صاحب المستشفى
الحكومة تقبل الطلبة أصحاب أقل المعدلات المؤهلة لدخول الجامعة لكي يكونوا معلمين لطلبة المدارس، آملة بعد ذلك أن يتطور التعليم المدرسي في الكويت!! نعم قد يتميز بعض المقبولين في عملهم كمعلمين مستقبلا، لكن هذا هو الاستثناء الشاذ غير القائم على أسس منطقية واضحة أو أرضية نجاح واقعية.
صاحب مستشفى خاص قرر من باب الخدمة والمسؤولية المجتمعية أن يخصص منحاً دراسية لدراسة الطب لخريجي الثانوية على أن يمنحهم وظائف في مشفاه الخاص بعد استكمالهم دراسة الطب. شكل لجنة لدراسة طلبات الراغبين في الحصول على المنحة الدراسية، وبالفعل قامت اللجنة باختيار 12 طالبا وطالبة لنيل المنح الدراسية، علما أن الطلبة المختارين كان بعضهم من أصحاب التخصص الأدبي وبعضهم الآخر كانوا من الحاصلين على معدلات دون الـ80% في الثانوية العامة!!أعتقد أن الانطباع العام لكل من يقرأ هذه الحالة بأن المصير المحتوم لهذه المنح الدراسية هو الفشل، أو على الأقل المعاناة قبل تمكن الطلبة الحاصلين على المنح من النجاح والتخرج كأطباء، وهو أمر من المرجح ألا يتحقق، نعم قد يكون هناك استثناء شاذ لما هو متوقع، وقد يتخرج طبيب بارع من هذه المجموعة، ولكن ذلك لن يعدو كونه استثناء غير قائم على أسس منطقية واضحة أو أرضية نجاح واقعية.
الحالة المذكورة لصاحب المستشفى الخاص وإن كانت افتراضية إلا أنها تشبه إلى حد كبير حالة حكومة دولة الكويت الموقرة في النموذج الحقيقي التالي والمطبق منذ سنوات؛ فالدولة تقبل مئات الطلبة من خريجي الثانوية للالتحاق بالسلك التعليمي كمعلمين بعد اجتيازهم الدراسة الجامعية أو التطبيقية، وهو أمر جيد كمبدأ إلا أنها في الوقت ذاته تحدد نسب القبول للالتحاق بكليات التربية والتربية الأساسية بنسب قليلة إذا ما قورنت بالتخصصات الأخرى كالطب والهندسة والعلوم الإدارية والحقوق!!بمعنى أن الحكومة تقبل الطلبة أصحاب أقل المعدلات المؤهلة لدخول الجامعة لكي يكونوا معلمين لطلبة المدارس، آملة بعد ذلك أن يتطور التعليم المدرسي في الكويت!!نعم قد يتميز بعض المقبولين في عملهم كمعلمين مستقبلا، لكن هذا هو الاستثناء الشاذ غير القائم على أسس منطقية واضحة أو أرضية نجاح واقعية، وهي الحال نفسها مع صاحب المستشفى الذي قدّم المنح الدراسية لكنه لم يختر الأفضل من بين المتقدمين لهذه المنحة.تخيلوا فقط أن يكرر صاحب المستشفى معايير اختياره نفسها للحاصلين على منحة دراسة الطب سنويا، وهو بالضبط ما يحدث لنا في الكويت، فقد تراكم طلبة الثانوية من أصحاب أقل معدلات القبول في الجامعة على مر السنين وأصبحوا اليوم معلمين وموجهين ومديري مدارس أيضا، وفق معيار الأقدمية في كثير من الأحيان!!نوابنا الأفاضل تركوا هذا الواقع غير السوي وطالبوا بإلغاء اختبار الآيلتس كشرط للابتعاث... "عفية عليكم".