إيكاترينبورغ من مدينة المافيات إلى حاضنة المباريات

نشر في 22-06-2018
آخر تحديث 22-06-2018 | 00:00
قبر ميخائيل كوشين في مدينة ايكاترينبورغ
قبر ميخائيل كوشين في مدينة ايكاترينبورغ
وضعت مدينة ايكاترينبورغ الروسية خلفها ماضيها كحاضنة للجريمة المنظمة وعمليات القتل الممنهجة، لتصبح إحدى المدن المرحبة بشغف كرة القدم خلال كأس العالم 2018، حالمة بمستقبل أكثر إشراقا.

يبلغ عدد سكان هذه المدينة الصناعية 1.5 مليون نسمة، وتقع في الشرق الروسي، على بعد أكثر من ألف كلم من العاصمة موسكو، في أقصى شرق البلاد، وتستضيف مباريات في المونديال الممتد حتى 15 يوليو، ومنها اللقاء الخميس الذي تم أمس بين فرنسا والبيرو ضمن الجولة الثانية لمنافسات المجموعة الثالثة.

تؤكد جولة في مقابر المدينة التحول الكبير الذي شهدته ايكاترينبورغ في العقدين الماضيين، لتصبح قادرة على استضافة مباريات من الحدث الأبرز عالميا في اللعبة الشعبية الأولى، والذي ينتظره المشجعون كل أربعة أعوام.

وبين شواهد قبور القادة السوفياتيين السابقين وأستاذة الجامعات وأبطال "الجيش الأحمر"، يبرز قبر ميخائيل كوشين الصامد رغم مرور السنوات.

الشاهد على قبره يقدم عنه صورة بالحجم الطبيعي، مرتديا بذلة رسمية ومن يده اليسرى تتدلى مفاتيح سيارة مرسيدس، في إشارة لا لبس فيها إلى نمط الحياة المترف والممول من الجريمة المنظمة لهذا العضو السابق في "المافيا الروسية" التي سيطرت على المدينة بعد تفكك الاتحاد السوفياتي (1991)، وبعد ذلك بثلاث سنوات، اغتيل كوشين وهو في الرابعة والثلاثين من العمر.

مقبرة شيروكوريشينسكوي

على بعد خطوات في مقبرة شيروكوريشينسكوي غير البعيدة عن وسط المدينة، دفن قياديون آخرون من هذه العصابة، حيث قضى عدد كبير منهم في حرب عصابات متبادلة اندلعت في ايكاترينبورغ خلال التسعينيات، بين ما كان يعرف بـ "العصابة المركزية" وغريمتها "أورالماش".

في حقبة انهار فيها الاقتصاد، تقاتلت العصابات من أجل كل شيء: نوادي القمار والكازينوهات، والمصانع الكبيرة في المدينة، وصولا إلى "حماية" المتاجر المحلية، في خطوة كانت تحايلا منمقا على ابتزازها. وهي فترة مظلمة في تاريخ المدينة يفضل سكانها نسيانها، على رغم أن القبور وشواهدها ستبقى حاضرة لتذكيرهم بها.

هيمنت العصابات والمافيات على العديد من المدن الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لكن بحسب تريتياك، كانت المشكلة أكثر حدة في ايكاترينبورغ نظرا لثرواتها ومصانعها وشركات المناجم.

في الحي الشمالي من أورالماش، مقبرة أخرى تحتضن أفراد العصابات المغدورين، في قبور فخمة تصل قيمة شواهدها إلى 2.5 مليوني روبل (40 ألف دولار أميركي). هؤلاء هم قادة "عصابة أورالماش" التي سميت كذلك تيمنا بهذه المنطقة ومصانع ثقيلة التي ما زالت حاضرة في الضواحي.

وعلى غرار رجال العصابات "المركزيين" في مركز ايكاترينبورغ، قتل أعضاء عصابة أورالماش خلال حقبة التسعينيات، وبعضهم في أعمار شابة.

وضعت الزهور إلى جانب تماثيل نصفية لثلاثة زعماء من أورالماش، علما أن المقابر جهزت المقابر بكاميرات مراقبة لدرء المخربين واللصوص وحتى السياح.

وتتابع تريتياك أن المدينة "تبدلت كثيرا، تصبح أوروبية أكثر وأكثر، ومعولمة"، مضيفة "انها مدينة حديثة، التواجد في شوارعها آمن، وكل البنى التحتية تغيرت (...) الآن إدارة المدينة هي التي تسيطر عليها وليس العصابات".

وترى تريتياك في كأس العالم فرصة إيجابية تتوج عودة المدينة إلى حال طبيعية بعد أعوام مظلمة، مضيفة: "يبدو أن كأس العالم شكلت فرصة ليسمع العديد من الناس باسم مدينتنا للمرة الأولى، وهذا أمر جيد للترويج لنا، وسيجذب المزيد من الناس للعودة".

back to top