المونديال طار... شدوا حيلكم يا عرب!
تفاصيل ملف الرياضة العربي لا تختلف كثيراً عن ملفات السياسة والاقتصاد والتنمية العربية المتردية، لكن الفارق أن إخفاقات الرياضة نتائجها فورية وواضحة للعيان، ولا يمكن إخفاؤها، وفيما عدا اختراق هنا أو هناك، أو انتصار رياضي عربي بجهود فردية ووقتية، فإن الصورة الشاملة للرياضة العربية لا تتناسب أبداً مع التعداد السكاني للعرب، والتنوع الجغرافي، والإمكانيات الاقتصادية التي تملكها هذه الأمة وتعجز عن توظيفها لتحقق تميزاً بين الأمم في أي مجال من مجالات التفوق والتنافس بين الشعوب.ورغم أنه كان هناك موقف من بعض العرب تجاه المشاركة في كأس العالم (المونديال)، المقام حالياً في روسيا، بسبب الجرائم التي قامت بها موسكو في سورية، فإن الصورة الهزيلة للعرب -مع الفارق بين الفرق العربية المشاركة- كانت متوقعة، وخاصة بعد أن توجهت بطولة المونديال إلى المنحى التجاري، عبر زيادة الفرق المتأهلة إلى تلك المنافسة، ما يجعل التصفيات القارية في آسيا وإفريقيا سهلة، بينما تتضح المستويات الحقيقية للفرق عندما تصل إلى مباريات المونديال مع الفرق القوية والمتأهلة عن جدارة في تصفيات جدية، سواء في أوروبا أو أميركا اللاتينية.العرب، أو تحديداً الأنظمة السياسية العربية، ترى في الرياضة مجالاً خصباً للتنفيس عن الجماهير العربية، بعيداً عن السياسة وشؤونها الحياتية اليومية وحقوقها الإنسانية، وكذلك للترويج لنفسها، وأحياناً تتوهم الجماهير العربية أنها تستطيع أن تحقق إنجازاً رياضياً عالمياً دون أن تحقق نهضة حقيقية سياسية واقتصادية واجتماعية، وهو وهم لن يتحقق، فلا يوجد في سجل الفائزين بكأس العالم دولة غير ديمقراطية وغير متطورة اقتصادياً واجتماعياً، بل حتى الصين، ذات المليارات من البشر، لم تحقق بطولة دورة أولمبية! والسنغال التي فازت في أولى مبارياتها بالمونديال لديها نظام ديمقراطي وانتقال سلمي للسلطة بين الرئيس المنتخب والمنتهية مدة ولايته دستورياً.
المضحك، وربما المبكي، أن المعلقين الرياضيين العرب، وبعد النكسات المتكررة، ورغم مشاركة العرب في المونديال منذ عام 1934، أي منذ 84 عاماً، يكررون أكليشيهات التخدير للجماهير، مثل: "كانت مشاركتنا مشرفة، ورفعنا علم بلدنا"، أو "كانت مشاركة مفيدة تعلمنا منها للمستقبل"، أي مستقبل بعد 80 سنة ذهاب للمونديال والعودة بخفي حنين؟!وحتى لا أزيد من جرعة جلد الذات، وتكرار مصائبنا العربية، وأكون إيجابياً، لدي اقتراح ربما يخلق في المستقبل أكبر وأضخم بطولة دوري كرة قدم في العالم، وذلك لو تخلينا كعرب عن نعراتنا المناطقية وتعصبنا وخلافاتنا السياسية، بأن يطلق دوري الدول العربية لكرة القدم من درجتين؛ ممتازة وأولى، من الكويت حتى موريتانيا، وتتأهل له 3 فرق من كل دولة عربية، ويكون على مدى موسم كامل من أغسطس حتى مايو تكون إدارته من حكام ولجان انضباط دولية في السنوات الأولى، لتخفيف حدة الاحتقان والمشادات العربية.بالتأكيد مثل هذا الدوري الضخم سيوجد أسواق إعلان عربية ضخمة، وسيخلق رعاة للبطولة والأندية على مستوى جميع الدول العربية، وسيكشف مواهب كبيرة، حتى لا تكون المواهب الكروية على مديات بعيدة، كما يحدث حالياً، يظهر اللاعب رابح ماجر، وبعد سنوات طويلة يظهر النجم محمد صلاح.لاشك أن عملية التطور السياسي والاقتصادي العربي ستأخذ سنوات طويلة، لكن هذا لا يعني أن نستسلم للواقع الرياضي الحالي، ويجب أن نحاول رفع شأن رياضاتنا بكل السبل والأفكار الممكن تحقيقها.