتولى اتخاذ القرارات في الاستثمار واختيار الأسهم أو غيرها من أدوات الاستثمار دون غيرها؟ هل أنتم من ستقومون بإدارتها؟ أم نحن؟ واسترسل الشيخ: بالطبع لابد للإدارة أن تكون بيدنا، وفي هذه الحالة ما الوضعية القانونية للجهاز الإداري الذي سيتولى عملية إدارة الاستثمارات في لندن؟ وأيضاً لم تكن هناك إجابة من الوفد البريطاني المتخصص. وقد وعدوا ببحث تلك المسائل والرد عليها بأسرع وقت ممكن. بل اكتشفوا أثناء تداولهم تساؤلات الشيخ ومحاولة الإجابة عنها، أن طلبات الشيخ، وشروطه وتساؤلاته، غير ممكن التجاوب معها، فهناك حاجة لإصدار تشريع جديد يغطي تلك التساؤلات. كان عليهم إيجاد إجابات تتوافق مع متطلبات الشيخ، وإلا فإن البطة وذهبها سيطيران ويحلقان كالنسر بعيداً نحو الشمس، وربما أبعد من ذلك بكثير.
أخر كلام
زمن عبدالله السالم (8) شروط الشيخ المحيرة للاستثمار
18-06-2018