أول العمود:
إذا كان تطبيق بصمة الحضور دفع ٥ آلاف موظف حكومي للاستقالة، فماذا لو تم تطبيق نظام تقييم أداء الموظفين بشكل جيد، وضُيق الخناق على "المرضيات" المشبوهة؟***يبدو أن البلد يسبح في بحر الانتخابات ومصالحها البغيضة، ويتضح ذلك في "حشرية" كثير من نواب الأمة بالتدخل في كل شيء يطفو على السطح، وكأنهم مسؤولون عن تفاصيل حياة الناس، فمن طرْدِ المطربين والمفكرين من المطار، ومنعهم الاحتفالات، والتوسط لمخالفي القانون في المخافر، وتدخلهم في توظيف قياديين بمناصب رفيعة، إلى أن ندخل اليوم على نوع جديد من التدخلات وهو "إسعاف" فئة من الطلبة ممن لا يتقنون الإنكليزية، ومنحهم الفرصة لاستكمال دراستهم في الخارج عبر منع وزير التربية من ممارسة صلاحياته في تثبيت اختبار القدرات.نواب الأمة- في أغلبهم- يبحثون عن الصيد السهل والثمين في آن معاً، فهم لا يملكون القدرة على تطوير التعليم عبر صلاحياتهم التشريعية والرقابية، بل يستعرضون قواهم في التدخل في مسائل إدارية بحتة من اختصاص التعليم العالي الذي يتعامل مع قوانين جامعات رفيعة المستوى، ويحدد الشروط الخاصة بالقبول. نحمد الله على قرار المحكمة الكلية تأييدها قرار وزارة التربية الاستمرار في شرط اختبار القدرات، لكن المطلوب حالا أن يخرج مسؤول في وزارة التعليم العالي يشرح تفاصيل ما يحدث في ملف الابتعاث للخارج، وأنا على يقين أن حديثه سيقلب الطاولة على نواب الأمة. ولمَ التكهن؟ فهذا السيد محمد المعتوق مدير إدارة البعثات في التعليم العالي يؤكد في حديث صحافي نشر في الزميلة القبس بتاريخ ٢٧ يناير 2016 أن ما نسبته ٢٥٪ من المبتعثين يتعثرون في دراستهم بسبب اللغة الإنكليزية، وأسباب اجتماعية! طبعا النواب الأفاضل لا يدفعون تكاليف التعثر الدراسي البالغة ٦٠ مليون دينار خلال 2012-2017 من جيبهم الخاص، وفي الوقت نفسه يدَّعون الحفاظ على المال العام، وقد يأتي اليوم الذي يطلبون فيه إسقاط الديون المستحقة للتعليم العالي من هؤلاء الطلبة، كما كان شأن أسلافهم في المطالبة بإسقاط القروض عن الناس! أتمنى على وكيل التعاليم العالي د. صبيح المخيزيم أن يفي بوعده في نشر الأرقام التي تُلجم هذا العبث. العلة التي يهرب منها نواب الأمة هي التغاضي عن كارثة التعليم التي ساهموا في تدهوره عبر تدخلاتهم التي وصلت إلى المناهج، فبالله عليكم، كيف يسكتون عن جريمة اثني عشر عاما يدرس فيها طلبة دولة الكويت الإنكليزية، فيخرج معظمهم بلا إتقان لها، هذا فضلا عن العربية؟! ألا يستحق هذا الموضوع تدخلا حكوميا- نيابيا؟ لسنا بحاجة أن "نشتط" كلما أعلنت منظمة أو جهة عالمية تصنيفا للدول في مجال من المجالات لنعلم تصنيف الكويت في التعليم، أو المعلوماتية، أو الشفافية. لسنا بحاجة لذلك، فنحن ندرك مشاكلنا من طريقة تعامل الساسة معها، فعندما حدثت مشكلة العمالة الفلبينية تم تفصيل اتفاقية خاصة لهذه الجنسية وكأنه لا يوجد قانون عام للعمالة المنزلية، غير مدركين الخطر المستقبلي لهذا النهج من خلال تحفيز جاليات أخرى للسير بالطريق نفسه وهي الضغط والتهديد. واليوم، مع موضوع اختبار القدرات عرفنا- ليس من اليوم- أن طريقة تدريس الإنكليزية فاشلة وفاسدة، فلجأنا إلى طريقة "لي ذراع" وزارة التربية لإلغاء الاختبار لغرض زج طلبة غير مؤهلين للدراسة في الخارج. السؤال هنا: لماذا يتعثر طلبتنا في اختبار اللغة مع ميزانية تقارب المليار و٨٠٠ مليون دينار تصرف على التعليم؟ من يقف مع المماطلة في ملف الشهادات المزورة لا يجرؤ على إجابة هذا السؤال.
مقالات
من يُدمر التعليم يهدد أمن البلد
24-06-2018