دخلت القوات الموالية للحكومة اليمنية والمدعومة من التحالف العسكري بقيادة السعودية المجمع الرئيسي لمطار الحديدة أمس، بعد نحو أسبوع من المعارك عند أطرافه، في وقت بدت المدينة الاستراتيجية وكأنها تستعد لحرب شوارع مع تراجع فرص حدوث اختراق سياسي.وجاء دخول المطار بعد معارك عنيفة دارت، أمس، عند المدخل الجنوبي في موازاة غارات مكثفة لطيران التحالف، في سابع أيام أكبر عملية عسكرية للقوات الموالية للحكومة ضد المتمردين الحوثيين منذ نحو ثلاث سنوات تحت مسمى «النصر الذهبي» .
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية الحكومية (وام)، إنه «بمشاركة وإسناد من القوات المسلحة الإماراتية، المقاومة اليمنية المشتركة تدخل مطار الحديدة في عملية عسكرية نوعية ودفاعات ميليشيات الحوثي تتهاوى»، مشيرة إلى أن المعارك «خلّفت عشرات القتلى والجرحى في صفوف ميليشيات الحوثي بينهم قيادات ميدانية خلال عملية اقتحام قوات المقاومة اليمنية لمطار الحديدة».وأضافت: «المقاومة اليمنية المشتركة تأسر العشرات من مسلحي الحوثي ممن كانوا يتحصنون خلف أسوار مطار الحديدة وداخل المباني»، متحدثة عن «سيطرة على أجزاء واسعة» من المطار.
عمليات فرار
وأفادت قناة «العربية» بأن الجيش اليمني نجح في السيطرة على مطار الحديدة، وأن ألوية العمالقة دفعت بكتائب إضافية إليه، وبدأت تنفيذ عمليات تمشيط داخله، مؤكداً تسجيل عمليات فرار كبيرة من الميليشيات باتجاه البحر وترك جرحاها.وأشارت إلى تقدم وحدة عسكرية للجيش الوطني داخل المدينة، في حين تتم ملاحقة الحوثيين في الأحياء والأبنية المرتفعة، لافتة إلى أن الجيش الوطني اليمني يمنع دخول الصحافيين إلى داخل المطار حتى الانتهاء من تمشيطه من الألغام.ويأتي تحرير المطار، في إطار عملية أوسع تشمل دحر الحوثيين من مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، الذي من المفترض أن يستقبل المواد الإغاثية والطبية والأولية للملايين في شمال اليمن.خطة آمنة
وكشف محافظ الحديدة الحسن الطاهر عن اشتداد الخناق على ميليشيات الحوثي، مشيراً إلى خطة آمنة للدخول إلى المدينة بعد تحرير المطار من دون تحويل المعارك القائمة إلى حرب شوارع والإضرار بالمدنيين.وأكدت مصادر ميدانية، أن القوات بعد إحكام سيطرتها على المطار، واصلت تقدمها الميداني، وتمكنت من تطهير ساحة العروض المجاورة غرب المطار كلياً، وتتوغل بغطاء جوي كثيف من مقاتلات ومروحيات «أباتشي» التحالف، في عدة محاور، وسط فرار عناصر الميليشيات.كما تتقدم قوات الجيش والمقاومة من الجهة الجنوبية الغربية لمطار الحديدة في عملية التفاف لتحرير مركز مديرية الدريهمي، حيث تدور الاشتباكات العنيفة في الأثناء في منطقة وداي نخل الرمان، الواقع على مشارف مركز المديرية، وفق المصادر.وباشرت الفرق الهندسية التابعة للجيش اليمني والتحالف تطهير المطار، ومحيطة من الألغام والعبوات الناسفة التي زرعتها ميليشيات الحوثي عشوائياً وبكثافة.وتمنح السيطرة على المطار القوات اليمنية سيطرة على الطريق الرابط بين الحديدة وصنعاء، وهو الخط كيلو 16 الحيوي، مما سيساهم في تأمين تقدمها إلى العاصمة.أيادي إيران
بدوره، قال الناطق الرسمي باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، العقيد تركي المالكي، خلال مؤتمر صحافي، إن تحرير مدينة الحديدة سيعود بفوائد كثيرة على اليمنيين، من ضمنها قطع الأيادي الإيرانية من هناك، ومنع إيصال الصواريخ الباليستية.وبالتزامن مع مواصلة تقدم قوات الجيش اليمني في جبهة نهم نحو الغرب لتحرير العاصمة صنعاء، أكدت قيادة التحالف مقتل 626 من العناصر الحوثية خلال أسبوع على مختلف الجبهات، إضافة إلى تدمير 253 موقعاً وآلية للحوثيين.حرب شوارع
وفي داخل الحديدة، بدت المدينة وكأنها تستعد لحرب شوارع. وبحسب أحد سكان الحديدة، فان المتمردين عمدوا منذ أمس الأول إلى «قطع شوارع رئيسية في المدينة بالسواتر الترابية وحاويات النفايات الفارغة».وأضاف، مفضّلاً عدم الكشف عن اسمه خشية تعرضه للاعتقال، «حفروا (المتمردون) خنادق في الشوارع بعمق نحو مترين». وتابع «الحركة في المدينة اليوم تبدو شبه مشلولة».وبحسب شهود عيان، فإن الميليشيات الحوثية فرت باتجاه وسط المدينة، وتتمركز وسط الأحياء السكنية، ونشرت قناصتها في الفنادق والعمارات السكنية، مؤكدين أنها قصفت بالدبابات الأحياء السكنية شمال مطار الحديدة، بعد دحرها منه.وفخخت الميليشيات الحوثية بآلاف الألغام الأرضية الحارات السكنية في مدينة الحديدة، وعملت على تلغيم مداخلها لمحاصرة الساكنين فيها واستخدامهم دروعاً بشرية، كما تواصل حفر الخنادق واستحداث المتاريس في الأحياء السكنية.حركة النزوح
ومع استمرار الحرب، تتزايد حركة النزوح نحو مناطق أخرى مجاورة وبينها العاصمة صنعاء على بعد 230 كلم، بحسب الأمم المتحدة، التي أعلنت أمس، أن نحو 32711 شخصاً نزحوا في محافظة الحديدة منذ أول يونيو الجاري، بينهم 3073 شخصاً في المدينة.وتوقعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر نزوح آلاف من سكان مدينة الحديدة خلال الأيام المقبلة.تسوية سياسية
ويسير الهجوم في الحديدة في موازاة محاولات مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث التوصل إلى تسوية سياسية تجنّب المدينة الحرب خلال زيارة إلى صنعاء الخاضعة أيضاً لسيطرة المتمردين بدأها السبت.وغادر المبعوث الدولي صنعاء، أمس، من دون أن يدلي بتصريح للصحافيين في المطار، غداة إبلاغه مجلس الأمن خلال جلسة مغلقة عبر الفيديو عن أمله في أن تستأنف في يوليو المقبل مفاوضات السلام بين أطراف النزاع.وبحسب المصادر، فإن غريفيث يعتبر أن هناك حالياً «فرصاً» لانتزاع تنازلات من أطراف النزاع، مع إقراره في الوقت نفسه بأن المعارك الدائرة في مدينة الحديدة تصعّب هذه المهمة.